أرض الصراع بيننا وبين اليهود في هذا العصر هي الأرض المقدسة المباركة، الواقعة بين النهرين الإسلاميين: الفرات والنيل.
أنت هنا
قراءة كتاب حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية
الصفحة رقم: 10
دلالات ولطائف من الآيات
وعندما ننظر في الآيات السابقة، فإننا نستخلص منها بعض الدلالات والإشارات، واللطائف والإيحاءات، منها:
1- أن فعل «باركنا» في الآيات الست كلها، مسند إلى الله سبحانه، أي أن الذي بارك هذه الأرض المباركة هو الله.
2- أن فعل «باركنا» في الآيات الست مطلق، غير مقيد، ولا محدد بزمن أو نوع، وهذا يدل على أن البركة الربانية لهذه الأرض المباركة مطلقةٌ غير محددة ولا مقيدة، وهي شاملة لكل أنواع البركة.
ومن مظاهر هذه البركة الربانية: البركة الإيمانية، والبركة الأخلاقية، والبركة التاريخية، والبركة السياسية، والبركة الاقتصادية، والبركة الاجتماعية، والبركة الجهادية، والبركة الحضارية، والبركة المستقبلية … وغير ذلك.
3- التعبير عن البركة الربانية بالفعل الماضي «باركنا» يدل على ثبوت واستقرار البركة الربانية لهذه الأرض، لأن الفعل الماضي يفيد الثبات والاستقرار، فالله سبحانه قد شاء استقرار البركة في هذه الأرض، وجعلها ثابتة فيها.
ولهذا ستبقى هذه البركة الشاملة مستقرة فيها، على اختلاف فترات التاريخ، ولن ينجح الأعداء في انتزاعها وتفريغها منها، مهما بذلوا من جهود في ذلك، وستبقى لها هذه البركة حتى قيام الساعة.
لن يزيل بركة الأرض المباركة فترات خاصة قصيرة من التاريخ، يأذن الله فيها بسيطرة كفار على هذه الأرض وحكمهم لها، ثم يأذن بدحرهم عنها، كما حصل للصليبيين في الماضي، وكما يحصل لليهود الآن، فإن بركة الأرض في هذه المرحلة، تكون في إحياء الإيمان في قلوب المسلمين، وإيقاظ روح الجهاد والتحدي فيهم، وتجميعهم على الجهاد، لدحر الكفار وطردهم، وهذه بركة جهادية ملحوظة.
بركة مكان وزمان وإنسان
4- البركة المذكورة في الآيات الست، أحياناً تكون للأرض المباركة فلسطين، حيث ذكرت «باركنا فيها» أربع مرات، وأحياناً تكون لمن يسكن هذه الأرض المباركة من الأنبياء والصالحين، وعندها تكون البركة على ذلك الساكن، كما قال الله عن إبراهيم وابنه عليهما السلام: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ﴾.
و«باركنا حوله» يفيد أن البركة تتوسع وتشع في دوائر حول المسجد الأقصى، وتتعدد هذه الدوائر وتكبر، فنواة البركة ومحورها هو المسجد الأقصى وبيت المقدس، ودوائر هذه البركة متلاحقة لتشمل كل الأرض المباركة، الواقعة ما بين الفرات والنيل.
وهذا معناه أن البركة الربانية للأرض أولاً «باركنا»، ثم لساكن هذه الأرض ثانياً «باركنا عليه»، ثم للأماكن حول هذه الأرض «باركنا حوله»، أي: هي بركة مكان، وبركة زمان، وبركة إنسان.
بركة الإنسان مقيدة بالإيمان
5- إذا كانت بركة الزمان والمكان مطلقة من خلال الآيات، فإن بركة الإنسان -المقيم في هذه الأرض- ليست مطلقة، بل تبين الآيات أن «بركة» الإنسان مقيدة بقيود، ومشروطة بشروط: فبركة الله على إبراهيم وإسحاق عليهما السلام، الساكنين في هذه الأرض، لأنهما نبيان كريمان،عليهما الصلاة والسلام، ولما تكلمت الآيات عن ذريتهما، قسمتهم إلى قسمين: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾.
فنسلهما المؤمن المحسن مبارك، وهم المؤمنون الصالحون من بني إسرائيل، في التاريخ القديم، وهم أنبياؤهم كموسى وهارون وداود وسليمان عليهم الصلاة والسلام، وأتباعهم من المؤمنين الصالحين. ونسلهما الظالم لنفسه المبين، غير مبارك، وهم الأجيال السيئة من اليهود والأحفاد الكافرون. الذين طغوا وبغوا وظلموا، فنزع الله عنهم بركته، وأوقع بهم لعنته. ولما كانوا مقيمين في الأرض المباركة أخرجهم منها، وشتتهم في بقاع الدنيا.
هي بركة للعالمين
6- تخبرنا الآيات أن البركة الربانية في الأرض المباركة، ليست إقليمية ولا عنصرية ولا طائفية، فليست لقوم، أو مجموعة أو أمة، وإنما جعلها الله عامة للعالمين: ﴿الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾.
والعالمون هم الناس جميعاً، على اختلاف الزمان والمكان، في أي بقعة من بقاع الأرض، وكون البركة في الأرض المباركة للعالمين، رد قرآني واضح على دعاوى اليهود العنصرية، في أن الله جعل هذه الأرض المباركة لهم وحدهم، منذ إبراهيم الخليل (عليه السلام)، وحتى قيام الساعة، كما تذكر نصوص التوراة المحرفة، أن الله قال لإبراهيم (عليه السلام): هذه الأرض لك، ولبنيك، حتى قيام الساعة.
كما أن هذا البيان القرآني: «باركنا فيها للعالمين» رد على دعاوى أصحاب النظرة الضيقة المتعصبة من الفلسطينيين، الذين ينظرون إلى الأرض المباركة نظرة إقليمية، فيجعلونها قضية فلسطينية محضة، لا شأن للآخرين بها، ومن يوسع منهم أفقه يجعلها قضية قومية عربية ضيقة أيضاً، تهم العرب وحدهم.
إن فلسطين قضية إسلامية عالمية، تهم كل مسلم أينما كان، ويعتبرها قضيته الأولى، وشغله الشاغل، لأنها مرتبطة بالعقيدة الإسلامية، التي هي واحدة عند كل مسلم أينما كان..
هذه ست دلالات ولطائف من الآيات الست، التي تحدثت عن البركة الربانية في هذه الأرض المباركة، وهناك دلالات ولطائف وإيحاءات أخرى تشملها هذه الآيات، نترك للقراء المتدبرين الكرام تدبرها وملاحظتها، ليتدبروا معنا آيات كتاب الله الكريم.