كتاب "العقد الاجتماعي" للفيلسوف والمفكر السويسري جان جاك روسو، والذي ترجمه للعربية الكاتب والباحث والمفكر العربي عادل زعيتر؛ ويقول زعيتر في مقدمة كتابه المترجم:
أنت هنا
قراءة كتاب العقد الاجتماعي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
العقد الاجتماعي
مقدّمة المترجم
أقدّم ترجمة «العقد الاجتماعي أو مبادئ الحقوق السياسية» لجان جاك روسّو...
في اليوم الثاني والعشرين من يونيه(1) سنة 1712 وُلد جان جاك روسّو في جنيف.
وكان أبوه إسحق ساعيًّا(2)، وكانت أمّه سوزان برنارد ابنة قِسِّيس، وكان جدّه الأعلى ديديه روسّو قد هاجر من باريس إلى جنيف في سنة 1550، أي أيّام الحروب الدينية، وقد استقرّت أسرته، التي هي من أصل فرنسي خالص، بهذه المدينة منذ ذلك الحين.
ولم يعرف روسّو أمّه سوزان برنارد، فقد ماتت بُعيد وِلادته، ولم يكن ليجاوز اليوم الثامن من عمره حينما فقدها، فقام أبوه بشئون تربيته في البداءة، ولكن من غير أن يُعنَى بأمر تهذيبه كما يجب، ومع ذلك فقد تعلّم القراءة ابنًا للسادسة، وطالع مع أبيه كتبًا كثيرة قبل بلوغه العاشرة من سِنِيه.
وكان أبوه إسحق نَزِقًا عاطفيًّا ذا أَثَرة، وممّا حدث في سنة 1722 أن تشاجر هو وضابط في جنيف قريب للقاضي الذي يحكم في الدعوى، ففرّ من جنيف خشية القسوة عليه، وأقام بقرية نِيُون البعيدة حيث تزوّج واستقرّ حتّى آخر حياته، وقد نَدَر اجتماعه بابنه بعد ذلك.
ويقوم بشأن تربيته بعد فرار أبيه خالُه برنارد الذي كان مهندّسًا في مدينة جنيف، ويرسله خاله هذا إلى كاهن بواسي، لانبرسيه، ليتعهّد أموره، فقضي عنده عامين، ويكسر مُشط أخت معلّمه، ويعاقبه معلّمه هذا على فعل ما اقترفه، فيألم كثيرًا، ويعود إلى منزل خاله سنة 1724، وتُحسِن زوج خاله معاملته، وتَعطِف عليه.
ويبلغ الثالثة عشرة من سنيّه، ويجعله خاله تلميذًا لدى موثّق على الرغم منه، ويزدريه معلّمه لعدم نجاحه، ويعيده إلى خاله، فيرسله إلى نحّات في سنة 1725، ويحبّ فنّ النحت، ولكنّ النحّات يقسو عليه، ويكثر ضربه ويجعله بائسًا مكّارًا خبيثًا، وفي سنة 1728، حين كان في السادسَ عشرَ من عمره، ذهب مع أصدقاء له للنزهة خارج جنيف، ولمّا عاد مساء وجد أبواب هذه المدينة مقفلة، فتمثّلت له غِلظة أستاذه ولم يرجع إليه، وصار يطوف حول جنيف أيّامًا ويعيش مع الأشرار فانحطّ.
ويقصد روسّو دير كونفِنيون بمديرية سافوا الإيطالية، ويُلقِّنه كاهن هذا الدير، بونفير، مبادئ الكثلكة، ويبعده من البروتستانية التي كان يدين بها، ويرسله إلى مدام دوفارِنز بمدينة أَنْسي، وكانت هذه السيدة بالغة الجمال فحاولت أن تجعله كاثوليكيًّا مقبولًا في مدرسة كاتِشومِن بتورين حيث ارتدّ عن البروتستانية.
وجد روسّو رجال دير تورين فاسدي السيرة، وودّ لو ينجو منه، فساعده على الخلاص كاهنٌ عطوفٌ قام بزيارة عابرة لهذا الدير، وهكذا هرب روسّو منه ليعود إلى سابق فقره.
ظلّ روسّو عاطلًا من العمل جائلًا في الطرق حتّى نفد جميع ما عنده من نقد، وكاد يموت جوعًا فرجع إلى ذلك الكاهن المُحسِن فأشركه في معيشته موصيًا إيّاه بالصبر واحتمال الألم، ومن هذا الكاهن اقتبس الإخلاص وحبّ الإنسانية ومقْت النفاق.
ويبحث روسّو عن عمل يعيش منه، ويُستخدَم في حانوت حسناء إيطالية، ويطرده زوجها عن غَيرَة، ويعمل عند أرملة غنيّة، وتموت هذه السيدة، ثم يصير خادم مائدة في بيت إحدى الأُسر النبيلة، ثم يزوره صديق من جنيف فيرافقه ويترك الخدمة مفضِّلًا الحرية على الاستقرار.
ويفرغ كيسه، ويقصد ثانية منزل مدام دوفارنز بمدينة أنسي سنة 1729 ابنًا للثامنة عشرة، فيُرحّب به، ويقضي في هذه المدينة حياة سعادة، يقضيها في القراءة والدراسة، وترسله مدام دوفارنز إلى إحدى المدارس لإتقان اللاتينية فيقرّر أستاذه عدم صلاحه لهذا، ويسافر إلى ليون بعد شتاء يقضيه في منزل تلك السيدة، ويلقى حياة قاسية في ليون، ويعود إلى ذلك المنزل فيجد مدام دوفارنز مسافرة، ويسأل فلا يعرف أين تقيم، ولا متى تعود.
ومن المصادفات أن لاقى في أنسي خادمة جاءت للبحث عن مدام دوفارنز فلم تَعلَم أين هي أيضًا، ويسافر مع هذه الخادمة إلى قرية فرِيبُرغ حيث يقيم أبوها، ويمرّ في طريقه على أبيه في قرية نِيُون، ويتعانقان، ولا تحسن زوج أبيه قبوله، فيداوم على سفره إلى قرية فريبُرغ، ولا يحسن أبو الخادمة استقباله، فيتوجّه إلى مدينة لوزان معسرًا كثيرًا.
وفي لُوزان يزعم أنّه أهلٌ لتعليم الموسيقا مدَّعيًا أنّه تعلّمها في باريس مع أنّه لم يرها حتّى ذلك الحين، وهو على ما كان من كَلَفه بالموسيقا كان جاهلًا لها، فيُمنَي بحبوطٍ ذريع.