أنت هنا

قراءة كتاب أسوار الكراهية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أسوار الكراهية

أسوار الكراهية

رواية "أسوار الكراهية" للكاتب التركي جيم مومجو، والتي ترجمها للعربية محرم شيخ إبراهيم، والصادرة عن دار الحوار للنشر والتوزيع، يرصد من خلالها الرو

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

الفصل الأوّل

كان الحمّامُ يرى أنّ لجوءَ الزمان إلى الصفع واللطم يتوقف ـ والمستعمل منهما معروف طبعاً ـ على مجرد قرعةٍ، كما كان يرى توقعَ أذى وضربات الحياة الظالمة والغبيّة ممكناً. وحين يذكر الحمّامُ أيامه الخوالي لما كان يستهلكُ من حوضه وماءه الساخن وطاسَه، حينئذٍ هل كان بمقدوره أن يتمنّى: "ليتني لم أقطر قطراتِ الماء دائماً على نقطة بذاتها من الرخام كيلا تحفر فيها هذه النقرة"؟. هل كان بوسعه أن يقول: "عسى أن يكون أحدهم قد جدّد جلدة هذا الصنبور، أو (خيط اللف)، ويا ليتني أحدثتُ ضجيجاً أكبر أثناء السقوط، أو ليتني دققتُ كالمسمار في دماغهم هذه القطرات المُمْرضِة والمزعجة والتي تتساقط سريعاً، فلا يطيقونها، فيستبدلون الجلدة؟".
لولا تهشمُ زجاج القبّة الصغير من المنتصف وإفساد فسحة الحمّام العميقة، لمَا كانت الحوادث تجري هذا المجرى... لولا ذلك هل كان ممكناً أن يحوّلَ الزجاجُ البسيطُ والممتدُّ بطول الرخام والجدار والقبة، التقاءه السريَّ والمهيبَ بالمعدن الصدئ والحجر المختلطِ المتحوّل إلى اللون الأخضر الشبيهِ بالطحلب؟.
كم كان مفيداً تخصيصُ أيّام أو ساعاتٍ للرجال والنساء. كلٌّ على حدة!. كم من الرجال دخلوا إلى هذا الفراغ المتناوب وهم يرتدون المآزر والقباقب دون أن يكون في أذهانهم وأرواحهم وأعضائهم المنتصبة عُرْياً، خيالُ امرأة؟ كم ألفاً أو مئات آلاف من نطفٍ ذات رأس وذيل كانت تحمل جوهرَ الحياة، قُذِفَتْ بين شقوق الرخام الصغيرة؟ كم مليوناً من أطفال موتى، أي قابلين للولادة أو الموت، تُركوا في الأحواض أو الأرض أو في الأحجار التي تحوّلت ألوانها على الماء؟ أثناء نوبة النساء، كم من النساء حضْنَ فوق النطف المقذوفة، أو كم من آلاف النساء في غمرة نشوة الإباضة أشبعن رغبتهنّ بالفرك برخام التمدّد؟.
كم يخفي الحمّام من أجساد أطفال لم يولدوا بين أحجاره! هل هو أنّه مبنيّ من أحجار قبور لكمْ من ملايين أطفال لم يلدوا؟. من يدري أنّ الحمّامَ، موطنَ النطف والبيوض بما فيه من رطوبة وحرارة وفراغ مخيف، مزمعٌ على يكون قبراً لكم من أطفال سيلدون، وكم بينهم من أغبياء ومنفصمي الشخصية؟ وإلى كم من رجالٍ ونساءٍ وأطفالٍ كان قبراً؟.

الصفحات