قراءة كتاب كـن معطفي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كـن معطفي

كـن معطفي

كتاب "كن معطفي" نصوص نثرية للكاتبة الإماراتية ريم الشحي، الصادر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع، نقرأ من أجوائه:
بعض الوجوه يا سيدي غابة مشتعلة وحياة تتكلم!

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
طق طق طق
 
(هنا على صرير الأبواب العتيقة الجريحة، اضطربت يداي وهما تُسقطان طَرْقات نحيبي على أبواب عشقك الصلدة. أضاء النحيب اللاهث عيون مرافئ الأحياء ووجوه أفواج الأموات المسافرة في ضوء الغروب. جميعهم طرقت آذانهم طَرْقات النحيب الوحشي إلا أنت) طق طق طق!
 
سيدي هل تسمع سعال الأبواب المحطمة في قلبي، وهي تبصق على رفوفه دماً؟! هنا تحشـرجت حكاية رحيل بين الأقدام الدامية لأبصـر بينها آثار قدماك الحجرية على قلبي! ففي كل حكاية جريحة لزجة تمتص قلبي، فترافقني سفن الدمع الخائر التي تقلني كالرعد الغاضب بين حطام الذكرى، فانصب يا سيدي مشنقة عالية قبل الغياب لأطلق رصاص الخلاص على حنجرتي! وابتسم بعيون دامعة لامعة نحو مائدة موتي فهنا أنثى مصابة بخدش، تتكئ على قلب رجل ميت، وبين حبرها تبكي نواقيس الأطلال! طق طق طق! هل تسمع خطوات عقارب الزمن التي تئن تحت جلباب الدجى لتنهب عمري، وترشدني إلى رياح ثلجية تنخر عظام قلبي؟! هنا دخل العشاق حفل الحب من باب أعراس الغرام، بأياد مضمومة الأزهار.. بظمأ الشوق.. مدينة غارقة.. متوهجة.. بخفقات القلب وبأيديهم تحتك حبيباتهن اللواتي أتقنّ قواعد الحنين! ورقصاتهن الفَرِحة تُلمّع لي خنجرين عاريين بين الجبين! فاتسعتْ عيناي على فراغ ظلك متسولة حبك على أبواب حصاد الغرام، فرفعتُ سيف العجز، ويدي تلهث، وفي حضنها وجهي المُضاء بالبكاء، فمن سيراقصني يا فارسي في هذه الليلة الباردة الشعور، وأنا أرتجف رعباً عند الغروب، وقصور عشقك فتحت لقلبي شبابيك السياط؟ فاقذف قلبي بلفافة مظلمة على بحر عشقك، واكتب حدث في مثل هذا اليوم : موت أنثى، تسـرّب لقلبها سم تفاحتك الحمراء. كان قلبها معك عليلاً وفي غاية الاصفرار! طق طق طق! هل تسمع صوت أحلامي الهرمة وهي تضـرب باب عيني؟! رأيتك في حلم قاحل يُشقق الروح.. يبكي بغزارة الأوهام. كنت تُعطر شعوري بأكاليل الأمنيات! تُعبئ قلبي المفعم بالضباب بشحنة أسماء مضيئة بأطفالنا.. ترفرف على الأوهام : علي، نور، فاطمة.. فجأة في الساعات الواهمة المُرعبة، فجّرت وسادتي! أطلقتَ زنادك الوحشـي على قلبي، دستَ بعجلات قلبك بارتياح على ثوب الزفاف! أهديتني هدايا كثيفة من النواح الكئيب!
 
بعدها حملتَ من غرفتي المطفأة من الأفراح حقيبة رحيل، فأوصدتَ بأشواك الجفاء الأبواب الخضـراء، فتدلت من شفاه الطرقات آثار مأساة! استيقظتُ من قيلولتي المفزعة، مستندة على جدار الدموع، وعيناي تأسراني على موت الحكاية.. كان كابوساً حاداً، ممتلئاً بالحموضة، مكتنزاً بالحسـرات لم أذق بعده طعم ضجيج الحب، طأطأتُ جبين قلبي، وأنا أبسط جناح الحزن المُقيم، فرحبتُ بعدها بلسعة الحنين! فهل كان حقاً حلماً ناطقاً بحرائق رحيلك؟! اعذرني لم أستوعب برقيات رحيلك لاعتقادي بأنها وصلت في غاية التعذيب الأنيق، وسط سحابة غبار، وكفن مضْياف عريق! طق طق طق! هل تسمع على مسافة معينة من المقابر النفسية قلب يشهق بالألم يكدح ليأكل النيران، في سهرات مُضيئة بالموت؟! هنا على كتفي الحزن القويتين كتبتُ بلون قلبي الحافي الفرح، بنبض مهزوم، بشظايا الصوت، وصيتي التي تقتفي آثار موتي، والنعش يا سيدي ورائي! وصيتي لو جاء العيد كأغاني اليتيم ورقاً يابساً على شرفات الريح ومخدتي القبر تثقب عظمي، وتشـرب جلدي بأنين، فأنا يا سيدي لن أرفض الموت! هز بأحلى كف غصن طيفي لتسقط أوراق ذكرانا، وتبقى روائح الحنين! خذني للوحة عينيك الزيتية! واذكرني في فهرس الأمطار، وأنت تستيقظ على حدود الغد وحيداً تحترف البكاء، فقد كبرت مسافات الرحيل، والموتى يا سيدي لا يكبرون! والموتى يا سيدي لا يكبرون! اذكرني في الطلقة الأولى، وأنت تغادر ضفائري، وجلدي في الزمن البخيل! اذكرني كيف عدتُ من طقس اغتيالك للحكاية عاصفة من نار، واقفة على خنجر، وساعاتي مطلة على هدير مجزرة! فحبنا لم يلمح الميناء في ضجة الميلاد.

الصفحات