يضم هذا الكتاب، العديد من المفاهيم المستخدمة للتعبير عن قضايا سياسية محدده، ومع ذلك، لا نجد ضرر اذا قمنا بتحديد أهم المفاهيم التي يتطرق إليها هذا الكتاب· ويبدو ان أهم هذه المفاهيم هي تلك المتعلقة بتحديد مفهومي العرب وأوروبا·
أنت هنا
قراءة كتاب العرب وأوروبا - رؤية سياسية معاصرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

العرب وأوروبا - رؤية سياسية معاصرة
الصفحة رقم: 3
المرحلة الأولى: مرحلة ظهور الإسلام
وقد بدأت هذه المرحلة مع بداية الدعوة الإسلامية، والفتوحات الإسلامية وانتشار الإسلام، وهي الفترة الزمنية التي تمتد من القرن السابع إلى القرن الحادي عشر، حيث كان الغرب يعيش في حالة انحطاط فكري، ومادي، ملموس وملاحظ - على الأقل - بالمقارنة مع الدين والحضارة الجديدة الفتية المتمثلة بالإسلام·
فمنذ القرن الثاني عشر، وهو تاريخ ترجمة القرآن من قبل رجال الدين المسيحيين إلى اللغة اللاتينية، كانت صورة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) - في أذهان الغربيين - على أنه نبي كاذبFaux Prophete ، كافر Apostat، داعر Lubrique، وزانFornicateur، أما مفهوم الإسلام في المخيلة الغربية، وبخاصة الفرنسية، فقد كان مرتبطاً بروح الغزو، والعنف، والتعصب(7)·
وفي هذه المرحلة، تكرست النظرة المسيحية (الغرب) للإسلام وحضارته (الشرق) بنقطتين أساسيتين:
الأولى: أن الإسلام دين شهواني ومادي في فكره، مستندة في ذلك إلى قضية تعدد الزوجات·
الثانيةً: القوة والعنف والعدوان (8)·
ما يجب ملاحظته، هنا، أنه في حين كان المسيحيون العرب في نجران معتدلين تجاه الإسلام، فإن الغرب قد احتفظ عن الإسلام بصورة قاتمة، لأن ثمة ارتباطاً في ذهنية الغربي ومشاعره بين الهجمات البربرية على أوروبا والغزوات العربية· وما تزال هذه الأفكار حية في أذهان بعض المفكرين الغربيين إلى يومنا هذا، وبالتالي، لم يستطع الغرب طيلة العصور الوسطى، أن يفرز صورة متماسكة واضحة، وصحيحة عن الإسلام·
ولقد صور الأدب الشعبي في الغرب - في القرون الوسطى - المسلمين صوراً ما تزال ماثلة في اللاشعور الجمعي (l'inconscience collective) للغربيين من أبرزها الصور التالية:
اعتبار الإسلام ديناً وثنياً·
اعتبار النبي (ص) ساحراً وداعياً إلى اللذات الحسية·
اعتبار القرآن خرافات مستعارة من الإنجيل بعد تشويهها·
اعتبار الإسلام جزءاً فاسداً من المسيحية·
اعتبار الإسلام قائماً على البطش والقوة حقيقة تاريخية·
اعتبار أن صورة الجنة في القرآن صورة مادية وجسدية·
اعتبار التشريع الإسلامي ترسيخاً لهذه الصورة (تعدد الزوجات)(9)·
باختصار، لقد كان محمد (صلى الله عليه وسلم) - بالنسبة للغرب - ساحرا دمر الكنيسة في إفريقيا والشرق بسحره وخداعه، وعزز نجاحه هذا، بالسماح بالانحلال الجنسي(10)·
ويعود السبب في تكوين هذه الصورة المشوهة عن الإسلام حسب رأي المفكر التونسي هشام جعيط، في كتابه أوروبا والإسلام إلى التحدي الذي كان يطرحه الإسلام هناك، وعدم المرور بتجربة التعدد الديني في المجتمع المسيحي، بينما تكون الإسلام على أساس التعايش مع الديانات السماوية الأخرى منذ البداية(11)·
وقد لخص المستشرق الفرنسي المعاصر ماكسيم رودنسون في كتابه روعة الإسلام بداية العلاقة والاتصال بين الغرب والإسلام، بالقول لقد كان المسلمون خطراً قبل أن يصبحوا مشكلة(12)·