إن الغاية من هذا الكتاب هو توصيف وتحليل للوثائق والأحداث المعنية بظاهرة العولمة تحت شعار تحرير الأسواق التجارية والمالية بقصد الوصول إلى السوق العالمية الواحدة·إن أهم ما دفعني لإصدار هذا الكتاب تلك الاستجابة السريعة لبعض الدول الشرق أوسطية وبالتحديد العربية
أنت هنا
قراءة كتاب العولمة والتنمية الاقتصادية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

العولمة والتنمية الاقتصادية
الصفحة رقم: 1
المقدمة
رغم ما يعتقده بعض الساسة التقليديين من فصل الاقتصاد عن السياسة إلاّ أن القاعدة والنمط التي وفقهما توالت الأحداث منذ الحرب العالمية الثانية وحتى مطلع القرن الواحد والعشرين لاشك وقد برهنتا لمثل هؤلاء بأنه لافصل للاقتصاد عن السياسة، بل إن تسييس الاقتصادسيضحى صفة هذا القرن·
إن الغاية من هذا الكتاب هو توصيف وتحليل للوثائق والأحداث المعنية بظاهرة العولمة تحت شعار تحرير الأسواق التجارية والمالية بقصد الوصول إلى السوق العالمية الواحدة·إن أهم ما دفعني لإصدار هذا الكتاب تلك الاستجابة السريعة لبعض الدول الشرق أوسطية وبالتحديد العربية منها للانضمام إلى اتفاقية منظمة التجارة الدولية الجات وكأن لسان حال هذه الدول يقول دعنا نفز بحصة السبق وبالفعل فقد هرعت هذه الدول في سباق مع الزمن لوضع القوانين والتشريعات التي تكفل حرية المال والتجارة وبدأت تستعمل مكبرات الصوت لتسمع الإمبريالية العالميةبما يفيد إننا هنا في انتظار رؤوس أموالكم
هذه هو مفهومالعولمة أو السوق العالمية الواحدة في أذهان صناع السياسة الاقتصادية في تلك الدول وهو أن نشرع أبوابنا لاجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية وعليه فإن حصة الأسد من هذه الأموال ستكون للأسبق في تهيئة المناخات القانونية لاستقبال تلك الأموال·
وفق هذا النموذج في الاقتصاد الحر اعتقد مسؤولو الدول المعنية بكيفية ضمان اتصال أسواقهم واقتصادياتهم بالسوق والاقتصاد العالميين وبالتالي دخولهم عصر العولمة وهو ما شكل هدف تلك الدول·
لقد فات هؤلاء وسط غمرة الحماس والاندفاع نحو العولمة بأن هذه الأخيرة تشكل هيكلاً لمنظومة تسعى وتخطط لها الإمبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بعد هزيمة وتقهقر القطب الآخر وإنها جزء لمسلسل طويل لم تكتمل حلقاته بعد لجهل مخرجيه بنهايته· و أن ما هرول إليه ساسة الدول المعنية ما هو إلا بعض تخرصات·
لقد ظن هؤلاء بأن انتسابهم السريع لناديالجات - اتفاقية منظمة التجارة الدولية - تمنحهمهالة الأعضاء المؤسسين الذين لابد وأن ينالهم النصيب الأوفر من المكاسب في الوقت الذي لم تمنحهمبطاقة العضوية أكثر من نسخة من مفتاح كنز افتح يا سمسم
إزاء هذه المواقف التي لابد للمراقبين المحللين دراستها ، فإن بعض المبررات قد تنطبق على دول العوز كمصر والأردن وتونس واللاتي يصعب فك ارتباطهن بمحور العولمة أو أحد أركانها كصندوق النقد الدولي ولكن ما يدهش هؤلاء المحللين هي تلك المواقف الصادرة من دول الثراء الخليجية اللاتي تعتبر في حل من شروط صندوق النقد الدولي، كما إن قوة هؤلاء التفاوضية على صعيد التجارة الخارجية تتناسب وقدرتهم الاقتصادية إضافة إلى حقيقة توافر مئات البلايين السائلة في البنوك السويسرية أو العاملة في محور العولمة مما هو أجدى من مفتاحافتح يا سمسم و يستخلص هؤلاء المحللين بأحد اثنين من المبررات أولها: إصابة تلك الدولبالإعاقة الجسدية - الهيكلية - والآخر وهي المحبة لوجه الله وفي كلتا الحالتين فإن حاجة تلك الدول لأرباب محور العولمة كحاجة الظمآن للماء·
قد يتساءل بعض القراء ما معنى محور العولمة ؟ أو من يمثل هذا المحور ؟ و ما هي أركان العولمة ؟ وكيف نشأت هذه العولمة ؟ ومن أنشأها ؟ ثم ما هي أهدافها ؟ إن الإجابات على هذه الأسئلة ستجدها ضمن فصول هذا الكتاب· إن ما قصدت به من نمط في التحليل هو أن أشرك القارئ الكريم في الحكم على جدوى هذا النهج الذي اعتمد الوثائق بالدرجة الأولى ومن ثم كيفية التعامل مع هذه الوثائق في تحليل الوقائع والأحداث التي لم تتطرق إليها هذه الوثائقلجملة أسباب من أبرزها صعوبة التنبؤ·قد يشحذ هذا النهج فكر القارئ ولكن على أية حالفإن خوض التجربة أحصن من البعد عنها·
إن ارتباط العولمة باجتذاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية في فكر وسياسة قادة الدول المعنية لدرجة الهوس صرفها عن تقييم جدوى الاستثمارات و رؤوس الأموال الوطنيين والتي تشكلان المحفظة الحقيقية والدائمة لهؤلاء القادة وللاقتصاد الوطني· كما إن اعتبار اقتناص تلك الاستثمارات الأجنبية هدفاً في حد ذاته أبعدها عن تحقيق تلك الأهداف الرئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدانها والتي قد تتعارض وأهداف تلك الاستثمارات الأجنبية·