قراءة كتاب بيئات الأهوار العراقية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بيئات الأهوار العراقية

بيئات الأهوار العراقية

يتناول هذا الكتاب في فصوله المتعددة جوانب مهمة من بيئة الأهوار الجنوبية والوسطى شاملا المناخ والجغرافية وأنواع الترب ومكوناتها ومصادر، ونوعية المياه والتنوع الوظيفي كالإنتاجية الأولية للنباتات المائية والهائمات والشبكات الغذائية ومستويات التغذية ولمحات عن ا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 4

الأهمية البيئية للأهوار العراقية

يطلق على بيئات الأهوار تعبير بيئي (Ecotone) أي المنطقة البيئية الانتقالية بين بيئتين مثلا اليابسه والمائية العميقة وتحوي صفات كلا البيئتين.
وتتميز بالعوامل البيئية التالية:
1- الرواسب المشبعة بالماء.
2- النباتات المائية المتخصصة لهذه البيئة قليلة الأوكسجين أو المختزلة.
3- وجود الماء السطحي والجوفي.
تتميز الأهوار العراقية بتنوعها الإحيائي والبيئي العالي وانها البيئة الأساسية (Fundamental habitat) للعديد من الكائنات ويعيش في الأهوار حاليا أكثر من 90 نوعا من الفطريات وأكثر من260 نوعا من الهائمات النباتية والطحالب و51 نوعا من النباتات المائية وحوالى 89 من الهائمات الحيوانية و92 من اللافقريات الكبيرة وأكثر من 41 من الأسماك النهرية والبحرية المهاجرة وتضم أكثر من 159 نوعا من الطيور المائية المقيمة والمهاجرة الشتوية والصيفية وأكثر من 18 نوعا من اللبائن المقيمة والمترددة عليها.
تتفوق الأهوار بإنتاجيتها الأولية والثانوية العالية على الكثير من المسطحات والأجسام المائية الداخلية وهذا نتيجة لوجود الغطاء النباتي الكثيف، لايستهلك من إنتاجية المواد العضوية الا جزء اليسير (10-15)% من قبل الأحياء الأخرى ويتحول الباقي إلى فتات عضوي (Detritus)، وتعرف الأراضي الرطبة بأنها المنتج والمصدر الكبير لها.
إن كثافة الغطاء النباتي وكثرة الطحالب الكبيرة وتوفر الفتات العضوي من الأسباب التي دفعت الحيوانات للجؤ للأهوار لأغراض التغذية والتكاثر والحماية، مثل الأسماك البحرية والربيان البحري المهاجر والطيور المهاجرة. توفر كثافة النباتات المائية ملجأ امينا ليرقات الأسماك واللافقريات وصغار الأحياء الأخرى لتختفى بينها لحمايتها من المفترسين الكبار.
للتيارات المائية الضعيفة أو انعدامها دوراً بجعل الأهوار المكان المثالي لبقاء يرقات الأحياء وعدم انجرافها خارج هذه البيئة الهادئة والمناسبة، وتستخدمها الأسماك النهرية والبحرية كأماكن للتكاثر، لاكمال دورات حياتها. تمثل بيئة الأهوار بيئة غنية بالموارد الغذائية ومناسبة لنمو أنواع من الأسماك والنواعم الكبيرة والقشريات والحشرات المائية وغيرها.
تهاجر إليها أنواع من الطيور المائية للتغذية وهربا من الطقس المثلج في مناطقها الاصلية، ومحطة استراحة لأنواع مهاجرة كثيرة عبر القارات، وتعشش فيها العديد من الطيور المائية. تطرق عدد من الباحثين للانظمة البيئية في الأهوار وأهميتها للأحياء في المنطقة مثلُ (Evans, 1994 2002)، وبالأخص تنوع الحياة البرية فيها Evans Scott (1994).
تمد الأهوار الجنوبية العراق بحوالى (60)% من ثروته السمكية سابقا FAO (1999)، كما أن حوافه مناطق لزراعة الشلب (الأرز). تعمل مناطق الأهوار كأنظمة لمعالجة وتصفية المياه القادمة من دجلة والفرات وشط العرب المحملة بالمواد العالقة حيث انها تتألف من مجموعة من المسطحات المائية الضحلة والبرك الكثيفة بالنباتات المائية (Canopies) والمتتالية ومتصلة مع بعضها البعض وتعمل كأنها مجموعة من المصافي الحياتية، وعليه تعمل الأهوار كمصفى طبيعي كبير للمخلفات البشرية غير المعالجة والأسمدة الزراعية وبقية الملوثات الكيميائية القادمة مع مياه الرافدين. وبهذا تحمي بيئة الأنهار اسفلها والبيئة البحرية لمنطقة شمال الخليج العربـي. وبينت الأبحاث تأثر بيئات السواحل الكويتية خلال سنوات التجفيف الطويلة للأهوار Maltby, 1994 Al-Yammani et al., (2007).
تغطي أهوار جنوب العراق مساحة 15000 كيلومترا مربع (حوالى 44% من المياه الداخلية) وتعادل ضعف مساحة الأراضي الرطبة في أهوار أفركليد المشهورة (Everglads) في فلوريدا وكالورينا الجنوبية في أمريكا الشمالية. تتألف الأهوار الجنوبية من مجموعة متنوعة من بيئات الأراضي الرطبة تضم أهوارا دائمية وموسمية والمؤقتة، وتختلف في ما بينها في نوعية مجتمعاتها الإحيائية السائدة وإنتاجيتها الحياتية وأدوارها الوظيفية وكذلك بالنسبة للمناطق البرية القريبة من حوافها.
تنفرد الأهوار العراقية عن بقية الأراضي الرطبة في العالم إذ أنها مسكونة من قبل البشر وهناك تناغم مع البيئة أي أن وجود الإنسان لم يسع إلى تغيير أو تدمير البيئة وتمتد حضارة عرب الأهوار إلى 5000 سنة في عزلة نسبية عن التطور الحضاري والعيش على جزر مصنوعة من القصب والتراب (الجبايش). تشمل الأهوار العراقية الوسطى والجنوبية الرئيسة بيئات مياه عذبة وقليلة الملوحة ومويلحة. الأهوار الوسطى وهور الحويزة تمثل أهوار مياه عذبة أساسا، وهور غرب الحمّار فيمثل بيئات مياه قليلة الملوحة وهور شرق الحمّار فيمثل بيئات مويلحة ويتأثر بظاهرة المد والجزر النصف يومية. تتميز الأهوار بسكن البشر فيها (Thesiger,1954 1964)، وهذا لا يماثل بقية الأراضي الرطبة (Marshes) في المناطق الدافئة والحارة في بقية أرجاء العالم.
تتميز الأهوار العراقية نتيجة للظروف البيئية والهيدرولوجية والترسيبية الخاصة بها وتكونت أراضي رطبة فريدة من نوعها تتمتع بتنوع بيئي ونوعي ووظيفي كبير (Ecological,Functional and Orginsmal Diversity)، وتوفر الإنتاجية الأولية العالية مصادر الغذاء المختلفة كعامل جذب للأحياء المائية والبرية من المناطق البيئية المجاورة وحتى البعيدة عنها حيث يلاحظ ان تجمعات الأحياء في الأهوار هي خليط لأنواع آسيوية وأوربية وحتى افريقية. قامت Nicholson Clark (2002) بدور رائد لتعريف العالم بهذه الأهوار واحيائها النادرة وتنوعها البيئي والإحيائي الواسع وتأثير التجفيف المدمر عليها.

الصفحات