أنت هنا

قراءة كتاب الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط

كتاب " الوظيفة الإقليمية لتركيا في الشرق الأوسط " ، تأليف د. أحمد نوري النعيمي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 8

ومن جانب آخر، بذلت الحركة الصهيونية من جهودها في التأثير على السياسة العثمانية إزاء فلسطين، إذ حاول هرتزل زعيم الحركة الصهيونية الاتصال بوزير الخارجية العثماني، إلا أنه أخفق في مهمته،ونتيجة لذلك، فقد اتصل بصديقه نيولنسكي، ولا سيما انه كانت هناك علاقات ودية بين نيولنسكي وعبدالحميد، والحق بعد وساطة نيولنسكي عند عبدالحميد، بعث الأخير برسالة إلى نيولنسكي،جاء فيها:

"أنصح صديقك هرتزل، أن لا يتخذ خطوات جديدة حول هذا الموضوع، لاني لا أستطيع أن أتنازل عن شبر واحد من الأراضي المقدسة، لأنها ليست ملكي، بل هي ملك شعبي. وقد قاتل أسلافي من أجل هذه الأراضي، ورووها بدمائهم. فليحتفظ اليهود بملايينهم. إذا مزقت دولتي، من الممكن الحصول على فلسطين من دون مقابل، ولكن لزم أن يبدأ التمزيق أولاً في جثتنا، غير أنى لا أوافق على تشريح جثتي وأنا على قيد الحياة(75).

وكان هذا الموقف من عبدالحميد هو السبب بخلعه من السلطنة في 27 نيسان 1909 وذلك بالتعاون مع لجنة الاتحاد والترقي التي جل أعضائها من الماسونيين البارزين، ولكن هذا الموقف قد تغير بعد مجيء الكماليين للسلطة. وعليه نرى أنه في أواخر عام 1930 وذلك بعد طرد هتلرمجموعة من اليهود إلى خارج ألمانيا، قامت تركيا بقبول عدد من الهاجرين اليهود(76).

وعلى هذا الأساس، كانت هناك محاولات صهيونية للتأثير على مركز اتخاذ القرار في تركيا الكمالية، وفي هذا المجال يقول وايزمن في مذكراته: " ذهبت عام 1938 لاستعين بالأتراك على تهدئة العرب، فقابلت عصمت اينونو وزير المالية، وجلال بايار رئيس الوزراء، وقد طلبا مني قرضاًمالياً على أن يدفع ذهباً. وقال لي السير برسي لورين السفير البريطاني أن الأتراك في حاجة إلى نصف مليون جنيه. وقد عدت وتحدثت إلى لندن في ذلك ولم يكن هناك اهتمام بكلامي ترى كم من الملايين دفعتها بريطانيا وأمريكا بعد ذلك بعام واحد لشراء ود الأتراك؟"(77).

ولكن مع ذلك، كان موقف تركيا إيجاباً من القضايا العربية، ولا سيما في نهاية الأربعينات من هذا القرن، وهذه المسألة واضحة لو حاولنا أن نرجع إلى اقتراح اللجنة الخاصة بمشروع قرار عربي ينص على إنشاء حكومة مركزية تقوم بإدارة الحكم في فلسطين بصورة مؤقتة على أن يتم انسحاب بريطانيا من البلاد بعد سنة واحدة من قيام الحكومة التي تتولى إجراء انتخابات عامة لجمعية تأسيسية تقوم بوضع دستور ديمقراطي للبلاد بأكملها على اعتبار أنها وحدة مستقلة ولم تؤيد القرار إلاّ اثنتا عشرة دولة، كانت تركيا من بينها، بينما رفضته تسع وعشرون دولة في مقدمتها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وفي هذا المجال عرض كل من الاتحاد السوفيتي والهند مشروع دولة ديمقراطية مستقلة في فلسطين، فأيدته الأقطار العربية وتركيا.(78)

فضلاً عن ذلك، كان هناك اتفاق في وجهات النظر الغربية عند تصويت اللجنة الخاصة في 24 و25 تشرين الثاني 1947 على مشروع قرار ينص على الرجوع إلى محكمة العدل الدولية للرأي الاستشاري فيما يخص بثماني مسائل تثيرها المشكلة الفلسطينية، وتخص المسألة الأخيرة بعدتنفيذ أي مشروع تقسيم يخالف آمال الفلسطينيين أو يتم دون موافقتهم.(79)

وأكثر من ذلك، أن تركيا صوتت مع الأقطار العربية ضد مشروع قرار التقسيم الذي يحمل رقم 181 عند عرض المشكلة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني عام 1947(80) وقد فسر بعضهم هذا التصويت أنه يعكس الشعور الإسلامي في تركيا(81) ومن جانب آخر، أنه حسب المفهوم التركي، فإن تصويت تركيا ضد التقسيم كان نتيجة لضغط سوفيتي تمثل في المطالب الإقليمية السوفيتية من تركيا في هذه المدة الزمنية. وقد أثار التأييد السوفيتي لقرار التقسيم ورغبة الاتحاد السوفيتي في إقامة الكيان الصهيوني شكوكاً في الصحافة التركية. ودعت هذه الصحف إلى أن الكيان الصهيوني سيصبح تابعاً وخاضعاً لنفوذ السوفيت(82) ولا سيما إذا عرفنا وجود حزب المابام في السلطة وذلك في 15 أيار 1948 الذي أقام علاقات اشتراكية مع غيره من الأحزاب الاشتراكية، مما أثار خشية تركيا أن يكون الكيان الصهيوني صنيعاً منالاتحاد السوفيتي.(83)

وعليه يمكننا أن نذهب إلى القول في هذا المجال أن موقف تركيا ضد قرار التقسيم لا يعكس الشعور الإسلامي، ولا سيما إذا عرفنا أن أنقرة استخدمت في هذه الحقبة السياسية العلمانية المتطرفة بأبعاد المجتمع التركي عن المسلمين والعرب في آن واحد.(84)

وفي هذا الصدد قالت صحيفة جمهوريت التركية: "إن دولة إسرائيل تكون بلا شك متأثرة إلى حد بعيد بالعناصر اليسارية التي تسيطر على اقتصادياتها". وقد عملت تركيا أيضاً بعد ذلك للتعاون مع الأقطار العربية بعد اتخاذها قرارها هذا(85).

اما فيما يخص الكيان الصهيوني، فانه سعى ومنذ مدة ليست بالقصيرة الدخول مع تركيا في علاقات ستراتيجية وثيقة، فالقادة الصهاينة واعتبارا من دافيد بن غوريون اولو اهتماما في توثيق العلاقات مع تركيا، لان ذلك من وجهة نظرهم سيسهم في تخفيف العامل الديني في الصراع العربي الصهيوني، واعطاء الكيان الصهيوني بعدا ستراتيجيا مهما، وشريكا تجاريا، وارتباطا صهيونيا مع حلف شمال الاطلسي والعالم الغربي.

الصفحات