حدد الإسلام زي المرأة المسلمة تحديداً دقيقاً في كتابه وسنة رسوله ×، فقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن او آبائهن
قراءة كتاب زي المرأة وأثره في المجتمع
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بسم الله الرحمن الرحيم
حدد الإسلام زي المرأة المسلمة تحديداً دقيقاً في كتابه وسنة رسوله ×، فقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن او آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبناء بعولتهن او أبناء بعولتهن او أخواتهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الأربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا الى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون﴾ [النور:31].
وروى أبوداود عن عائشة رضي الله عنها، أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما دخلت على رسول الله × وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله ×، وقال لها: (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا) وأشار إلى وجهه وكفه.
إن علماء الإسلام على اختلاف مذاهبهم منذ مبعث رسول الله × إلى اليوم، مجمعون على قطعية دلالة هذه النصوص وأخرى غيرها، على الرغم من أنهم اختلفوا في عشرات المسائل الفرعية في الحياة. وهم مع ذلك لم يحددوا ملابس بعينها. لأن اختلافها في النوع والشكل يعود إلى أعراف الشعوب والأمم وبيئاتهم وطراز حياتهم الاجتماعية، وإنما المهم أن تنطبق الشروط الشرعية القاطعة المذكورة في كتاب الله وسنة رسوله × عليها. كل هذا معلوم بالضرورة في دين الإسلام وعند المسلمين جميعهم، ولا يحتاج إلى مزيد من البحث والتمحيص. ولكننا مع ذلك نشعر بالحاجة اليوم إلى بيان علل تحديد عورة المرأة؛ لأن كثيراً من المسلمات اليوم نتيجة لاحتكاكنا بثقافة الغرب، وانجرافنا مع تياراته النابعة من غير عقيدتنا وديننا وتراثنا وتاريخنا، استسلمن إلى نمط الحياة الغربية في زيهن، واستعبدتهن دور الأزياء الفاضحة فهن قسمان:
قسم خلت قلوبهن من الإيمان، وتربين في أسر لا علاقة لها بضوابط الإسلام الأخلاقية، فهن يسخرن من مبادئ الإسلام وعقائده الفطرية السامية، ويستهزئن من الزي الذي فرضه الإسلام على المرأة المسلمة، ويعتبرن ذلك علامة التأخر والرجوع إلى القديم البالي على حد زعمهن. وقسم لهن علاقة ما بالإسلام، ولو كانت تقليدية ظاهرية، فهن يلجأن إلى التأويل الفاسد والادعاء بدعوى الضرورة والانهيار أمام قوة التيار، وإذا ذكرن بحد العورة تأسفن لحالهن، وأظهرن قصورهن، لكن دون نتيجة حاسمة تنقلهن إلى الوضع الإسلامي السليم.
ومن حسن حظ هذه القضية الإسلامية أن العلوم النفسية والاجتماعية وتتبع حياة المرأة الغربية والاطلاع على الإحصائيات المختلفة في مراقبة أحوالهن، وآراء أهل العلم والفكر في بيئتهن، قد وضع أيدينا على العلل العميقة التي تقف وراء تحديد الإسلام لزي المرأة المسلمة، والتحذير من الخلاعة المدمرة في تحطيم الحياة النفسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات البشرية. وهكذا يتحقق عملياً صدق قوله تعالى في كل مرة ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد﴾ [فصلت: 53].
وبعد هذا التمهيد ندخل في موضوع بحثنا بالسؤال الآتي: يا ترى لماذا فرض الإسلام على المرأة زياً محتشماً ساتراً لمواطن الفتنة فيها؟
فنقول في جوابه: إنه فعل ذلك صيانة لصحة الرجل النفسية، وإبقاء العلاقات الاجتماعية النظيفة، والمحافظة على الثروة القومية. أما الصحة النفسية للرجل فتتزعزع عندما تخلع المرأة الملابس المحتشمة الساترة، لأنه يتأثر نفسياً بجسد المرأة وينفعل جنسياً برؤية مواطن الإغراء فيه، ولو من بعيد. لا سيما إن علم التجميل يتدخل في المبالغة في إظهار الفتنة العارمة على جسد المرأة، بناء على الدراسة العميقة لنفسية الرجل وما ترغب فيه، فتتعدد المواقف البهيمية وتتوسع مجالات الرؤية المغرية تبعاً للألوان المتنوعة المستعملة في الأوقات المناسبة، والتسريحات المختلفة التي تهيج الخلايا الجنسية في الدماغ هيجاناً عظيماً، فتقود الرجل إلى قلق نفسي حاد وتوتر عصبي دائم، يترك أثره الكبير على سلوكه وتصرفاته وعلاقاته الاجتماعية، ويولد فيها صراعاً عنيفاً بين موروثاته السابقة من الدين والنظام الأخلاقي، وبين ما يواجهه أو يتعرض له من إغراءات الجنسية، ممثلة في أجساد ملتهبة شبه عارية، ومجسدة بمئات بل ألوف الفتيات والنساء اللاتي يراهن في ألوان مختلفة جذابة، وأوضاع مؤثرة، تتشنج معها أعصابه، فيأخذ مواقف جدية تمثل أقصى الانفعال الذاتي، ومنتهى ردود الفعل وتؤدي إلى إلحاق أفدح الأضرار بالحياة الاجتماعية.