كتاب " حول مسألة أصل الكرد " ، تأليف أرشاك بولاديان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكاب:
أنت هنا
قراءة كتاب حول مسألة أصل الكرد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

حول مسألة أصل الكرد
ويتيح وصف السياسة الضريبية في أرجاء الخلافة الواردة في مؤلفات علماء الجغرافيا الصادرة باللغة العربية، تبيان عملية دخول الكرد في الإسلام، كما تبين عقائدهم قبل الإسلام. وانطلاقاً من وجهة النظر هذه، وردت معلومات قيمة لدى ابن خرداذبة (توفـي عام 913م)[18]، واليعقوبــي[19]، وابن الفقيــه (توفــي عام 902م)[20]، وأبي دلف (توفي عام 942م)[21]، والأصطخري (توفي عام 951م)[22]، والمسعودي[23]، وابن حوقل (توفي عام 977م)[24]، والمقدســـي (توفي عام 985م)[25]، والإدريسي (توفي عام 1165م)[26]، ومؤلف المعجم الجغرافي المعروف ياقوت الحموي (1179-1229م)[27]، وآخرين. ومما يثير الاهتمام أن المؤرخين وعلماء الجغرافيا، كثيراً ما يصفون نفس الحادثة والظاهرة والموقع الجغرافي ولكن بتفصيل أكثر لدى هذا وبشكل مختصر لدى ذاك، وبالعودة إلى المعلومات التي تكمل بعضها البعض يمكن تكوين لوحة أكثر دقة عن الكرد في فترة الخلافة الإسلامية.
ليس هناك في المراجع اليونانية واللاتينية والأرمنية والسريانية ولا في غيرها من اللغات، أي شيء عن الكرد في مرحلة ما قبل الفتح العربي. كما أن المعلومات التي تتداولها الأوساط العلمية المتعلقة أساساً بمسألة البحث في أصل الكرد وبمصطلح (كرد) وما شابهه من المصطلحات، فإن جميع هذه المعلومات متناقضة وموضع جدل.
واستناداً إلى المعلومات التي وصلت إلينا من المراجع الأصلية التي تعود إلى العصور الوسطى، يمكن الافتراض أنه في خلال السنوات الثلاثين من بداية القرن السابع، أي في الفترة التي سبقت عهد الفتوحات الإسلامية، كانت القبائل الكردية تعيش تقريباً في المنطقة التي نسميها الآن (منطقة كردستان العراقية وكردستان الإيرانية)، وبعض المناطق الإيرانية.
وكانت الحروب المستمرة بين الساسانيين في إيران والإمبراطورية البيزنطية قد جلبت ضرراً كبيراً إلى تلك المناطق التي يعيش فيها الكرد. وقد عانى الكرد الذين كانوا يعيشون في منطقة ما بين النهرين وفي شهرزور وقرب المنابع الشمالية الشرقية لنهر دجلة، آثار تلك الحروب، لأن هذه المناطق أصبحت أحد المسارح الرئيسية للحرب الدائرة بين أقوى دولتين في ذلك الزمان . وما هو معروف، فمنذ بداية القرن السابع بدأ يبرز تفوق إيران العسكري على بيزنطة، واحتل الساسانيون خلال عدة سنوات (602-628م) القسم الأكبر من مناطق العدو (بين النهرين، سورية وأرمينيا ومصر، وغيرها). ولكن في العام (622م) شنت بيزنطة هجوماً معاكساً. وقد قهر الإمبراطور هرقل (610-641م) قوات خسرو الثاني وتقدم حتى وصل إلى عاصمة الساسانيين كتيسيفون (المدائن). لكن الأرستقراطية الفارسية التي لم تكن راضية عن تطور الأحداث، أطـاحت في العــام 628م خسرو الثاني. وبغية تعزيز مركزه، فقد عقد ابنه قادوا صلحاً مع الأمبراطور هرقل سحب بموجبه القوات الفارسية من المناطق التي كانت خاضعة للحكم البيزنطي (سورية، أرمينيا، مصر، وغيرها من المناطق الغربية). ونتيجة للفتوحات العربية في غربي آسيا ونجاحها في احتلال إيران في نهاية الثلاثينيات من القرن السابع، فقد وضع حد للصراع بين الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية، وذلك لأسباب رئيسية تعود إلى التطورات الداخلية التي كانت تجري آنذاك في كلتا الدولتين. وكان من إحدى النتائج المترتبة على فتح إيران دخول المناطق التي يسكنها الكرد والتي كانت جزءاً من الإمبراطورية الساسانية، في عداد مناطق الخلافة الإسلامية المترامية الأطراف[28].