إنَّ هذا الكتابَ هامٌّ جدًّا وهو تاريخي وتوثيقي مسهب – وجديرٌ بهِ أن يكونَ في كلِّ مكتبةٍ وكلِّ بيتٍ .
أنت هنا
قراءة كتاب تصبحون على ثورة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
مقدمة
بقلم: صالح زيادنة
لم تكن ثورات الربيع العربي لتمر دون أن تترك بصماتها على العالم العربي بأسره، تلك الثورات التي قلبت الموازين رأساً على عقب، وغيّرت المفاهيم من النقيض إلى النقيض، وأزاحت الغبار والصدأ عن الصورة الجميلة للشعوب العربية التي طمسها حُكّام العرب من الرؤساء والزعماء الذين تسلّطوا على العباد فأذلّوا عزيزهم وأفقروا غنيهم، وتفرّدوا بخيرات البلاد لهم ولأُسرهم والمقربين منهم حتى أصبحت الدول التي يحكمونها مزارع أو محميات لهؤلاء الزعماء ومن يقف معهم من أصحاب المصالح والمنتفعين، يُورّثها من يتقدّم به العمر لابنه، ويُغيّر بعضهم الدستور ليلاءم الوريث الصغير ويأتي على مقاسه، وهكذا..
هذه الثورات المباركة غيّرت نظرة العالم، وفتحت عينيه إلى حقيقة لم يكن ليتوقعها، فيرى شعوباً متحضرة حتى في قمة ثورتها تطالب بحقها في الحرية والعيش بعزة وكرامة وإزاحة كابوس الديكتاتوريات التي جثمت على قلب الأمة العربية قرابة نصف قرنٍ أو يزيد.
هذه الثورات لم تمر دون أن يرصد أحداثها مؤرخٌ متمرّس له باع طولى في دراسة أحداث التاريخ وتقييم معطياته هو الكاتب والمؤرخ سهيل عيساوي في كتابه هذا "تصبحون على ثورة".
وقد سبق للكاتب أن تناول مواضيع تاريخية مختلفة في عددٍ من كتبه ومؤلفاته، فله في هذا المجال: "بين فكي التاريخ"، "ثورات فجّرت صمت التاريخ الإسلامي"، "معارك فاصلة في التاريخ الإسلامي"، وكتاب "الطريق إلى كفر مندا عروس البطوف".
تناول الكاتب الدول العربية التي ثارت في وجه طغيان الحكام وأزاحتهم إلى غير رجعة بعد سنوات طويلة ظنوا فيها أنه لن يأتي يومهم ولن يلاقوا مصيرهم المحتوم، فبدأ بتونس ثم بجمهورية مصر العربية والجزائر وليبيا واليمن وسوريا وغيرها من الدول العربية، وبيّن لنا أسباب تلك الثورات ونتائجها، وأكّد أن ما حدث في تلك الدول هي رسائل قوية ومباشرة للشعوب العربية بأنها قادرة على كسر حاجز الخوف وكسر البوابة الحديدية وسياسة كم الأفواه، وسرقة الثروات الوطنية وكنس الحكام وزمرتهم، وأنه لا تخيفهم عربات العسكر ولا بنادقهم الموجهة إلى صدورهم العارية، ووجّه رسالة إنذار لكل حاكمٍ عربيّ يستخف بعقول شعبه ويدوس كرامتهم ويحرمهم لقمة العيش، ويكبت حرياتهم الأساسية وينهب ثروات البلاد ويستفرد بالسلطة مدى الحياة، إن غضب الشعب آتٍ وعود الثقاب يشعله قلب محروق من الألم والوجع.
وتناول كذلك الهتافات التي رددها المتظاهرون في تلك الدول، ومدى تأثيرها في إذكاء نار الثورة، إضافة إلى أسماء الأيام التي يتجمعّون فيها، كما في أيام الجمعة التي أصبحت أياماً ثوريةً حاسمةً في تاريخ الثورات العربية الحديثة، بسبب كونها أياماً مقدسةً، فلا يستطيع الحاكم في ظل التوتر منع صلاة الجمعة فيستغل المحتجون هذا اليوم للحشد والتظاهر والاعتصام، وبث روح الحماس في الجماهير الغفيرة.
ومن خلال رؤية تاريخية شاملة، ومعرفة بأحداث التاريخ المختلفة يقدّم الكاتب نصائح لتلك الثورات لاستخلاص العِبَر، وجني الثمار من أجل إعادة الكرامة والحرية وبناء مستقبل أفضل.
هذا هو كاتبنا ومؤرخنا في كتبه وأبحاثه التاريخية رصيد وافر ومعرفة جمة تتجلّى في أعماله الجادة وأبحاثه الشاملة وأعماله الأدبية المختلفة.
نتمنى لكاتبنا عمراً مديداً، وصحة جيدة، وحياة رغدة هنيئة، يقدم لنا من خلالها إبداعاته النفيسة وأعماله القيمة، ويطلّ علينا بين الحين والآخر بكل ما هو غالٍ وثمين في مجال التاريخ والعلم والمعرفة.
قدماً أخي وإلى الأمام والله يوفقكم ويرعاكم ويسدد خطاكم لما يحب ويرضى.
صالح زيادنة
رهط في: 11 أيلول، 2011