أنت هنا

قراءة كتاب حياة جديدة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حياة جديدة

حياة جديدة

كتاب " حياة جديدة " ، تأليف لطيفة الحاج قديح ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قدتُطفُأالأضواء في الدروب كلها ،
ويبقى البصيص الأخير..

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

ولكنه لم يعلق بشيء، وكأن الأمر لا يعنيه! وقد وقع ذلك في نفسها موضع ألمٍ وحسرة، ما جعلها تشكو أمرها لشقيقته شادية، قائلة:
ـ لقد تربيتُ على الحريَّة، فلم يجبرني والداي يوماً على القيام بأمرٍ لم أقتنع به، ولم يرفضا لي طلباً، على الرغم من عدم قناعتهما أحياناً بما أطلبه. فلماذا إذن يحاول عدنان أن يفرض عليَّ آراءه وأسلوبه في العيش؟ لماذا لا يناقشني أو يحاورني لنجد معاً حلولاً لمشاكلنا الزوجية؟ ولماذا ينتظر مني أنْ أطيع أوامره من دون نقاش؟!
ولكن تدخّل شادية بينهما زاد الطين بلّة. وبدلاً من الإصغاء إلى حبيبته ومناقشة الأمر معها، أخذ عدنان يعيّرها بإفشاء أسرار حياتهما الزوجية للآخرين.
ومع الوقت وجد الحبيبان نَفْسيهما، مختلفين في أمور كثيرة، وأصبحا يتشاجران لأسباب تافهة،كلٌ يريد أنْ يفرض إرادته، فتكون له الكلمة الأخيرة. وقد تجاهلا قول الله تعالى:(هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) وكأنهما لا يعرفان أن الزواج فعل تفاهم، ومحبَّة، ورحمة، وليس سلطة، وأوامر، وتنفيذ كلام..
ومع كثرة الخلافات والمشاحَنات في حياتهما الزوجية، تلبَّدتْ سماء علاقتهما بسحب كثيفة، اختفتْ خلفها معالم الحب. وبدأت جذوة الغرام تَخبُو، ويحلُّ مكانها التوتُّر والقلق..
وقد كانت "شهد" معتادة على حياة الحرية والتَّرف، تقبعُ داخلها طفلة كبيرة، تحلُم بحميمية العلاقة بينها وبين شريكها، وتعتقد أنها ضحّت كثيراً لإنقاذ علاقتهما، وتنتظر منه أن يضحي بدوره لأجل حبهما، ولكنه لا يفعل، ما جعلها تُصاب بصدمة عنيفة، وبخيبة أمل، جرَّاء أسلوب معاملةٍ لم تكن تتوقعه منه أبداً. وهي ترفض أن تكون كالنعجة تطيع الأوامر فحسب، فله عليها حق الاحترام وليس الطاعة العمياء!
وقرّرت شهد أن لا تستسلم، بل دعته إلى الحوار، وأصرّت، فأجاب: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ).... والإسلام يطلب من المرأة أن تطيع زوجها، وتخدمه، وتهيّىء له كل ما يريد، هكذا تفعل والدتي مع والدي، وشادية مع زوجها، فلماذا تشذّين أنت عن القاعدة؟
لم يعجبها رأيه، ولم تقتنع، فاعترضت قائلة: إن والدي يساعد والدتي كثيراً في أعمال البيت، حتى من دون أن تطلب منه، مع أنها ليست موظفة، فما رأيك؟
أجابها بجفاء:
ـ لا يهمني ماذا يفعل والداك. فهذا شأنهما!
امتعضت من جوابه، فردّت محتجّة:
ـ إن تفسيرك للأمور يجافي العقل والمنطق، ولعلمي أن النظام في الإسلام قائم على مبدأ الشورى بين الرجال أنفسهم، وبين الرجال والنساء في الحياة الزوجية، فهو دين عدل ومساواة، والمرأة لا تملك طاقات خارقة لكي تستطيع العمل في الداخل والخارج؟ وأتساءل: كيف سيكون الحال عندما نرزق بأطفال؟
ولكنّ عدنان لم يهتم لرأيها، بل أصرّ على موقفه متذرّعاً بأنه صاحب حقّ. فقرّرت شهد أن تبحث عن الحقيقة بنفسها، حقيقة ما تفرضه الشريعة الإسلامية على الزوجة. فلجأت إلى الكتب المتخصّصة وإلى الأنترنت، فقرأت الكثير حول الموضوع، وأحبّت أن تؤكد على صحة ما تقرأه من خلال رأي العلامة المرجع الذي تسمع عنه الكثير وتثق به وتحترمه، فقامت بزيارة مكتبه، واستشارته في الأمر، فشرح لها قائلاً:
"إن الالتباس الحاصل حول مفهوم دور الرجل في السيطرة الكاملة والتصرف المطلق بشؤون المنزل والمرأة، إنما يعود إلى الخلط بين معنى القوامة ومعنى الولاية؛ فالولاية أثر من آثار نقص الأهلية في الشخص الذي تسري الولاية عليه، فلا تتأتّى له ممارسة حقوقه أو بعض منها إلا بإذن الولي. وقد ساوى الله تعالى بين الرجل والمرأة في حق الأهلية، وهو ما يعرف بالولاية المتبادلة، وهذا متعلق بمستوى الأهلية بين الطرفين، بدليل قوله تعالى: ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ )، أما عندما يتمتع كل منهما بكامل الرشد، فليس لأحدهما ولاية على الآخر.

الصفحات