كتاب " موجز تاريخ العراق " ، تأليف د. كمال ديب ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب موجز تاريخ العراق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
موجز تاريخ العراق
شهادات في الطبعة الأولى
كتاب كمال ديب هو عمل ذو طابع موسوعي يعطي القارئ المعلومات الأساسية عن تاريخ العراق الحديث والمأساة المتواصلة التي ألمّت بشعبه منذ عام 1980. فالحقيقة أنّ المؤلف كالرسام الماهر، استطاع نقل صورة متكاملة للمشهد العراقي منذ بداية العهد الملكي، بكل تفاصيله، وبدقة متناهية.
ولاعجب في ذلك، فالذي يعرف كمال ديب عبر مؤلفاته السابقة ومقالاته المتعددة حول القضايا الاقتصادية والمالية والاجتماعية اللبنانية الشائكة والمعقّدة، يعلم مدى دقته في وصف المواضيع التي يتناولها، وحرصه على عدم إطلاق الأحكام المسبقة وإنصافه للوقائع والحقائق، إضافة الى مواظبته على الإلمام بكل التفاصيل وكل وجهات النظر وأخذها بعين الاعتبار .
انما ما يلفت القارئ في هذا العمل الجديد هو الجهد الاستثنائي الذي بذله الكاتب ليس في جمع المعلومات والوثائق فقط، بل في استيعابها وترتيبها وإخراجها بالشكل المناسب حتى يتسنى للقارىء العربي تكوين رأي مستقل عن المأساة العراقية بعيداً عن المهاترات الإعلامية التي رافقت كل مراحل صعود النظام العراقي وسقوطه في الثلاثين سنة الماضية. فالمشاهد العربي قد أصبح ضائعاً في نظرته الى معاناة الشعب العراقي المزمنة بسبب كثافة المادة الإعلامية السطحية التي بررت أو أدانت الحرب، والحظر الاقتصادي المفجع الذي أفقر الشعب العراقي وجعل منه هدفاً للأطماع الامبريالية الجديدة ونزاعات القوى الاقليمية المختلفة، من عربية وغير عربية.
وقد كان لا بد من ريشة كمال ديب الرشيقة للقيام بوضع هذه اللوحة الدقيقة والشاملة لتطورات المشهد العراقي بكل تعقيداته، ولاستيضاح الرؤية بالنسبة الى المستقبل وقضاياه الرئيسة، الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك النفطيّة.
واجه العراق أربعة تحديات رئيسة هي: مكافحة الفقر وبناء أسس لتنمية مستدامة، والانتقال من اقتصاد موجه إلى اقتصاد السوق، وخطط الاعمار ووسائل تمويلها، وإعادة تأهيل النظام المالي والنقدي لتجاوز فخ الديون، هذه التحديات التي احتاجت إلى رؤية جامعة توضح مدى الارتباط العضوي في ما بينها، وتأخذ في الحسبان تأثيراتها المختلفة على مستقبل العراق. وبالعكس، فإنّ تجزئة المقاربات ستضر باحتمالات النجاح في إعادة بناء البلاد والتأسيس الفعّال لوسائل وأنظمة مؤسساتية تؤمّن رفاهية المواطن العراقي.
فهل ستتغلب الحكمة العراقية والعربية على الاطماع الاقليمية والدولية التي لا تزال تعصف بمنطقتنا منذ غزو نابليون لمصر عام 1798؟ هل سيتعاضد العرب والعراقيون من كل الاهواء للتخلص من تلك الاطماع وبناء نظام عربي اقليمي قوي من شأنه وحده أن يقضي على التوسع الاستعماري في قلب امتنا العربية؟ هذا هو السؤال الكبير الوحيد الذي يطرحه الوضع العراقي، كما الوضع الفلسطيني وربما غداً الوضعان السوري واللبناني.
ومن هذا المنظور، فان كتاب كمال ديب هو خير مدخل للتأمل في مأساة القطر العراقي الشقيق للانتقال نحو بناء مستقبل أفضل.
معالي الدكتور جورج قرم
أول ما يلفت النظر في قراءة كتاب «زلزال في أرض الشقاق: العراق 1915 - 2015» لكمال ديب هو البعد الفلسفي السياسي للكتاب. ولعل الفيلسوف الايطالي نيكولو ماكيافيلي صاحب كتاب «الأمير» سيسعد لو قرأ كتاب ديب إذ سيجد فيه كنزاً من الدروس عن أسباب قيام الدولة وفشلها. وهذا همّ حمله ماكيافيللي في كتاباته الأكثر جدية إلى جانب كتاب الأمير الذي اشتهر به عبر القرون. ولعل عنواناً فرعياً يخطر في البال لكتاب ديب هو «لماذا تفشل الدولة العربية؟»، أي تلك الدولة (أو بالأحرى مجموعة الدول) التي ظهرت بعد سقوط الامبراطورية العثمانية في القرن العشرين، وفشلت أو هي في طريقها إلى الفشل والقرن العشرون لمّا ينقضِ.
دأبت الادارة الأميركية ومؤسسات البحث في واشنطن في الحديث عن «فشل الدولة»، والمقصود الكيان السياسي الذي طبع الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة منذ 1945 من دولة ذات مؤسسات عسكرية وسياسية وحزبية ومقوّمات مادية اقتصادية تسمح باستمرارها وديمومتها. ومن الأمثلة على الدول التي فشلت في المنظور الأميركي نرى أفغانستان منذ العام 1978 وحتى الاحتلال الأميركي عام 2001، والصومال منذ 1980، والعراق منذ حرب الكويت وبدء الحصار وصولاً إلى الاحتلال الأميركي أيضاً، ولبنان في الفترة الممتدة من 1975 حتى 1990 ويوغسلافيا في التسعينيات .
إنّ مسألة قيام الدول وهبوطها شغلت المفكرين الأنغلوسكسون على وجه الخصوص، فعنونوا مؤلفاتهم بكلمات توحي بالصعود والهبوط، مثال العمل الضخم للمؤرخ إدوارد غيبون» (تدهور الامبراطورية الرومانية وسقوطها) وادوارد شراير (قيام الامبراطورية النازية وهبوطها).
وفي كتاب كمال ديب الذي ضم بين دفتيه قصة العراق كاملة في مائة عام من نواحيها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، صورة مثيرة عن المعالجة الفلسفية لقيام الأمم وسقوطها، العراق نموذجاً. وهذه الصورة نلحظها في أجزاء الكتاب الستة التي تضيف بعداً عضوياً للبحث والتحليل؛ ومن عناوين هذه الأجزاء «الصعود»، «الهبوط»، «الانهيار»، «الزلزال»، و«المستقبل». ويختم ديب كتابه بنظرة متفائلة، إذ إنّه يتكلم عن مستقبل مشرق لعراق لا يموت، في حين كان الانكليز يتكلمون عن امبراطوريات انقرضت لا أمل في بنائها أو لا يؤمل في قيامتها.
كان ديب استثنائياً في كتابه، فهو إضافة إلى بعده الجغرافي مكاناً وارتباطاً عن ساحة العراق، كتب بتجرد وموضوعية عكسهما كونه مؤلفاً كندياً من أصل لبناني مهتماً بقضايا الشرق الأوسط. ومن المنطلق المنهجي الأكاديمي المتبع في كندا، وضع ديب ملخصاً لأطروحته في التوطئة.
ولعل معالجة موضوع فشل الدولة العربية الذي نجح فيه ديب يتجلى في بعض الاختيارات لبدايات الأجزاء والفصول.