قراءة كتاب العرب وأوروبا - رؤية سياسية معاصرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العرب وأوروبا - رؤية سياسية معاصرة

العرب وأوروبا - رؤية سياسية معاصرة

يضم هذا الكتاب، العديد من المفاهيم المستخدمة للتعبير عن قضايا سياسية محدده، ومع ذلك، لا نجد ضرر اذا قمنا بتحديد أهم المفاهيم التي يتطرق إليها هذا الكتاب· ويبدو ان أهم هذه المفاهيم هي تلك المتعلقة بتحديد مفهومي العرب وأوروبا·

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6
المرحلة الرابعة: المرحلة المعاصرة
 
وهي المرحلة الممتدة من استقلال الدول العربية والإسلامية، منذ الأربعينات والخمسينات من هذا القرن وحتى هذا التاريخ· حيث انتشرت في أوروبا مراكز البحث، والجامعات المتخصصة والمكتبات المهتمة بقضايا العرب والمسلمين والشرق عموماً، كنوع من الامتداد الطبيعي والمنطقي لظاهرة الاستشراق، أو كما سماها أستاذ العلوم السياسية اللبناني غسان سلامة، في تعليقه على ظهور كتب كثيرة ومتنوعة بشكل واضح ومثير للانتباه، حول العرب والإسلام في فرنسا بمرحلة الاستشراق الجديدة(26)·
 
وفي هذه المرحلة، نجد، أن الصورة النمطية السيئة والقاتمة للإسلام والعرب في العصور الوسطى، وما تلاها من مرحلتي استشراق واستعمار، لا تختلف كثيراً عن الصورة النمطية المرسلة عن طريق وسائل الإعلام الغربية الحديثة التي يصوغها السياسيون والإعلاميون، ومن يسمون اليوم بخبراء الإسلام والدراسات الشرقية وشؤون الشرق الأوسط، في المجتمعات الغربية(27)·
 
ومما يلفت النظر في هذه المرحلة، أن نتائج الباحثين الغربيين المعاصرين، تؤكد آراء وأفكار ما قاله وما توصل إليه المفكرون في القرون الوسطى وفي مرحلة الاستشراق· فالجانبان يعتقدان ويصران على فكرة، أن الإسلام وانتشاره يمثلان خطراً حقيقياً، باعتبار أن الإسلام دين غير حضاري، ولا يساعد على التطور والتقدم، بل إنه قد يؤدي إلى تدمير الحضارة الغربية والقضاء عليها·
 
ويبدو، أن هذه الأفكار والطروحات (القديمة الجديدة، والمتجددة باستمرار) عادت إلى أرض الواقع السياسي - في هذه الأيام - من خلال كتابات البعض من أمثال صمويل هنتننغتون وكتابه صراع الحضارات (28)، مشيراً إلى أن العدو الجديد، بعد اختفاء الخطر الشيوعي، يتمثل في الإسلام، وكذلك كتاب نهاية التاريخ والإنسان الأخير (29)، للكاتب الأمريكي من أصل ياباني فرنسيس فوكوياما، الذي يرى في النظام الرأسمالي (الخلاص الأبدي للبشر على الأرض)، وأن الإسلام على الرغم من ضعفه وتفككه، قد يهدد هذا الدين الجديد المنتصر (الرأسمالية)·علماً بأن العالم الإسلامي لا يشكل كتلة واحدة سياسياً أو اقتصادياً، ولا يمثل مجتمعا واحداً متجانساً، أو حتى فكراً سياسيا واحدا، وان كانت واحدة في جوهرها الفكري والعقائدي(30)·
 
وأيا يكن من حال، فإن مرحلة القرن العشرين هي التي سنركز عليها، حيث سنلقي الضوء على مجمل جوانبها الإعلامية والسياسية والفكرية الفرنسية· ونبدأ بالإشارة إلى ديباجة ميثاق منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، عن أسباب الحروب، والفوضى في العلاقات الدولية ·
 
حيث تؤكد هذه الديباجة، أهمية دور الإعلام في الوصول إلى السلام والأمن، وأن جهل الدول لأنظمة حياة بعضها بعضاً، هو الذي يخلق الشك وعدم الثقة بين شعوبها، ذلك الشك الذي يقود إلى الصراعات والحروب، وأن وظيفة الإعلام أن يساعد في تغلب العالم على جذور المشاكل، واقرار العدالة بين الشعوب، ووقف العدوان، وأشكال الاستعمار الجديدة كافة· وأن دور الإعلم في تعامله الدولي يجب أن ينصب على التفاهم الدولي، وتنشيط العناصر التي تساعد على تلاقي الثقافات والحضارات، ونشر المعرفة، والتذكير بأهمية حياة الإنسان(31)·
 
ولا شك أن هذه الديباجة تظهر دور الإعلام وأهميته في الاتصال الدولي، لتكريس مفهوم السلام والتعايش والتعاون بين الشعوب والحضارات، إلا أن السؤال المهم والضروري هنا هو: هل هذه الآراء والأفكار، والمقترحات، والمبادئ الأخلاقية،هو ما تقوم وتعمل به الدول الغربية (الأنا) صاحبة النفوذ والقوة الاقتصادية والسياسية تجاه (الآخر) الضعيف المفكك، أسير نزاعاته الداخلية والخارجية، والمتمثل في الشرق، العرب والمسلمين بشكل خاص، ودول الجنوب بشكل عام؟
 
هذا ما سنحاول الإجابة عنه، في الجزء الثاني من هذه الدراسة، بالتركيز على دور الإعلام وتأثيره لدولة أوروبية من الدول العظمى في العالم، هي فرنسا، من خلال تحليل وجهات نظر إعلامها المختلفة حول العرب والمسلمين الذين يشكلون - حسب الإحصاءات الفرنسية الرسمية - ثلاثة ملايين نسمة، ويعد الإسلام بذلك ثاني أكبر طائفة دينية في فرنسا بعد المسيحية الكاثوليكية(32)·

الصفحات