قراءة كتاب كـن معطفي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كـن معطفي

كـن معطفي

كتاب "كن معطفي" نصوص نثرية للكاتبة الإماراتية ريم الشحي، الصادر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع، نقرأ من أجوائه:
بعض الوجوه يا سيدي غابة مشتعلة وحياة تتكلم!

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 3
ترنيمات حزن
 
(كتبت نصـي هذا بعد تركي الكتابة بسبب التهاب مفاصل يدي اليمنى)
 
خلف شبّاكي يصحو حوار أشجان، وذراع إيمان تلوّح للدمع المتألق تحت سقف الأهداب، وشاءت كف الأقدار الضـريرة أن ترش من مناديلها عطر الآهات، فأنا لم أبع مهر حزني الخصيب لإنسان، لذا مارستُ موتي بشهية المقابر. باختصار شديد أدعوك يا قارئي أن تمـشي بعيون القلب على تفاصيل حقل حرفي الراجف المفروش بعبودية الأشجان.
 
الحزن سيدي أن اليد التي كانت تؤلف فقرة الحياة ذات يقظة وتُحرق هشيم الأشجان، وتلملم أقدام الأشواق، وتصنع خبز البكاء. باتت تهرول في الصمت اليابس بلا شفاه، وتنادي الحبر بانتحاب* الحزن سيدي أن تعبر أقدام الشيب آخر شريان في شَعْرِي فلا أراك، ويبقى شبح العمر ممضوغاً في التقويم فلا أراك، وتطحن الدنيا ملامح قلبي فأستفيق على دقات التلف الضوئية، وأجفف قلبي على رقعة الصبر القديم، ويُحْرم قلبي من شمس الأعياد فلا أراك. ما زلتُ رغم جحود يدي الجاهلة أتسلق جذع الحبر لأمارس على كتفيّ الألم أغنيات الصـراخ! فألعق طعم الحزن العريق، وأصاحب الظروف الثقال ونصف الأمان فلا أراك، وأعصـر وشاية شكواي على راحتيك لأسحق عظام أنيني فلا أراك، وأنزل من جسد المساء ذات بكاء أعجن الشفاه بالآهات، فتكف عيناي عن طهو النعاس فلا أراك، ويبقى في قلبي يا سيدي مكيالاً من إيمان.
 
الحزن سيدي أن تلتقطني أصابع الظلم في مجد الظلام ليشل من حاضري وجه الصباح فلا أراك، وتنثرني خيوطاً من الشقاء المجيد وتجبرني سلاسل الأقدار أن أسرق بعفة نصف الحياة الفوضوية، وشظايا الأمل المكسور وأتفاوض مع الجراح البلورية فلا أراك، فأضطرم في خيام حزني شذرات الصمت النبيل، وأقتحم بقلب أعرج فجوة الطرقات وسفح الأهداب والدعاء الحميد وطوق الأمنيات لأبحث في اتساع الكدر عن ذراعيك، وغصن الضوء لأنغمس في البكاء عليها فلا أراك. الحزن سيدي أن أقذف خطاب التبسّم المسكوب على جوف الشفاه، ويحبو الضحك المحموم على حافة وجعي، لأدفن عمداً طفل حزني في دهليز الأوراق فلا أراك! وأُنعت وأنا ألامس قعر الضحك بأنني أبرع من مـشى فوق تراتيل الأفراح وأنا أبرع من ألغى سلطة الأفراح. الحزن سيدي أن أطرق زحمة الأسماء وزوابع الآمال وجذور الأشجان والشبابيك البيضاء وغيمة القلق ولذة القيود وغصون الفرح المستعار ليستيقظ السؤال عنك فلا أراك، وأطمئن عليك في تجاويف المنام لأفتش عن أغنيات أفراح وأسأل عنك قوافل الجموع وأنا أُخْرِجْ دمعة من الأضلاع لأجتازُ سرداباً من بكاء الأفراح.

الصفحات