لقد شكلت قضايا ومفاهيم خاصة، مثل: التقليد / الحداثة، العلم / الجهل، السلم / الحرب، الحرية/ العبودية، الديمقراطية/ الاستبداد، الشرق/الغرب، التسامح / التعصب، النهضة / الانحطاط، الدين / العلمانية، التنمية / التخلف، وغير ذلك من الثنائيات المستمدة من عمق المجتمع
قراءة كتاب اللغة والفكر - دراسات نقدية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
1- الحجاج والنصوص الموازية
في النصوص الموازية التي غالباً ما يصدر بها المؤلف كتاباته، ويفتتح بها أعماله سمات لغوية مميزة، لا تخلو بدورها من روح الحجاج والإقناع الدال على نوع من التواصل المنتج والفعال بين الباحث وموضوع بحثه والأدوات التي تحكم هذه العلاقة في كافة تمفصلاتها لغوياً وخطابياً من خلال عبارات حجاجية ملئها (الصدق) وعمادها (السلمية) و(التدرج) الذي يجد سنده القوي في تضمينات مختارة لنماذج لغوية دقيقة وشواهد شعرية بليغة و آيات قرآنية مشبعة هي الأخرى بطابعها الحجاجي القوي والعميق (2).
هكذا يتابع الباحث نسج خيوط لغوية رفيعة يبني عبرها جسور التواصل الذي سيهيأ المتلقي منذ البداية لدخول عالم الإقناع والحجج وما يندرج تحتهما من أسرار وعناصر طبيعية قائمة في بنية اللغة موضوع الاشتغال، فكيف الحال إذا تعلق الأمر بخطاب قرآني كريم، يؤكد مآل ومنتهى هذه الذوات جميعاً إلى الباري تعالى، بعد أن يتوارى المال ومالكوه وما يندرج تحتهما، لتبقى الكلمة والقول شاهدين على هذا التميز، الذي منه ما هو قائم في هذا المشروع، وما هو ثاو خلف أسئلة كثيرة دقيقة وعميقة. تلك إذن كانت أولى مظاهر الحجاج، التي أبى المؤلف إلا أن تكون على هذا النحو مقدمة لتواصل أشمل وأعمق سواء عبر اللغة ذاتها أو عبر خطابات عديدة ومتنوعة تبرز بما لا يدع مجال للشك أن الحجاج حاضر في كل الخطابات بدءا من الخطاب الإلهي إلى غيره من الخطابات الإنسانية المتنوعة شخوصاً وأزمنة وأمكنة وأدوات.
غير أنه ينبغي التنبيه هنا إلى أن النصوص الموازية المتضمنة في هذا المشروع، تكشف أيضاً أن الحجاج الفعال والمنتج يستند إلى قوانين وضوابط وعناصر دقيقة، تحصن وتقوي أهدافه المتمثلة في تحقيق التواصل والتأثير والإقناع الفعال. وما الآيات المختارة سوى تأكيد صريح إلى نوع من الخلل الذي قد يصيب عملية التواصل إذا لم تقم على أسس وقوانين سليمة كتلك التي غابت من علاقة عمران وقومه الذين بنوا حوارهم معه على غير هدى ولا بصيرة، فلم يتمكنوا من إقناع أنفسهم أو إقناع عمران الذي أقام خطابه على حجج ودلائل صلبة تجاوز بها قومه فعجزوا عن إبطالها أو ردها.