"النحت في ذاكرة الصحراء"، هو كتابٌ صغير يروي فيه الكاتب تجربته الشخصية، واللحظات الجميلة التي قضاها في ربوع النقب، إن كان ذلك في الجامعة حيث درَسَ لعدة سنوات، أو خلال فترة التدريس التي قضى أكثر من عقد يُدرِّس فيها في مدرسة الرازي الإعدادية والثانوية في رهط.
أنت هنا
قراءة كتاب النحت في ذاكرة الصحراء
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
نظرية الفرصة الواحدة
تعلمت من الشعب الياباني نظرية الفرصة الواحدة، لست أدري مدى نجاعتها, أترك لكم الحكم، في الجامعات يمكن أن يقدم الطالب وظيفة جامعية, بمثابة بحث أكاديمي, وبعض المواضيع تتطلب اجتياز امتحان, ويمكنك التقدم لموعدين وخاصة إذا رغبت في تحسين علامتك, أو إذا أخفقت في الموعد الأول, عودت نفسي الدراسة جيداً في المرة الأُولى لتكون الأخيرة فأسقطت من قاموسي الفرصة الثانية, كنت صارماً مع نفسي ولم أُحطم التعليمات, يعصف بي أحياناً السؤال هل كنت قاسياً مع نفسي أم أني ربحت الوقت أثمن رأسمال؟.
أيام وأيام
للطالب الجامعي ثوب فضفاض من الفراغ, والسؤال الذي يتثاءب بعد تسلل الظلام, كيف ننتهز الوقت ؟! وما الهدف؟ ومع من؟ أذكر أن طلاب كفر مندا ومعارفهم كنا نجتمع في أحد البيوت, نجري مباريات في الشعر، نتناول كتاباً صدر لتوه، أو يعرض أحدنا محاضرة شيقة. بعد مرور سنوات نلتُ اللقب الثاني في موضوع تاريخ الشعب اليهودي، أجلس واحتسي القهوة وإن لم تكن عربية، لكن العرب يعشقونها وهي تعشقهم لوجود أكثر من قاسم مشترك..... في ذلك اليوم طار صوابي، إلى أين وصلنا! مجموعة من الطلاب العرب يلعبون الورق في انسجام وغيبوبة فكرية, كأنهم في مقهى وملهى وليس في جامعة محترمة لها صيتها العالمي, بالمقابل على الطاولات المقابلة طلاب يهود كل متسمر مع كتابه وحاسوبه الشخصي. تمنيت لو لم أكحل ناظري بهذا المنظر الذي تشمئز له النفس والروح، قلت في أعماق نفسي لعل البعض هنا سعيد حتى النشوة بهذه المسرحية التراجيدية.
الأسرة الخانقة
من الظواهر المقلقة التي تقف أمامك مثل حاجر معتم شائك, الأبوة الخانقة كأخطبوط, بعض الآباء من فرط حبه وحرصه على أبنه يفرض عليه أعراف الحكم العسكري البائد, كل شيء بإذن وترخيص مسبق، ممنوع الاشتراك في أمسية ثقافية، احتفال, لقاء، سهر, إلا المراجعة والتعليم, طبعاً النتيجة كارثية, تحطيم نفسية الطالب، تحجيم صقل ونمو شخصيته، وحرمانه من تحقيق ذاته ورسم ملامح شخصيته كما يحلم ويكبر الحلم معه. بعد فترة وجيزة، يقف أمامنا إنسان مهزوز, مهزوم في أعماق أعماقه, مطعون في جدران قلبه الواهي, من الحب ما قتل, يغتال الأب أو الأم فلذة كبده بهدوء وسكينة، يحاول أن يبعثه للعيش إلى ما قبل التاريخ والفلسفة, فيصطدم بجدار الواقع المتسارع الذي لا يرحم. سعادة الطالب الجامعي تكمن في بناء شخصيته والكشف عن مواهبه ومعايشته للواقع, بهدف الاكتساب والتعلم, يخطئ الوالد الذي يريد أن يرى نفسه تماماً في شخصية ابنه، فلا يمكن السباحة في نفس النهر مرتين.
ثقافة الجسد
إن الله سبحانه وتعالى أنعم علينا بجسدنا وهو أمانة في أعناقنا لنصونه ونحافظ عليه ليخدمنا ونتفانى في خدمته، للجسد لغة خاصة لا يفهمها الجميع، نمارس الرياضة لنقوي أجسادنا إن كنا لا نستطيع تحديد لون بشرتنا, لكننا حقاً نقدر أن نهندس أجسادنا, منذ دخولي الحرم الجامعي أصغيت جيداً لهمسات جسدي فكنت أواظب بشكل يومي على ممارسة رياضة كمال الأجسام, مع مرور الوقت تبنى العضلات بشكل طبيعي رويداً رويداً، فتشعر بالإرهاق, فتأخذ قسطاً من الراحة, ولما تتوقُ للمزيد من الرياضة التقط الإشارة سريعاً, عرفت كل الوجوه من عرب ويهود وقادمين جدد, صداقة المكان والظروف والايدولوجيا الرياضية تتجدد الوجوه كل عام, تظل الماكنات جاثمة على صدر المكان تراقب حركة الوافدين, تشعر بإدمان وانتماء لا يقاوم للمكان.
الأمور التي تثير الشفقة أن البعض هنالك يحاول أن يضخم عضلاته بسرعة البرق فيتناولون بعض المواد المنشطة الخطرة مثل "السترويديم" والتي هي أشبه بالمخدر, هذه العملية أشبه بعملية اغتصاب وتضليل للعضلة, والتي سرعان ما تكتشف الكمين الذي نصب لها, فتعيد الصاع صاعين لصاحبها بعد أن تتعملق تترهل مستسلمة لقدرها مثل عجوز شمطاء على أعتاب التسعين, صحيح الأجساد تتضخم لكن القلب المسكين يظل صغيراً مثل عقولهم, لا يستطع أن يضخ كميات الدم المطلوبة للجسد النهم، نهر الغباء لا ينقطع إنما يتبدل مع دفعة قوية من تيار الجنون.