كتاب " حمام القرماني " ، تأليف نجوى الزهار ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب حمام القرماني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
حمام القرماني
مذاق الكلام
سألتني نجمتي: كيف يكون طعم الكلام؟ هل له مذاق؟ أتشعرين بطعمه وأنت تتكلمين يذوب عسلاً؟ أم أن العسل هو كلام اتخذ صفته؟ هل ترين بياض الكلام ثلجاً؟ أم أن الثلج هو كلام اتخذ صفته؟ ثم عاودت السؤال: هل تنظرين إلى العيون؟ نحن في عالم النجوم، ننظر إلى العيون ملياً، نعرف أن للكلام طعماً فنتذوقه. بعضه نمتصه رويداً رويداً ليسري مباشرةً في القلب.
سألتها: يا نجمتي عندما كان الشجار، الخناق في أروقة حارتنا، هل كان لكلامهم طعم في الأفواه؟
صمتت نجمتي: ثم قالت:
الإنسان عاشق للجدران، للأبواب، لا يُريد إلا المواثيق المكتوبة. نحن في عالم النجوم لا نعتمد الأوراق مطلقاً، يكفي أن تمرّ نجمة أمام نجمة، ليُعرف أن الحب قد استقر بينهما. يكفي أن يمر رجل أمام بيتي، لأعرف أنه يُريدني. لا نحتاج إلى طرق الأبواب، إلى فتح الشبابيك، لا نحتاج إلى العهود، المواثيق... أنظري إلى هذه الأوراق المتراكمة، هل تضمن الحقوق؟
ولكن؟
قلت: لا لا نحن بحاجة إلى الأوراق، العلامات المدرسية يجب أن تأتي في ورقة، الزواج في ورقة، حتى الطلاق في ورقة. سمعت أمي تقول: ما أسعدني عندما استلمت ورقتي.
يا نجمتي أبي من البداية، رفض إرسال ورقتها، رفض الطلاق. ثم قال: إن كبرياءه لا تسمح له، هي لا تُريده، هو يُريدها، فليُطلّق! وهو المُمسكُ بورقتين رابحتين.. أختي وأنا.
شعر بانتصاره موقتاً....
ولكن عندما كثرت تساؤلاتي عنها، عن أم الأشجار، البساتين، أمسك أبي بكلماتي، ثم وضع بها قليلاً من محلول الحنان لعلّ قلب أمي يرقّ. ثم استعار بعضاً من أجنحة الطيران لتصل سريعاً إلى مسامع أمي. سألني يا نجمتي بأي مكانٍ أحتفظ بدموعي؟ ركضت مسرعة إلى وسادتي، وأعطيته بعضاً منها، لكي يبدأ بعجن الكلام.
ولكن يا نجمتي، لابد له في النهاية من أن يكتب ذلك في مكتوب، وإلا كيف سوف تسمع أمي ما قلت؟ لا لا أخالفك، يجب أن يكون هناك بعض من الأوراق.
كان الصمت......... قالت نجمتي: تابعي، تابعي...
ـ أتابع ماذا؟
- هذا الحديث!
- أي حديث؟
إنني أغيب يا نجمتي، أغيب، ألا ترين الشمس في غروبها؟ إنها تسكب ألوانها، تريد الذهاب إلى من ينتظرها. دعينا نحاول أن نغير مجرى هذا الحديث، فما عدت أدري يا نجمتي من القائل؟ من السامع؟
فنجان قهوة أول