أنت هنا

قراءة كتاب المسألة الكردية في العراق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المسألة الكردية في العراق

المسألة الكردية في العراق

كتاب " المسألة الكردية في العراق " ، تأليف صلاح سعد الله ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2006 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 10

أما فى اليابان فقد أنجزت البرجوازية - القومية وحدة البلاد فى الثورة الاجتماعية - السياسية السلمية خلال حكم التنوير « ميجي » (1868-1912) .
كانت البرجوازية - القومية فى هذه المرحلة التاريخية ، مرحلة إزالة الإقطاعية ، قوة ديمقراطية تقدمية عظيمة ، لكن هذه السمة التقدمية تتراجع عادة بعد تسلم السلطة وتوحيد البلاد فتتسم البرجوازية - القومية فى المرحلة اللاحقة بطابع رجعى عام كما يتضح من قيام النظام النازى فى ألمانيا والنظام الفاشى فى إيطاليا والتوسع الكولونيالى البريطانى فى العالم الثالث أيضًا، ففى مرحلة التحرر القومى ، حين والفرنسى والإيطالى واليابانى . وتنطبق هذه الظاهرة على البرجوازية - القومية ، تعمل الحركة القومية لإزالة السيطرة الأجنبية يغلب عليها الطابع التقدمى ، لكنها حين تصل إلى السلطة تفقد هذا الطابع تدريجًا ويغلب عليها الطابع الرجعى الاستبدادى ، فتحجب عن القوميات الأخرى خاصة والجماهير الشعبية عامة حقوقها القومية والديمقراطية . والمثال الواضح لهذه الظاهرة هو تركيا .
فقد عملت الحركة البرجوازية - القومية التركية بقيادة « مصطفى كمال » فى سبيل تحرير البلاد من الاحتلال الأجنبى ، بعد الحرب العالمية الأولى ، مما أسبغ عليها طابعًا تقدميًا ، ولما وصلت إلى الحكم بعد تحرير البلاد عبر الكفاح الوطنى المشترك لجميع القوميات فى تركيا ، تحولت إلى قوة رجعية عنصرية مستبدة ظالمة ، اضطهدت القوميات غير التركية وسحقت الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان الأولية . وقد سلكت البرجوازية - القومية الفارسية السلوك نفسه .
كان هدف الحركات القومية - البرجوازية « الكلاسيكية » فى أوروبا ( إنكلترا ، فرنسا ، ألمانيا ، إيطاليا ) هو إزالة الإقطاعية كنظام اجتماعى وذلك لتوسيع السوق الوطنية ، اقتصاديًا ، وتحقيق الوحدة القومية ، سياسيًا ، وبعد إنجاز هذا الهدف ، انتفى المبرر التقدمى التاريخى لاستمرار هذه الحركات ، ولذلك تميزت الحركات القومية بعدئذ ، فى هذه الأقطار ، بطابعها الرجعى والعنصرى والدكتاتورى أحيانًا ( هتلر وموسولينى فى ألمانيا وإيطاليا ، والجبهة القومية فى فرنسا والاتحاد الفاشستى «موسلى» ( ثم الجبهة القومية فى بريطانيا ) .
ولابد هنا من التأكيد ثانية على ظاهرة الانحسار التدريجى للصفة التقدمية أو الإيجابية فى الحركة القومية بعد تسلم السلطة أو إنجاز الوحدة القومية واستلهام العبر منها ، فبينما يتسم نضال الحركة القومية ضد الاضطهاد القومى وكفاحها لإزالة النظام الإقطاعى وإقامة مجتمع برجوازى وحدوى بطابع تقدمى عام واضح ، فإن هذا الطابع التقدمى يزول تدريجًا بعد استلام السلطة وتحقيق الوحدة القومية ، إذ تبدأ الحركة بعدئذ بالسير فى خط سياسى يمينى رجعى قد يؤدى فى النهاية إلى النازية أو الفاشية أو العنصرية وهذا ما حدث فعلاً فى بريطانيا وإيطاليا واليابان وأخيرًا فى ألمانيا . إن للحركة القومية وجهين وجهًا صالحًا ووجهًا طالحًا .
فبعد إنجاز الوحدة القومية بدأ الحكام البرجوازيون القوميون يمهدون السبيل للتوسع الاستعمارى ويسوقون لهذا الغرض مختلف الحجج كضمان منافذ للإنتاج الصناعى ومصادر المواد الأولية والمتطلبات الاستراتيجية والمعنوية « البعث القومى » والمجال الحيوى للنفوذ والسلطة .
ففى بريطانيا قدمت الحركة الفكرية للقومية الإنكليزية خطوطًا سياسية جديدة منذ أن تبوأ دزرائيلى رئاسة الحكومة ( 1874- 1880 ) إذ أبرزت فكرة « الرسالة » التى يجب على الإنكليز نشرها فى « إشراقة المدنية الأوروبية » ، وبشرت الكنيسة الإنجليكانية « أن الله أودع الأمة الإنكليزية رسالة » لتحققها فى العالم . وذهب أصحاب هذا المذهب « روديارد كبلنك » و« سيسيل رودس » و« جوزف تشمبرلن » إلى أن التوسع الإمبريالى هو « قانون التطور التاريخى » وهو يعبر عن « أهداف إلهية تفوق فيها الحكمة براعة رجال الدولة » ؛ والشعب الإنكليزى يملك إلهامًا سماويًا ليلعب دورًا حاسمًا فى مستقبل العالم ، وهو يشعر بانتمائه إلى عرق موجه »(6) .
وفى اليابان بدأ الدعاة القوميون يدعون إلى التوسع استنادًا إلى دوافع ديموغرافية: إيجاد علاج لاكتظاظ السكان فى الأرخبيل اليابانى ، واقتصادية : ضرورة تأمين المنافذ التى تحتاجها الصناعة اليابانية . وأصبحت الموضوعات الرئيسة فى التعليم والدعاية المنظمة من قبل الجمعيات القومية السياسية وفى كتاب الطقوس الذى يمجد أسلاف الإمبراطور تشمل ابتداء من عام 1880 - 1885 كبرياء الانتماء إلى الأمة اليابانية والاعتقاد بتفوق العرق اليابانى ، والاعتقاد أيضًا بأن الأمة عرضة للزوال إن لم تسع إلى توسيع سلطانها وصيانة الجوهر القومى والإحساس بـ « رسالة »يتوجب عليها القيام بها فى العالم(7) .

الصفحات