أنت هنا

قراءة كتاب من المنظومة الغربية إلى المنظومة الإسلامية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من المنظومة الغربية إلى المنظومة الإسلامية

من المنظومة الغربية إلى المنظومة الإسلامية

مصطلح النظام العالمي، على الرغم من الذكاء العالمي الواضح في عرضه والتزيين له، ليس جديداً، لا في أصوله ولا في أهدافه، فهو ينطلق من الحضارة الغربية، ويستند عليها، ويستمد منها عناصره الأساس، وغاياته السياسية، في حكم هذا العالم والسيطرة على قواه المتنوعة، من أج

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

من المنظومة الغربية إلى المنظومة الإسلامية

مصطلح النظام العالمي، على الرغم من الذكاء العالمي الواضح في عرضه والتزيين له، ليس جديداً، لا في أصوله ولا في أهدافه، فهو ينطلق من الحضارة الغربية، ويستند عليها، ويستمد منها عناصره الأساس، وغاياته السياسية، في حكم هذا العالم والسيطرة على قواه المتنوعة، من أجل تأمين سيطرة هذه الحضارة، ومحاولة محو القوى المناهضة التي يمكن أن تقف أمامها، وتعيق مخططاتها العدوانية.
إذن فلا يمكن فهم النظام العالمي الجديد بكل مقدماته ونتائجه، ما لم تفهم المقولة القاطعة التي تقول: إن النظام العالمي الجديد هو الحضارة الغربية المعاصرة، بأصولها وواقعها وغاياتها على هذه الكرة الأرضية التي غدت وكأنها مملكة واحدة نتيجة للتقدم العلمي الهائل.
وإذا فحصنا الحضارة الغربية وجدنا أن جذورها تمتد إلى:
أ- العناصر الرومانية القائمة على عبادة القوة والجنس، واليونانية القائمة على إبعاد الخطاب الإلهي، وإحلال خطاب العقل الإنساني مكانه.
ب- وحركة الإلحاد المادي التي نتجت من خلال صراع الكنيسة مع التحولات الاجتماعية المعاصرة، والتي أنتجت مناهج العلوم الإنسانية.
ج- واليهودية العالمية التي استغلت نقطة التحول التاريخي في أوربا من عصر الإقطاع إلى عصر الرأسمالية، لتقاعس الملوك والنبلاء عن رفدها وفهم طبيعة ذلك التحول، فسيطرت عليه برأسمالها سيطرة كاملة، تمهيداً لسيطرتها الكلية على تعيين مسارات هذه الحضارة في القضاء على المسيحية، والتمكين لحركة الإلحاد وتمييع الخطاب الإلهي إلى الأبد، ولو في صورته المحرفة، ووضع الخطاب الإنساني بدله، من خلال تفجير الجنس ولا سيما الأنوثة، كي ينهي بذلك اليهود مشكلتهم الاجتماعية، من حيث إنهم كانوا أقلية محتقرة، فيقودوا المجتمع إلى اللادينية التي تطرد الأديان غير اليهودية تحت مظلة تزيين عبادة الذهب، وتفجير الجنس، ونشر النظريات الأنسية في إبراز شعارات الأخوة والمساواة والعدالة، تلك النجمة الثلاثية اليهودية التي ظهرت في الثورات العالمية الحديثة والمعاصرة، بألفاظ متنوعة مترادفة عبر حقيقة مقصودة واحدة من ثورة كرومويل إلى الثورة الأمريكية والفرنسية والروسية والتركية والإسبانية والثورات المستبعدة لها هنا وهناك التي انطلقت من المنطلقات ذاتها بقيادة وتخطيط اليهودية العالمية والقوى التي ساقتها أمامها سوق الرعاة لقطعان من الأغنام.
وإذا قدر لنا أن نفهم هذه الحقيقة التي أثبتتها الدراسات والوثائق المعاصرة النظرية منها والواقعية، فلا بد إذن أن نصل إلى أن النظام العالمي الجديد، هو المصطلح الهدام البراق لمنظومة الحضارة الغربية، ذات الأصول الرومانية واليونانية وحركة الإلحاد الحديث، والتي تقودها القيادة اليهودية العالمية بمالها الرهيب، وسيطرتها الشيطانية، ومخططاتها الدقيقة الخبيثة الماكرة، لإخضاع العالم، وتحطيم القوى المناهضة المرشحة للظهور، سواء في عالم المال أم في عالم السياسة أم في عالم القوة العسكرية أم في عالم الحضارات المعاكسة، وسواء أكانت تلك القوى لم تزل في عالم القوة أم بدأت تظهر ضعيفة هنا وهناك في عالم الفعل. والأهداف المحددة لمنظومة الحضارة الغربية التي تعبر عن نفسها في المرحلة الحاضرة بـ»النظام العالمي الجديد«، هي السيطرة الكاملة لحركة الإنتاج العالمي وموادها الخام الهائلة الموجودة في بلدان العالم، من أجل تأمين بقاء السيطرة على التكديس والتوجيه المالي في العالم، عبر مؤسساتها المالية الواسعة المنتشرة في بلدان الحضارة القائدة، ومنع عبور »التكنولوجيا« العالية التي تضمن بقاء القوة في يد قيادة التوجيه الحضاري اليهودي، ووضع المخططات السرية والعلنية لاصطناع المشكلات العالمية، من أجل تنفيذ الأهداف وتحطيم القوى المناهضة، واستعمال الآلة العسكرية الرهيبة لقيادة النظام العالمي الجديد، والتخطيط القاسي الذي لا يرحم لتجويع الشعوب التي تبدي بعض المقاومة لإجبار قادتها على رفع الراية البيضاء، والاستسلام العبودي المشين من أجل الدخول في خط الأسياد، وتنفيذ ما يطلبون منهم في داخل بلدانهم، والدخول في الصراع الدموي مع أبناء جلدتهم ممن يريد الخلاص، لضمان بقاء تلك البلدان في عالم الظلام والعبودية.
ومجمل القول أن القيادة الحضارية والسياسية التابعة لها في منظومة النظام العالمي الجديد لقبر أية بادرة لظهور ملامح أية منظومة حضارية جديدة، تستطيع أن تتقوى تدريجاً للوقوف أمام منظومة الحضارة الغربية بقيادة اليهودية العالمية، من أجل كسر الفعل الاحتكاري الحضاري الغربي اليهودي المدمر لشعوب العالم.
وإذا بحثنا ميدانياً وبدقة عن إمكانية بوادر ظهور مثل تلك المنظومات الحضارية المناهضة التي يمكن أن تخوف المنظومة الحضارية الغربية اليهودية أو تقلقها، لم نجد أي نصيب لظهور أية منظومة حضارية أخرى على الأرض، غير منظومة الحضارة الإسلامية ونظامها العالمي الجديد. لأن جذور الحضارات القديمة في العالم، بعقائدها الوثنية وأعرافها المرحلية، وتشريعاتها البدائية وأفكارها المتخلفة، قد انتهت وغزتها منظومة الحضارة الحديثة لعدم تكافؤ المواجهة، لا من الناحية العقيدية حيث تتقابل الوثنية الخرافية مع المادية المعقلنة، والأعراف الفاسدة المتخلفة، مع أنماط الحياة الجديدة المغرية، وتشريعاتها الساذجة المقولبة، مع القوانين الدقيقة المعاصرة ذات الصبغة الإنسانية، والأفكار الغيبية الأسطورية، مع الأفكار الواقعية الإنسية ذات الاتجاهات التحليلية والمنطقية المقنعة. وينطبق ذلك تماماً على حضارات شعوب الأمريكتين وشعوب إفريقيا وشعوب آسيا، حيث إنها جميعاً انهارت أمام الحياة الحديثة، ولم تعد لها أية قيمة، بل أية مقاومة. وهي في أفضل حالاتها يمكن أن توضع في متاحف تلك الشعوب، لتساعد المحللين الاجتماعيين الغربيين على تقديم تحليلات قد تكون في جوانب منها، محرفة لحقيقة تطور تلك الحضارات، ومساعدة لترسيخ النظريات الاجتماعية الجديدة، التي صبغت تلك الشعوب صبغة جديدة، أدخلتها أو بدأت تدخلها في صلب المنظومة الحضارية الجديدة.
وما نراه أحياناً من صراعات ظاهرية بين أرباب منظومة الحضارة المعاصرة والقوى الناهضة في تلك الشعوب المقهورة ليست جوهرية، لأنها تدور برمتها في داخل تلك المنظومة الواحدة، التي تمسك بزمامها القيادة الواحدة للحضارة الواحدة، وتوزع الأدوار هنا وهناك، وتفتعل الأزمات، وتظهر القوى السياسية والاقتصادية، من أجل استمرار لعبة الشطرنج الكبرى، وتحديد دور كل شعب أو منظمة أو فكرة سياسية أو اجتماعية لأداء دورها كاملاًَ. وهي بمجموعها إن علمت أو لم تعلم تدور في فلك القيادة الواحدة وفي إطار منظومة واحدة، لا خوف منها، حتى لو كسبت بعض المكاسب السياسية والاجتماعية أو الحضارية، طالما أنها لم تخرج على العبودية لمنظومة حضارة الأسياد، وطالما أنها تخلت عن مواقعها الحضارية الأصيلة.

الصفحات