كتاب "الكويت من التحرير إلى الاختلال"، هذا الكتاب هو الجزء الثالث من سلسلة مكونة من ثلاثة أجزاء تتناول في مجموعها تاريخ الكويت السياسي منذ النشأة حتى نهاية العام 2012، ويتحدث هذا الجزء عن الفترة الممتدة من تحرير الكويت (من الاحتلال العراقي) في السادس والعشر
أنت هنا
قراءة كتاب الكويت من التحرير إلى الإختلال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

الكويت من التحرير إلى الإختلال
تعاملت الكويت بحساسية شديدة مع الدول العربية التي وقفت بجانب العراق وأطلقت عليها اسم (دول الضد)، انتقلت هذه الحساسية إلى أجهزة الدولة فشهدت مرحلة ما بعد التحرير العديد من الانتهاكات القانونية والإنسانية ضد مواطني هذه الدول، مما أساء إلى سمعة الكويت بالخارج وعرّضها لانتقادات لاذعة في المحافل الدولية·
صدر مرسوم التشكيل الوزاري الأول - بعد التحرير - في العشرين من أبريل 1991، وضمت هذه التشكيلة 20 وزيراً لم يكن من بينهم وزير الخارجية السابق الشيخ صباح الأحمد الصباح، وفي السابع والعشرين من مايو تم تمديد الحكم العرفي لثلاثين يوماً، وفي التاسع من يوليو افتتح سمو الأمير دور الانعقاد الثاني للمجلس الوطني، حيث أعيد انتخاب السيد عبدالعزيز المساعيد رئيساً له، وقد أثارت هذه الخطوة استياء قوى المعارضة التي اعتبرتها إشارة في الاتجاه المعاكس لما كانت تتوقعه في هذه المرحلة الجديدة·
شهدت تلك المرحلة ولادة جديدة لقوى المعارضة التي حاولت إعادة تشكيل نفسها بما يتناسب مع كويت ما بعد الاحتلال، فقد ساهمت مواقف أغلب الأحزاب السياسية العربية في نفور الشعب الكويتي منها ومن أسمائها وشعاراتها، فأصبح لزاماً على التجمعات المحلية البحث عن أسماء جديدة تبتعد فيها عن ارتباطاتها الإقليمية، فأصبح (المنبر الديموقراطي) البيت الجديد للقوى القومية اليسارية، و(الحركة الدستورية الإسلامية (حدس)) العنوان الجديد للإخوان المسلمين، أما الشيعة فأطلقوا على تجمعهم اسم (الائتلاف الإسلامي الوطني)، وعادت الجماعة السلفية باسم (التجمع الإسلامي الشعبي)، اتفقت هذه القوى على (رؤية مستقبلية لبناء الكويت) أعلنت عنها في بيان صدر في الحادي والثلاثين من مارس 1991، وكان يرتكز على أربعة محاور رئيسية:
1- المشاركة الشعبية وتوطيد الممارسات الدستورية من خلال التمسك التام بالدستور ومذكرته التفسيرية وتحديد موعد جديد لانتخابات مجلس الأمة، كما أنها طالبت بالمساواة وتطبيق القانون وعودة حرية التعبير والصحافة والأنشطة السياسية.
2- إصلاح الإدارة التنفيذية في البلاد·
3- استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية في كل أعمالها الإدارية والمالية وتيسير سبل التقاضي.
4- الهوية الوطنية وتنمية القوى البشرية من خلال (الإعداد التربوي والتعليمي والتثقيفي وفق المبادئ الإسلامية وحسب الحقوق والواجبات الدستورية)، أيضا طالبت الوثيقة بمعالجة التركيبة السكانية·
لم يتدخلوا نصرة للحق ودفاعاً عن المظلوم
كانت الصبغة الدينية والسلفية واضحة الأثر على الخطاب السياسي الكويتي في مرحلة ما بعد التحرير، فقد ساهم الموقف الإيجابي والحاسم لكبار شيوخ السلفية في المملكة العربية السعودية من مسألة الاستعانة بالقوات الأجنبية لتحرير الكويت في ترجيح كفة هذا التيار على غيره من التيارات الدينية الأخرى كالإخوان المسلمين الذين تعاملوا بسلبية مع هذه المسألة، أيضاً ساهم تواجد أعداد كبيرة من الكويتيين في المملكة العربية السعودية أثناء الاحتلال في تأثرهم بهذا الفكر، أضف إلى ذلك الجنوح العام إلى اعتبار الاحتلال (عقابا) من الله نتيجة ابتعاد الشعب الكويتي وحكامه عنه مما جعل العودة للتمسك بالدين - والتطرف فيه - شكلا من أشكال التوبة عن هذه الخطيئة، تجسدت هذه النظرة الدينية للأحداث في افتتاحية العدد الأول من مجلة (الحقيقة) التابعة لجمعية إحياء التراث الإسلامي - يونيو 1991 - التي كتبت فيها:
(إن الولاء للمسلم والبراء من الكافر قضية أساسية تمثل لب الدين الإسلامي وهي قضية لا ترتبط بظروف محدودة ولا بمصالح معينة)
(في كثير من مراحل التاريخ حدثت مشاكل وخلافات بين المسلمين ودخل الكفار طرفاً فيها ينصرون طائفة على أخرى، بل ان الناظر إلى تاريخ الجزيرة العربية في القرن العشرين يرى بريطانيا والدول الغربية قد تدخلوا عشرات المرات لنصرة إمارة أو دويلة على أخرى فهل يعني ذلك أن نلغي مفهوم الوحدة الخليجية أو العربية أو الإسلامية؟!!!)
(لا شك أننا يجب أن نشكر من ساندنا ووقف معنا في محنتنا فلا يشكر الله من لا يشكر الناس ولكن ذلك يجب ألا ينسينا بأن أمريكا والدول الغربية كان لها مصالح كثيرة للتدخل في أزمة الخليج وأنهم لم يتدخلوا نصرة للحق ودفاعاً عن المظلوم كما يحلو للبعض أن يتغنى بذلك)
(الدول الغربية تعتبر نصرها على العراق نصراً لشعوبها ولمصالحها بل إن قائد القوات البريطانية في حرب الخليج قد صرح بعد انتهاء الحرب بقوله: الآن أستطيع أن أقول لكم اقرعوا أجراس الكنائس بشارة بالنصر· لذلك يجب أن لا يلتبس على المسلم العاقل)·
استجابت القيادة السياسية لهذه الصبغة الدينية بتأسيس (اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية) وإلحاقها بالديوان الأميري في الثاني من ديسمبر 1991 ونصت المادة الثانية من مرسوم اللجنة على الآتي:
(تتولى اللجنة وضع خطة لتهيئة الأجواء لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية مع مراعاة واقع البلاد ومصالحها ولها في سبيل ذلك دراسة القوانين السارية في مختلف المجالات واقتراح ما تراه بشأنها لضمان توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية)·

