قراءة كتاب الدافعية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الدافعية

الدافعية

انقضت سنوات عديدة على صدور آخر مؤلف لي، ومنذ ذلك الحين بدأت تراودني وتعاودني الأفكار حول الموضوعات التي يجب أن أكتب بها، وحقيقةً تبين لي كلما ازدادت احتفالات عيد الميلاد الشخصي، وزاد الإنتاج الأدبي كلما نضجت الأفكار وأينعت المساهمات الفكرية السابرة، وتكشفت

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 1

الفصل الأول

تاريخ مفاهيم الدافعية

لا توجد طريقة للمعرفة، ولكن يبدو احتمالاً بأن الأسئلة حول الدافع قد تم طرحها قبل أن يظهر الجنس البشري على سطح الأرض، وبالتأكيد كانت هناك فرص عندما نظر إنسان أو ذلك الإنسان البدائي إلى جاره وتساءل ... لماذا قد يفعل مثل ذلك الشيء الأحمق؟
وما نفعله متأثراً بعواقب ذلك الفعل، أو بعواقبها المرتقبة، فأفعالنا نبدأوها ونختارها ونحافظ عليها بما نتوقعه بما ستكون عليه محصلاتها ونتائجها.
لذلك إذا ما رغب شخص ما، بأداء فعل ما، فلا بد أن نرتب له نتائج إيجابية إذا قام بفعله، ونتائج سلبية إذا لم يفعل، وبالتالي فإن مبادئنا ذات تطبيق فوري في السياسة، والتعليم، والقانون المدني، والجنائي، وأستطيع أن أقول إن الكون قام أساساً على فكرة الثواب والعقاب.

بدايات علم النفس: الأخلاق والفعل

في بداية التاريخ، بدأ الناس يتساؤلون كما لا يزالون اليوم: هل الفكرة العامة للسيطرة بواسطة العواقب كافية لنظرية الدافع بحد ذاتها؟ إذا افترضنا أن العواقب الإيجابية مبهجة وأن العواقب السلبية غير مبهجة تصبح المبادئ كالتالي: يتحفز البشر والحيوانات بالبحث عن البهجة وتجنبون البؤس. وهذا يمثل وجهة النظر المعروفة بمذهب اللذة.
إذا كان ذلك صحيحاً فنحن نعرف أين نبحث عن تفسير إذا سألنا «لماذا فعل هو أو هي ذلك؟» يجب أن نعرف النتائج الإيجابية للفعل، والنتائج السلبية للأفعال الأخرى بالنسبة للشخص الفاعل.

الفعل المنعكس اللاإرادي

إن أهم القياديين في الثورة العلمية، رجل فذ وفيلسوف ورياضي وخبير محترف اسمه Rene Descartes (1596-1650).
فإلى جانب الاختراع في ميدان الهندسة التحليلية، وإيضاح المشاكل التي تعاني منها الفلسفة الحديثة وتأليف الكتب حول الوسائل العلمية، وإجراء التجارب الأساسية في فيزيولوجية العين، فقد ضمّن فكرة أخرى لا تزال مهمة لطلبة السلوك وهي مفهوم الفعل المنعكس اللاإرادي.
تعرّف Descartes على عمل الفلكيين والذين توصلوا إلى أن الكون واحد وتأثر بأفكار Galoeo والذي كان متقدماً بشكل قوي في مفاهيم وقوانين الطبيعة وقوانين الآلات، والذي أشار إلى أن أي حركة تنتج لقوى داخلية.
وأشار إلى أن هناك مدخل من الطبيعة أو ما نسميه الحافز (المثير) قد يسبب الحركة مباشرة مثلاً: إذا اقتربت قدم طفل من النار فإن قدم الطفل ستنعكس لا إرادياً لذلك فإن القدم ستنسحب بعيداً عن المثير المؤلم.
كذلك لو ضُرب على الوتر الرضفي، ستنعكس الركبة. أو قم بتسليط ضوء على أعين شخص ما سينقبض البؤبؤ. وهذا يدل على أن الأفعال المنعكسة اللاإرادية هذه مثل الآلة في عملها، ويكون سببها قوى نابعة من خارج الجسم، ولكن كيف تسببت؟
لاحظ Descartes أن المدخلات من خارج الجسم يتم نقلها إلى الدماغ، والحبل الشوكي بواسطة الأعصاب،وأن تلك الأوامر من الدماغ والحبل الشوكي يتم نقلها إلى العضلات بواسطة الأعصاب أيضاً. واعتقد بأن الأعصاب عبارة عن أنابيب صغيرة جداً مملوءة بسائل - وهي في الواقع كذلك - ولكن ليس بالطريقة التي افترضها، وأنها جزء من نظام هيدروليكي على طول الفجوات المملوءة بالسائل من الدماغ والحبل الشوكي. فعندما أثيرت قدم الطفل بالحرارة الزائدة امتلأت الفجوات بالسائل، ومن ثم فإن ضغط السائل انعكس لا إرادياً للخارج من خلال الأعصاب الذي وصل إلى العضلات مسبباً انتفاخها، مما أدى إلى انقباض العضلات، وهذا ما يحرك القدم كما أشار Descartes.
كانت ميكانيكيات النظرية خاطئة ولكن الفكرة كانت عبقرية، واستفاد العلماء الشيء الكثير من خطأ النظرية، كما أنها وفرت نظرية محددة حول عمل بعض السلوكيات التي سيطرت على تفكيرنا الصحيح إلى وقتنا الحاضر. والأهم من ذلك أنها أضافت قوة، لفكرة أن سلوك الحيوانات يمكن تحليلها، وإخضاعها لقوانين الطبيعة (Govern, 2000).
وظهر لدينا هنا بدايات تحليل سببية السلوك. وكان Descartes يحاول حساب أسباب بعض السلوكيات - لدى بعض الحيوانات - وكان أمله أن يربطها بمبادئ الميكانيكا التي تنطبق على الآلة في العالم ككل.
كان يفترض Descartes أن سلوك الحيوان وبعض سلوك البشر يمكن تفسيره كمجموعة من الأفعال المنعكسة اللاإرادية وليس أكثر من ذلك، ومع ذلك فقد اعتقد بأن معظم سلوك البشر ليست منعكسة لا إرادياً بل إنها مقصودة من قِبَل العقل. علاوة على ذلك فقد قال بأن العقل البشري ليس جزء من آلة العالم المتسعة ولا تدور بمجال قوته. وبما أنه ليس كذلك فهو ليس مقيد بقوانين الميكانيكا فهو يقع خارج سلسلة السببية الميكانيكية، وهذا هو السبب في امتلاك الإنسان إرادة حرة، وهذا يشكل الفرق الأساسي بين الحيوان والإنسان.
وهكذا أوضح Descartes الفرق الأساسي بين نوعين من الأفعال السلوكية المنعكسة من جهة والسلوك المقصود أو الإرادي من جهة أخرى.
فالأول سببه الأحداث الفيزيائية وهذا ينطبق على مجمل السلوكات الحيوانية.
أما الثاني سببه الأحداث العقلية وهذه ليس لها أي سبب بالمفهوم الفيزيائي ولكن فقط يتم الاختيار بواسطة الإرادة، وهذا ما ينطبق على السلوك الإرادي للبشر.

الصفحات