رواية "ذات مساء عاد الحب"، فكرت سكاي أن التجارب التي خاضتها في مرحلة المراهقة مع الشبان الذين واعدتهم لم تحضرها لمثل هذا العناق الوحشي. التفت ذراعا فوكنر حولها كالفولاذ وهما تثبتان جسدها بقربه وتمنعانها من التنفس.
أنت هنا
قراءة كتاب ذات مساء عاد الحب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
1 - تعالي معي!
- إلى متى ستبقين نائمة في السرير في هذا المستشفى وأنت تشعرين بالأسى على نفسك؟
تصلبت سكاي لدى سماعها هذا الصوت المتعجرف. أغمضت عينيها بسرعة علّ الرجل يختفي. مضت ست سنوات منذ أن رأت فوكنر هارينغتون أو سمعت صوته، لكنها عرفت صوته المتشدق الواثق على الفور.
- قلت لك...
- سمعتك!
استدارت سكاي لتواجهه محملقة. تراجعت قليلاً حين لاحظت أنه انتقل من مدخل الباب ليقف قرب سريرها. رفعت رأسها لتنظر إليه، فبدا طويلاً جداً وواثقاً من نفسه وهو يرتدي سروال الجينز وبلوزة قطنية سوداء.
ها قد عاد الانجذاب الحسّي بينهما بالرغم من كل ما مرت به سكاي وما تزال تمر به. أدركت بمجرد النظر إلى فوكنر أن أحاسيسها وإدراكها لوجوده لم تتغير أبداً، أما هو فقد تغير كثيراً. لاحظت أن شعره الذي كان طويلاً وأشقر أصبح قصيراً مع خصل رمادية واضحة، وما زال وجهه وسيماً وأرستقراطياً، أما عيناه الزرقاوان الجليديتان فما زالتا تقيّمانها وتتفحصان هيئتها، لكن خطوطاً صغيرة ظهرت الآن حول عينيه وفمه المنحوت هي عبارة عن تجاعيد تحددت بالألم والتصميم. لم تكن هذه الخطوط موجودة قبل ست سنوات.
لو أنه رآها منذ أسبوع فقط لرأى فتاة مختلفة بشعرها القصير ووجهها الذي اختفت استدارته ليصبح هزيلاً ذا خدين مجوّفين تحت عينين زرقاوين، أما ذقنها فأصبح مستدقاً بتصميم، كما اختفت التضاريس الجميلة من جسدها. أصبحت سكاي هزيلة أكثر مما كانت عليه وهي في الثامنة عشرة من عمرها، لكن ساعات العمل الطويلة أعطت جسدها لياقة كاملة.
نعم، لو أنه رآها منذ أسبوع فقط لعرفت سكاي ما الذي سيراه فوكنر عندما ينظر إليها، لكنها لم تنظر في المرآة ولم تمشط شعرها أو تضع مساحيق التجميل منذ أسبوع، وفوق ذلك كله، إنها ترتدي الآن الثياب المخصصة للمرضى في المستشفيات.
- حسناً!
حثها فوكنر بنفاد صبر حين لاحظ صمتها. أطلقت سكاي تنهيدة متعبة ومنعت نفسها من إجابته. لِمَ لا يدعها وشأنها؟ لِمَ لا يدعها الجميع وشأنها؟
سألته بفظاظة: "ماذا تفعل هنا؟"
التوى فمه حين أجابها: "جئت أزورك".
وليثبت كلامه أرجح الكرسي الموجود قرب سريرها إلى الوراء وجلس عليه، فلاحظت سكاي أن رجله اليمنى تبدو متصلبة.
تذكرت أنها قرأت منذ ثلاث سنوات في الصحف خبر إصابة فوكنر بجروح خطيرة عندما وقع جواد السباق الذي كان يمتطيه خلال إحدى القفزات ساحقاً فوكنر تحته. سببت له تلك الحادثة كسوراً في ساقيه، وتضررت أحداهما إلى حد كبير ما اضطره إلى البقاء في المستشفى قرابة الستة أشهر. بدا واضحاً أنه يشعر بالألم عندما يحرك ساقه اليمنى، بالرغم من أنها شفيت، إلاّ أنها لم تعد بحالة جيدة كالساق الأخرى.