الباكورة

رسم الشاعر الأديب أسعد زيدان من البرازيل صورة مشرقة عبَّر فيها أصدق التعبير عن فن الزجل والشعر المحكي ، حيث قال :
الزجل أو كما نسميه مفاخرة الشعر الشعبي هو صوت في حنجرة كل شاب ، وهو موال غرام على شفة كل مراهق ، وغمزة عين صائبة السهام في عيون الفتيات العذارى الحالمات .
الزجل موسيقى صارخة مع مجوز الرعيان في وديان وتلال بلادنا ، وصوت أبوالزلف حنون تعيد صداه صخرة الشير ، وخضرة الحقول والبساتين ، وترنيمات عتابا وميجانا ترقص على كلماتها ونغماتها أغصان الصنوبر والحور والسنديان ، وقلوب الفلاحين والسائحين والمصطافين .
الزجل هو دبكة الفرح في حفلات الزواج ، وزغردات الغبطة والحبور في لقاء الغياب والأحباب .
أما الشاعر اللبناني إيليا أبو شديد فقد أضاء جوانب عديدة من الشعر العامي حين قال :
الشعر العامي أو الزجل لو أنصفوه لسموه الشعر لا أكثر ولا أقل ، هو لون من ألوان الأدب لا أبهى ولا أبدع ، إنه أقرب أنواع الأدب إلى الحياة لأنه أرهف شعورا ًبها ، وأشدُّ
التصاقا ً بأعماقها ، وألطف تعبيرا ً عن مشاعرها العفوية ، وأرق انطلاقا ً من السجية البكر والسليقة الموهوبة .
إنه يتفجر من صميم الحياة تفجر الينبوع الصافي من قلب الجبل ، ويجري في الجرود والوهاد ، في السفوح والسهول ، في المروج والرياض ، في البساتين والحدائق ، في خلايا النبات ونخاريب الصخور كما تجري الدماء في الأجسام .
هو لا ريب الشعر الصافي الصادق البعيد عن التكلف ، الغريب عن الحذلقة ، العاري من التصنع والتقليد ، إنه كالحقيقة ، ويا لعبقرية من قال :
الحقيقة عذراء حسناء عارية تخرج بعريها القدسي الجمال ، الفريد الروعة والبهاء من بئر عميقة الغور سحيقة القرار .
وقد عبر ابن الأثير عن قاعدة كبرى قديمة جديدة دائما ً إذ قال : الألفاظ داخلة في حيز الأصوات ، لأنها مركبة من مخارج الحروف فما استلذه السمع منها فهو الحسن ، وما كرهه ونبا عنه هو القبيح .
وإنني لأرجو أن يستلذ السمع بهذه القصائد البكر ، وتتفاعل مع النفس الإنسانية بشفافية لتحقق غاية الإبداع في التناغم مع الذوق والإحساس والتوحد بجوهر الحق ، ونشوة الفرح وعبقرية السحر ونضارة الجمال .