قراءة كتاب الإمتاع والمؤانسة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإمتاع والمؤانسة

الإمتاع والمؤانسة

الإمتاع والمؤانسة أبو حيان التوحيدي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 6
وإذ جرى الأمر على غير ما كان في حسابي وتلبس بظني، فإني أهدي ذلك كله بغثاثته وسمانته، وحلاوته ومرارته، ورقته وخثارته في هذا المكان؛ ثم أنت أبصر بعد ذلك في كتمانه وإفشائه، وحفظه وإضاعته وستره وإشاعته؛ ووالله ما أرى هذا أمراً صعباً إذا وصل إلى مرادك ولا كلفةً شاقةً إذا أكسبني مرضاتك؛ وإن كان ذلك يمر بأشياء كثيرةٍ ومختلفةٍ، متعصية غريبةٍ، منها ما يشيط به الدم المحقون، وينزع من أجله الروح العزيز، ويستصغر معه الصلب، ولا يقنع فيه بالعذاب الأدنى دون العذاب الأكبر؛ وإن كان فيها أيضاً غير ذلك مما يضحك السن، ويفكه النفس، ويدعو إلى الرشاد، ويدل على النصح، ويؤكد الحرمة، ويعقد الذمام، وينشر الحكمة، ويشرف الهمة، ويلقح العقل، ويزيد في الفهم والأدب ويفتح باب اليمن والبركة، وينفق بضاعة أهل العلم في السوق الكاسدة، ويوقظ العيون الناعسة، ويبل الشن المتغضف، ويندى الطين المترشف؛ ويكون سبباً قوياً على حسن الحال وطلب العيش، فإن هذا العاجلة محبوبة، والرفاهية مطلوبة، والمكانة عند الوزراء بكل حولٍ وقوةٍ مخطوبة، والدناي حلوةٌ خضرة وعذبةٌ نضرة، ومن شف أمله شق عمله؛ ومن اشتد إلحاحه، توالى غدوه ورواحه، ومن أسره رجاؤه، طال عناؤه، وعظم بلاؤه؛ ومن التهب طمعه وحرصه، ظهر عجزه ونقصه.
 
وفي الجملة:
 
من لم يكن لله متهـمـاً لم يمس محتاجاً إلى أحد
 
ولابد من فتى يعين على الدهر، ويغني عن كرام الناس فضلاً عن لئامهم، ويذلل قعود الصبر، ويجم راحلة الأمل، ويحلي مر اليأس؛ والعزلة محمودةٌ إلا أنها محتاجة إلى الكفاية، والقناعة مزة فكهةٌ ولكنها فقيرةٌ إلى البلغة وصيانة النفس حسنة إلا أنها كلفة محرجة إن لم تكن لها أداةٌ تجدها وفاشيةٌ تمدها، وترك خدمة السلطان غير الممكن ولا يستطاع إلا بدينٍ متين، ورغبةٍ في الآخرة شديدة، وفطامٍ عن دار الدنيا صعب، ولسانٍ بالحلو والحامض يلغ.
 
قال ابن السماك: لولا ثلاثٌ لم يقع حيف، ولم يسل سيف، لقمةٌ أسوغ من لقمة، ووجه أصبح من وجه، وسلك أنعم من سلك، وليس كل أحد له هذه القوة، ولا فيه هذه المنة والإنسان بشر، وبنيته متهافتة وطينته منتثرة، وله عادةٌ طالبة، وحاجةٌ هاتكة، ونفسٌ جموح، وعينٌ طموح؛ وعقلٌ طفيف، ورأي ضعيف، يهفو لأول ريح، ويستخيل لأول بارق؛ هذا إذا تخلص من قرناء السوء، وسلم من سوارق العقل، وكان له سلطان على 

الصفحات