يضم هذا الكتاب، العديد من المفاهيم المستخدمة للتعبير عن قضايا سياسية محدده، ومع ذلك، لا نجد ضرر اذا قمنا بتحديد أهم المفاهيم التي يتطرق إليها هذا الكتاب· ويبدو ان أهم هذه المفاهيم هي تلك المتعلقة بتحديد مفهومي العرب وأوروبا·
قراءة كتاب العرب وأوروبا - رؤية سياسية معاصرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

العرب وأوروبا - رؤية سياسية معاصرة
الصفحة رقم: 8
أ· الرأي العام الفرنسي والقضايا العربية
إن موقف فرنسا من العرب والإسلام لا يختلف عن بقية الدول الغربية التي ترى العرب على أنهم شعب بدائي، متخلف، بدوي· ولذلك لم تتردد فرنسا في الاعتراف بإسرائيل عام 1948، ومساعدتها في بناء ترسانتها العسكرية، وحتى الذرية منذ الخمسينات من هذا القرن·
وقد حاولت فرنسا تكريس مفهوم صراع الحضارات من خلال الاستعمار أولاً، ومن خلال الحملات العسكرية المتكررة ثانياً، كعدوانها المشترك على مصر عام 1956، كمحاولة يائسة منها للرد على دعم جمال عبد الناصر للثوار الجزائريين، إضافة إلى بحثها الدائم المستمر عن دور ومكان في الشرق الأوسط·
وعلى الرغم من وجود قيادي قومي قوي مثل شارل ديغول عام (1958-1969) الذي حاول أثناء الحرب الباردة أن يخط طريقاً ثالثاً مستقلاً يختلف عن القوتين العظمييـــــن آنـــــذاك، إلا أن الإعلام الفرنســـي كان أقوى منه واتهمه باللاسامية Anti-Semitisme، لوصفه شعب إسرائيل - في مؤتمره الصحفي المنعقد في 72 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1967 بأنه من النخبة، واثق من نفسه وميال إلى السيطرة Sur de soi et Dominateur"
(33)، ولمحاولته، ايضا، أخذ موقف محايد نسبياً من الصراع العربي الإسرائيلي عام 1967 (34)·
ويمكن فهم دور الإعلام الفرنسي وتأثيره على الرأي العام الفرنسي، بمناقشة بعض مواقف الرأي العام الفرنسي، ورأيه في بعض القضايا السياسية العربية الدولية، خاصة القضايا المتعلقة بفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية·
فمثلاً في حرب 1969، استطاعت وسائل الإعلام الفرنسية أن تخلق رأياً عاماً - أو فلنقل على الأقل - أن تُكوّن أو تُشكل رأياً عاماً فرنسياً مؤيداً للمواقف والسياسات الإسرائيلية· وهذا ما لمسناه ولاحظناه أثناء حرب حزيران/ يونيو عام 1967، أو حسب تعبيرالصحفي المصري محمد حسنين هيكل نكسة 76(35)·
الواقع يقول، إن الخط الثابت في تعامل الرأي العام الفرنسي مع العرب وإسرائيل، هو مساندته التاريخية والتقليدية للدولة اليهودية· وهذه الحقيقة تتأكد باستمرار، كلما شعر، بأن إسرائيل تواجه خطر الزوال بسبب السلوك العدواني لجيرانها العرب
فخلال حرب حزيران / يونيو عام 7691، وفي استطلاع حول سؤال: في حالة وقوع نزاع بين إسرائيل والبلدان العربية مع من تتعاطف؟ كان الجواب كالتالي: إسرائيل 85%، البلدان العربية 2%· وحتى بعد أن دمرت إسرائيل الجيوش العربية واحتلت أراضيها،فإن مشاعر الرأي العام الفرنسي لم تتغير كثيراً كما تدل على ذلك نتائج الاستطلاع التالي: المساندون لإسرائيل 65%، أما البلدان العربية 2%· وحول سؤال من المسئول عن الحرب كان الجواب كالتالي: إسرائيل 6%، البلدان العربية 45% (36)·
وقد استمر هذا الدعم المادي والمعنوي لإسرائيل، من خلال الرأي العام الفرنسي في حرب أكتوبر 1973، حيث عبر 55% من الفرنسيين عن عدم ارتياحهم، وعدم مشاطرتهم لموقف حكومة بلادهم - المتوازن والحيادي إلى حد ما - إزاء الشرق الأوسط، في مقابل30% فقط أعلنوا عن مساندتهم لهذه السياسة(37)·
وفي عام 1982، وعلى الرغم من غزو إسرائيل للبنان، وتورطها في مذابح صبرا وشاتيلا ضد الفلسطينيين، فإن استطلاعاً للرأي العام، أثبت أن 73 %بالمائة من المستجوبين عبروا عن استمرار تعاطفهم العميق مع إسرائيل، في حين لم يتجاوب مع مطامح الشعبالفلسطيني سوى 12% (38)·
أما في حرب الخليج الثانية عام 1991، فقد كانت غالبية الفرنسيين ضد الحرب، وقد عبرت صحيفة ليبراسون Liberation" عن ذلك في عنوان صارخ، لا دم من أجل النفط الأمريكي ولا تضحيات أوروبية من أجل مصالح أمريكية، وقد أظهرت مراكز دراساتاستطلاعات الرأي العام ن 29% من الفرنسيين يعارضون الحرب(39)· ولكن قبل اسبوع من بداية المعارك، خرج الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران ليقول وبصراحة وبالحرف الواحد :
بعد الحرب، سيكون هناك اقتسام جديد للمصالح ثم ذكر الرأي العام الفرنسي برفض العراق للدور الفرنسي والأوروبي في حل الأزمة، وأكد أن الكويت عضو في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية؛ قبل أن يعرج على الحرب العالمية الثانية، ويشرح كيف نشبت بسبب تقصير أوروبا في وضع حد لهتلر بعد دخوله إلى تشيكوسلوفاكيا· عند هذا الحد أعلن الرئيس الفرنسي أن حرباً عالمية ثالثة قد تنشب، إذا ما سكت العالم عن استيلاء العراق على الكويت، ويصبح صدام أكبر مالك للنفط واحتياطاته(40)·