أنت هنا

قراءة كتاب تهافت الفلاسفة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تهافت الفلاسفة

تهافت الفلاسفة

بعد أن ألف الغزالي " مقاصد الفلاسفة " شرح فيها أقوال الفلاسفة خاصة ابن سينا والفارابي، ألف هذا الكتاب ليبين المسائل التي ليس الخلاف فيها بين العقيدة الإسلامية والفلسفة لفظياً بل ما يسبب بدعة أو كفراً، وقد ناقش عشرين مسألة مثل أزلية العالم وأبديته والاستدلال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 4
الاعتراض من وجهين:
 
أحدهما أن يقال: بم تنكرون على من يقول: إن العالم حدث بإرادة قديمة اقتضت وجوده في الوقت الذي وجد فيه، وأن يستمر العدم إلى الغاية التي استمر إليها، وأن يبتدئ الوجود من حيث ابتدأ، وأن الوجود قبله لم يكن مراداً فلم يحدث لذلك، وأنه في وقته الذي حدث فيه مراد بالإرادة القديمة فحدث لذلك، فما المانع لهذا الاعتقاد وما المحيل له؟
 
قولهم لكل حادث سبب...
 
فإن قيل: هذا محال بين الإحالة لأن الحادث موجب ومسبب. وكما يستحيل حادث بغير سبب وموجب، يستحيل وجود موجب قد تم بشرائط إيجابه وأركانه وأسبابه حتى لم يبق شيء منتظر البتة ثم يتأخر الموجب، بل وجود الموجب عند تحقق الموجب بتمام شروطه ضروري وتأخره محال حسب استحالة وجود الحادث الموجب بلا موجب. فقبل وجود العالم كان المريد موجوداً والإرادة موجودة ونسبتها إلى المراد موجودة ولم يتجدد مريد ولم يتجدد إرادة ولا تجدد للإرادة نسبة لم تكن، فإن كل ذلك تغير فكيف تجدد المراد وما المانع من التجدد قبل ذلك؟ وحال التجدد لم يتميز عن الحال السابق في شيء من الأشياء وأمر من الأمور وحال من الأحوال ونسبة من النسب، بل الأمور كما كانت بعينها. ثم لم يكن يوجد المراد، وبقيت بعينها كما كانت، فوجد المراد ما هذا إلا غاية الإحالة.
 
وذلك في الأمور الوضعية أيضاً، في الطلاق مثلاً وليس استحالة هذا الجنس في الموجب والموجب الضروري الذاتي بل وفي العرفي والوضعي، فإن الرجل لو تلفظ بطلاق زوجته ولم تحصل البينونة في الحال لم يتصور أن تحصل بعده لأنه جعل اللفظ علة للحكم بالوضع والاصطلاح، فلم يعقل تأخر المعلول إلا أن يعلق الطلاق بمجيء الغد أو بدخول الدار، فلا يقع في الحال ولكن يقع عند مجيء الغد وعند دخول الدار، فإنه جعله علة بالإضافة إلى شيء منتظر. فلما لم يكن حاضراً في الوقت، وهو الغد والدخول، توقف حصول الموجب على حضور ما ليس بحاضر، فما حصل الموجب إلا وقد تجدد أمر وهو الدخول وحضور الغد، حتى لو أراد أن يؤخر الموجب عن اللفظ غير منوط بحصول ما ليس بحاصل، لم يعقل، مع أنه الواضع وأنه المختار في تفصيل الوضع. فإذا لم يمكننا وضع هذا بشهوتنا ولم نعقله فكيف نعقله في الإيجابات الذاتية العقلية الضرورية؟
 
المقصود فعله لا يتأخر إلا بمانع

الصفحات