أنت هنا

قراءة كتاب حوار الحضارات في القرن الحادي والعشرين - رؤية إسلامية للحوار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حوار الحضارات في القرن الحادي والعشرين - رؤية إسلامية للحوار

حوار الحضارات في القرن الحادي والعشرين - رؤية إسلامية للحوار

في خضم دعوات الصدام ومقولات الصراع وازدواجية المعايير غير العادلة والأحكام المسبقة المبتسرة عن الآخر المختلف، تبرز مسألة الحوار بين الحضارات كقيمة وكقضية محورية ورئيسية لعصرنا الراهن، لأبعاد شبح العدوات المدفونة التي يراد لها أن تحيا من جديد تحت نظريات وأطر

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6
مشروعية الحوار في الكتاب والسنة
 
يشكل الحوار في القرآن والسنة محوراً أساسياً في أبنيته ومضامينه وممارساته نظرياً وعملياً، حيث اهتم الإسلام بالحوار اهتماماً كبيراً، باعتبار هذا الدين خاتماً للأديان واستمراراً لها، لذلك وضع للحوار أساساً راسخاً وبنياناً شامخاً، وأقام له كياناً سامغاً وشأناً رفيعاً، وهذا ما نجده في الكثير من الآيات البيّنات، والسنة النبوية القولية والفعلية، وما دأب على اتباعه من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين·
 
وقد انطلقت الدعوة إلى الحوار في الأساس من القرآن الكريم في توجيه إلهي إلى الرسول في آيات كثيرة، ونتلمس ذلك مما تضمنه القرآن الكريم من حوارات عملية بمختلف المستويات، وفي شتى المجالات، حوارات الخالق مع خلقه، ومع أنبيائه، وحوارات الأنبياء مع أقوامهم، وحوارات الأفراد فيما بينهم·
 
والقرآن الكريم من يقرأ آياته يجده كتاب حوار عملي في الدرجة الأولى مع البشرية جمعاء في كل زمان ومكان، يخاطب الناس جميعاً ليذكرهم بخالقهم ومربيهم، ورازقهم وحافظهم، والذي هو مصدر كل الملكات والطاقات التي يتمتعون بها في أنفسهم، مصدر كل الخيرات والنعم التي يحصدونها من الطبيعة التي تحيط بهم· ويذكرهم بربهم ويدعوهم بأسلوب فريد إلى الإيمان به وتوحيده، والتوجه إليه بالشكر والطاعة والعبادة، دون قهر أو إكراه، بل بمطلق الحرية الشخصية والقناعة العقلية واليقين القلبي، والإرادة الخاصة التي لا سيطرة لأحد عليها، ولا حق لأحد بالتسلط عليها·(22)
 
وهذه حكمة إلهية اقتضتها مشيئته سبحانه وتعالى أن جعل الناس تتعدد في آرائها، وأفهامها، وتنوعها المعرفي والعقيدي، وجعل الحوار وسيلة من وسائل التقارب والتعارف والتعاون بين أبناء الجنس البشري، لعمارة الكون والهداية والخلق والإيمان· من هنا فإن النظرة الثاقبة والفاحصة في الحوار القصصي في القرآن الكريم في أغلب آياته تبيّن لنا أهمية الإنسان المحاور الذي ينبغي أن يعرف كيف يصل إلى عقل الإنسان الآخر بأقصر الطرق، وأفضل أسلوب وأقوى دليل، لقد كان الحوار أسلوب الأنبياء عليهم السلام، به استطاعوا النفاذ إلى قلوب الناس بالحكمة البالغة والموعظة الحسنة· وقد بيّنوا لنا سبل الحوار الهادئ والهادف الذي يلتزم العرض والإقناع مع الإيضاح والبيان بكل رفق وتلطف، فلم يكن حوارهم مع أقوامهم حوار الإكراه أو الإجبار أو حوار القسر والقهر، بل كان حواراً يحترم الفكر والشعور ويستعمل ألين العبارات في الدعوة والبحث عن قاعدة اللقاء كيفما كانت : {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءِ بَينْنَاَ وَبَيْنَكُمْ} آل عمران : 46·(23)
 
والمنظور الإسلامي للحوار ينطلق من هذه المبادئ السامية التي تدعو إلى الكلمة السواء القائمة على العدل والإنصاف، والقبول بالاختلاف، والتي هي في الأصل سنة كونية في القضايا المشتركة، ومجالات التعاون الإنساني والحوار على هذا النحو الراقي، ومن أجل هذا الهدف السامي، ضرورة من الضرورات التي يقتضيها انتظام سير الحياة على خطوط سوية، وتفرضها طبيعة العمران البشري(24)

الصفحات