يتناول هذا الكتاب في فصوله المتعددة جوانب مهمة من بيئة الأهوار الجنوبية والوسطى شاملا المناخ والجغرافية وأنواع الترب ومكوناتها ومصادر، ونوعية المياه والتنوع الوظيفي كالإنتاجية الأولية للنباتات المائية والهائمات والشبكات الغذائية ومستويات التغذية ولمحات عن ا
قراءة كتاب بيئات الأهوار العراقية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الأهوار والتاريخ
أشارت المصادر إلى إن العالم الاثاري Woolley وجد على الروابـي في حفريات تل العبيد الواقع إلى الشمال من أور بثمان كيلومترات آثار قديمة تعود إلى حضارات عصر العبيد (4500 - 3800)ق.م وعصر الوركاء (3800 - 3500)ق.م مثل الأواني الفخارية وأدوات الصوان وبعض قطع الفخار عليها آثار عيدان البردي، وتبين له إن هذه المرتفعات عاش عليها بشر سكنوا أكواخا مصنوعة من عيدان القصب. وتمثل هذه المناطق جزرا مرتفعة عن سطح الهور كما هو الحال اليوم وتعرف (بالايشن) التي تنتشر في الأهوار الشرقية والغربية. في ضوء حقيقة وجود القصب والبردي على أواني ومساكن تلك الحضارات يمكن الجزم بوجود الأهوار منذ ذلك الوقت إذ إن هذين النباتين كانا وما يزالان من نباتات الأهوار الرئيسية.
ومما يعزز هذا الجزم ورود ذكر البطائح في الكتابات المسمارية في لفظ (أكاحي) ومعناها البطائح وكلمة (ابراتة) ومعناها إقليم القصب نظرا لما يسود الأهوار من منابتة. وجاء وصف الأهوار البابلية في لوحة Reutimg وذكر إلى جانب كلمتي Paludes وDiotahi وهي بلا شك محرفة عن بيوتاهي أي البطائح.
وجد في قبو لنك نقش بارز يمثل الملك سنحاريب الذي عاش في القرن السابعق.م وهو يقاتل أهل البطائح وسط غابة مرتفعه من القصب والبردي. يضم المتحف العراقي العديد من الألواح التي تصور البطل كلكامش وهو يصارع الجاموس أو يسقيها من مياه نهري دجلة والفرات وهذا الحيوان كان ولا يزال يعيش في بيئته المفضلة وهي الأهوار لتوفر الغطاء النباتي الكثير فيها وليغمر جسمه في مياهها لتخفيف درجة حرارته خصوصا في أشهر الصيف الحارة ويعتقد بأنه دجن في منتصف الألف الرابع ق. م. (Hatt, 1959).
يطلق الآشوريون على الأهوار لفظ نارموتو أي الماء المر أو رفتوبيت حشمر أو بطيحة ضفة دجلة. وتعني كلمة اغماربتا أو سوزبانا البطيحة الكبرى وهي الأهوار الواقعة بجوار هور الحويزة الحالي. وقد عرفها الرومان باسم (Chaldaicus Lacus)، ووصفها قائد أسطول الاسكندر المقدوني نيروكوس وصفا دقيقا يستند على اجتيازه لها فقال إن عرضها 600 سنتاد (80 ميل أو 144 كيلومترا).
أشار عالم الآثار العراقي المعروف طه باقر إلى قدم الأهوار في سياق دراسته حول تاريخ نبات البردي المعروف بأسم أربتو عند السومريين حسب ما ثبت في كتابات الملك الآشوري شيلمنصر الثالث (858-824) ق. م.
ذكر باقر نوعا من القوارب صنعت من نبات أربتو، وميزت عن نوع آخر من القوارب استعملت فيها الجلود المنفوخة (القربه)، أي أن النوع الأول من القوارب هو الذي يشبه القوارب التي تصنع في الأهوار الآن من البردي والقير مثل المشاحيف وغيرها وقد ذكرت المصادر المسمارية الحصر المصنوعة من هذا النبات وقد سمتها باسم أرشو أربتي أي فرش البردي.
لم تكن الأقسام الجنوبية من العراق بالمعنى الذي نفهمه اليوم والذي انتشرت فيه الأهوار بدليل وجود المناطق الأثرية وسط مياه الأهوار الحالية كالحويزة والأهوار الوسطى وهور الحمّار والتي تمثل أماكن لحضارات قديمة شيدت في مناطق يابسة أو في مناطق الأهوار المؤقتة.
لم تكن مياه الخليج العربـي بمعزل عن مياه الأهوار في تلك الأزمنة بل كانت تدخل منطقتها وتختلط بمياهها وحتى إلى عهد قريب مما يدل على ان الكلمة التي يستعملها البابليون للدلالة على البحر كانوا يطلقونها على الأهوار أيضا. ذكرت الدراسات الاثارية على ان مدينة اريدو ميناءا بحريا للمملكة سومرية بسب استعمال نفس الكلمة لوصف الأهوار والبحار وكانت مدينة تقع داخل منطقة الأهوار، وما يقال إلى وم عن مدينة البصرة بكونها ميناء للعراق فهي تبعد عن البحر بـ110 كيلومتر وتصل إليها البواخر التجارية البحرية (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2007).