أنت هنا

قراءة كتاب الأرض الطيبة - بيرل بَك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأرض الطيبة

الأرض الطيبة - بيرل بَك

إنها الأديبة الأميركية الفائزة بجائزة نوبل العالمية للآداب.
عرفت الروائية الشهيرة بيرل بك بقصصها ذات الطابع الصيني الآسيوي. ذلك أنها ترعرعت وعاشت أول عهدها بالكتابة، في الصين.

تقييمك:
4.5
Average: 4.5 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
ووقف لدى الباب الخارجي فترة طويلة، يتطلع إليه. وكان مغلقاً بإحكام وقد أطبق مصراعان ضخمان من الخشب. لم يكن هناك أي مخلوق سواه. فعاد أدراجه إذ بدا له الأمر مستحيلاً.
 
وشعر فجأة بإعياء، ورأى أن يذهب أولاً ليبتاع قليلاً من الطعام، إذ إنه لم يكن قد تناول شيئاً.. كان قد نسي كل شيء عن الطعام، وقصد إلى مطعم صغير في الشارع، فجلس وهو يضع بنسين على المائدة. واقترب منه نادل قذر يرتدي مئزراً أسود لامعاً، فناداه قائلاً «ائتني بقدحين من العصيدة!»، حتى إذ أحضرهما له، التهمهما بشراهة، دافعاً محتوياتهما إلى فمه دفعاً بعودي الخشب، بينما وقف الصبي يقلب العملتين النحاسيتين بين إبهامه وسبابته السوداوين. وسأله الصبي في غير اكتراث: «هل تريد مزيداً؟».
 
فهز وانغ لنغ رأسه أن لا، واستوى في جلسته وأجال نظره فيما حوله لم يكن في الغرفة الصغيرة المنظمة المزدحمة بالموائد شخص يعرف. وإنما كان هناك نفر قليل يأكلون أو يشربون الشاي، وكان ذلك المطعم خاصاً بالفقراء، فظهر هو بينهم أنيقاً ونظيفاً، بل وميسور الحال، حتى إن متسولاً ناشده، إذ مرّ به قائلاً: «أشفق عليّ يا أستاذ، وأعطني قليلاً من النقود، فإني أموت جوعاً!».
 
ولم يكن قد سبق لوانغ لنغ أن تعرض لمتسول يسأله إحساناً، كما لم يناده أحد من قبل بلقب «أستاذ» فاغتبط لهذا، وألقى في قبعة السائل بقطعتين صغيرتين من العملة تعادلان خمس البنس، فأسرع السائل إلى سحب يده المعروقة السوداء، وأمسك بقطعتي العملة وأخفاهما في أسماله.
 
وجلس وانغ لنغ، إلى أن ارتفعت الشمس في كبد السماء، ودار صبي المطعم حوله وقد عيل صبره، ثم قال أخيراً بوقاحة بالغة: «إذا لم تطلب شيئاً آخر، فسيكون عليك أن تدفع أجراً عن المقعد».
 
واغتاظ وانغ لنغ من هذه الوقاحة، وكاد أن ينهض لولا أن تذكر الذهاب إلى دار هوانغ والسؤال هناك عن امرأة، فتصبب العرق من جميع جسده كما لو كان يعمل كادحاً في حقل. وقال للصبي في وهن: «أحضر لي شاياً!» وقبل أن يعتدل في جلسته، كان الشاي قد حضر. وسأله الصبي في حدة: «أين البنس؟».
 
وما أشد جزع وانغ لنغ عندما اضطر إلى إخراج بنس آخر من حزامه، ودمدم يقول وهو كاره: «هذه لصوصية!».
 
ثم رأى جاره الذي دعاه إلى الوليمة يدخل المطعم، فوضع البنس بسرعة على المائدة وشرب الشاي في جرعة واحدة، ثم خرج مهرولاً من الباب الجانبي للمطعم فوجد نفسه في الشارع مرة أخرى. وتمتم لنفسه في يأس يقول: «لا بد من أداء هذه المهمة!». وتحول ببطء ميمماً شطر البوابة الضخمة.. ووجد المصراعين في هذه المرة مفتوحين، إذ كان الوقت قد فات الظهيرة، وكان حارس الباب جالساً في كسل عند المدخل، ينظف أسنانه بمسواك من الغابة، بعد أن تناول الطعام. وعندما ظهر وانغ لنغ صاح الرجل بخشونة، إذ ظن - بسبب السلة - أنه قد جاء يبيع شيئاً، «ماذا تريد يا هذا؟» وبصعوبة كبيرة استطاع وانغ لنغ أن يقول، «أنا وانغ لنغ الفلاح».

الصفحات