ذكرياتنا هل تموت؟ ربما نفقد بعضها وربما يخفت البعض الآخر منها لكن الجزء الحبيب والعميق في النفس يظل الصدى يهز شغاف القلب بين الحين والحين··
قراءة كتاب شخصيات وذكريات - المجموعة الثانية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
شخصيات وذكريات - المجموعة الثانية
الصفحة رقم: 6
الرسالة الثالثة في هذه الذكريات: محاولة لإعادة رسم الخارطة الفنية - الثقافية، في العراق أولاً، ثم في المنطقة؛ واختيار العراق باعتبار أن يوسف العاني يمارس نشاطه هناك، وصولاً إلى محاربة النسيان المتعمد أو نتيجة الإهمال في المنطقة كلها·
إنّ أقرب الأشياء إلينا هي أكثر الأشياء قابلية للنسيان، ربما نتيجة الألفة، أو بسبب العادة، ولا نكتشف أهمية هذه الأشياء إلاّ إذا فقدناها، إذا أخذت بالابتعاد ثم بالغياب· وهذا يقتضي وضع سلم جديد للأولويات، والتعامل معها بطريقة موضوعية، وفي الوقت المناسب، لأنه، وحسب نظرية الاحتمالات لا تتكرر الحالات إلاّ نتيجة كم كبير من العوامل، مما يتطلب أن ننظر إلى الفن، والإبداع بصورة عامة، بطريقة مختلفة عن نظرتنا الراهنة، إذا أردنا للفن، للإبداع، أن ينمو ويتطور ضمن ظروف طبيعية ومتناسقة، مع الأخذ بعين الاعتبار عمر الإنسان، والظروف التي يعيش فيها·
هذه بعض الرسائل التي أراد أن يقولها لنا يوسف العاني من خلال شخصيات وذكريات·
لكن هناك رسالة لا تقل أهمية عن هذه الرسالة، لم يقلها، مباشرة، يوسف، وإن كانت حاضرة غائبة في آن واحد، وهي الرسالة الخاصة: يوسف العاني نفسه، ودوره في الحياة الفنية العراقية والعربية·
قد لا يكون دوره، هنا والآن، وفي هذا الكتاب بالتحديد، مع أنه جعلنا نطل على نصف قرن من الفن، وهو خلال نصف هذا القرن كان هاماً وأساسياً، إذا استبعدنا الصفات الأخرى، ومع ذلك لم نر وجهه وآثاره إلا لماماً ومن خلال الآخرين، في الوقت الذي يستحق وقفاتطويلة أمام مسرحه ونصوصه، والتعامل معه بطريقة تمكننا من رؤية هذا القلب الكبير، ومعرفة هذا الجهد المتواصل، لنتأكد في النتيجة، أنه رغم الظلمات والمصاعب والتحديات، هناك غد ينتظرنا، ولا بدّ أن يكون أجمل منا لأيام التي نعيشها الآن· شكراً يا يوسف، على الذكريات والذين غابوا، في قبورهم الخضراء، يقدرون ما فعلت·
أيلول 1998