أنت هنا

قراءة كتاب الأبواب المائة للشرق الاوسط

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأبواب المائة للشرق الاوسط

الأبواب المائة للشرق الاوسط

كتاب " الأبواب المائة للشرق الأوسط " ، تأليف آلان غريش / دومينيك فيدال ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ووما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

منذ انتخاب الإدارة الأميركية في المرة الأولى، ومنذ الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2006، ذهبت هذه الادارة بالأحادية الى مستويات غير مسبوقة، وعبرت عن احتقار صريح للتعددية، الى درجة التنظير بحقها في «حروب وقائية». ما هي محصلة الستراتيجية الأميركية الجديدة؟ لا جدال في أن إدارة بوش حققت واحداً من أهدافها الأساسية؟ الاطاحة بطالبان وصدام حسين. كما نجحت في ربيع 2005، مستفيدة من اغتيال رفيق الحريري لزعزعة نظام بشار الأسد الذي اضطر إلى الانسحاب من لبنان، والمعرض أكثر فأكثر للتهديدات. وتستمر واشنطن في الضغط الشديد على إيران المتهمة بالسعي الى الحصول على الأسلحة النووية. وموجز القول أن الصليبية ضد «محور الشر» قد أحرزت نتائج لا يستهان بها.

لكن ثمة بعداً بين الحلم والواقع. فالحرب في أفغانستان لم تواجه، في البداية، مقاومة مسلحة ثابتة، وأقيمت سلطة سياسية تتراوح بين النجاح والفشل. إلا أن الأمن لا يزال بعيد المنال، وشهد عام 2005 تصاعداً في العمليات التي تقوم بها طالبان. وفي العراق لم تنجح الولايات المتحدة في القضاء على المقاومة والارهاب، أكانا من جيش صدام، أو من حزب البعث، ومن الجماعات الاسلامية المرتبطة، بالقاعدة أم المستقلة عنها. والانتخابات التي جرت في 30 كانون الثاني/يناير 2005 والتي حصلت فيها اللوائح الشيعية على 50% من الأصوات مقابل 14% للائحة رئيس الحكومة السابق أياد علاوي، عجزت عن تغطية فشل جورج بوش. فالسلام لم يتحقق في العراق وآفاق اقامة سلطة موالية لأميركا، تقيم علاقات مع اسرائيل، تبدو بعيدة.

والأسوأ من كل ذلك الخطر الذي يشكله توازن القوى الجديد المضطرب بفعل الصراع المتمادي حول الدستور، والمهدّد بتقسيم البلد الى ثلاث وحدات (شيعية، وسنية، وكردية) ما يثيره ذلك من شهية لدى الجيران، المتربصين أو عداءهم.

كان يمكن الاعتقاد بأن الأميركيين سيعدلّون بصورة ملموسة استراتيجيتهم في الشرق الأدنى، وبالدرجة الأولى، في ما يتعلق بالنزاع المستمر بين الاسرائيليين والفلسطينيين، الغارقين في صراع متصاعد دموي (1 000 قتيل اسرائيلي و3 500 قتيل فلسطيني) بفعل إفلاس اتفاقات أوسلو. إلا إن شيئاً من هذا لم يحصل.

هل كان يمكن لاتفاقات أوسلو أن تضع نهاية لقرن من النزاع، وتؤمّن، أخيراً، حق الفلسطينيين في تقرير المصير وإدخال اسرائيل نهائياً في محيطها، الشرق الأدنى؟ لا يمكن اعادة كتابة التاريخ، فأن اغتيال اسحاق رابين عام 1995 وعودة اليمين الاسرائيلي الى السلطة، قد سطرا بداية نهاية الحلم. وأكمل الباقي رفض اسرائيل الوفاء بتعهداتها، وتسريع الاستيطان، وأعمال الارهابيين التدميرية. ولم يغير انتقال السلطة الى اليسار عام 1990 في الحلقة الجهنمية. فقد اقترب المتفاوضون في طابا (كانون الثاني/ يناير 2001 من اتفاق، بعد خمسة أشهر من القمة الفاشلة في كمب دي؟يد، تموز/ يوليو 2000). إلّا أن الجيش الاسرائيلي للأسف، كان، يقوم، على الأرض. بقمع وحشي للانتفاضة الثانية، وكان ايهود باراك قد انغمس في حملة تشويه لياسر عرفات زاعماً أنه اكتشف «وجهه الحقيقي»، وفضّل الاستقالة لمواجهة آرييل شارون.

لقد شن شارون، متسلحاً بانتصاره في 6 شباط/فبراير 2001، هجوماً واسعاً لدفن اتفاقات أوسلو، واعادة احتلال الضفة الغربية، وتدمير السلطة الفلسطينية وبناها التحتية. غير أن رئيس الحكومة الاسرائيلية الجديد ما كان بمقدوره النجاح، في هجومه السياسي والدبلوماسي والعسكري، لولا دعم إدارة بوش غير المشروط تقريباً. لقد دعم الرئيس الأميركي، رغم بدئه بالكلام عن «دولة فلسطين» كل نشاطات حليفه الستراتيجي، الذي حرص، في الواقع، على تظهير المعركة، التي يتورط ضد ياسر عرفات بوصفها واحدة من جبهات الغرب العالمية على الارهاب. ولم تكن ادارة جورج بوش أبعد نظراً. والحال أن وفاة ياسر عرفات أتاحت لها الفرصة بانتخاب محمود عباس خلفاً له، والتهدئة التي نجح هذا الأخير في الاستحصال عليها من الفصائل الفلسطينية المسلحة وما ساد بعد ذلك من استقرار نسبي، وكان بمقدور وزيرة الخارجية الجديدة كوندوليزارايس، أن تدفع ببلادها لخروجها من تحفظها، لتلعب دوراً أنشط في تحريك عملية السلام، كان المطلوب منها في الحقيقة في هذا السياق أن تؤكد على حاجة اسرائيل ومصلحتها في تلبية شروط اللجنة الرباعية (الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي وروسيا) و«ورقة الطريق» التي صاغتها: وقف العمليات الحربية و«القتل المتعمد» في الأراضي المحتلة، والانسحاب الى المواقع التي كانت فيها القوات الاسرائيلية في نهاية أيلول/سبتمبر 2000، قبل نشوب الانتفاضة، وتجميد الاستيطان، أي الشروط الضرورية لولادة دولة فلسطينية، قابلة للحياة. إلا أن جورج بوش أدار ظهره لهذه الشروط، وأكد، للمرة الأولى منذ عام 1967، في رسالة رسمية، بتاريخ 14 نيسان/أفريل 2005، دعمه للمطالب الاسرائيلية، بضم كتل المستوطنات، وخاصة تلك المحيطة بالقدس الشرقية والتي تضم 80% من مجموع المستوطنين في الضفة الغربية.

أن الانسحاب من قطاع غزة في آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2005، الذي ظُهّر بأنه بادرة سلام من جانب واحد، وفر لواشنطن ذريعة إضافية للاصطفاف إلى جانب الحكومة الإسرائيلية، وليس ثمة من يجهل أن هذه العملية كانت تهدف، في المدى القريب بخاصة، الى تهدئة «الضغط الدولي» وفي المدى البعيد الدفع الى عشرات السنين بالانقلاب الديموغرافي الذي يحوّل الفلسطينيين، الى أكثرية على أرض اسرائيل الكبرى، وعلاوة على ذلك أراد شارون تركيز كل جهود بلاده على الضفة الغربية: فقد تزامن الانسحاب من غزة مع واقع تسريع الاستيطان وبناء الجدار، ومع الاستمرار في «القتل المتعمد» للمناضلين الفلسطينيين، وقصف احياء بكاملها، الخ. وعوضاً عن الطلب من اسرائيل وضع حد لهذه الممارسات المخالفة بوضوح «لخارطة الطريق»، اشترطت الادارة الأميركية على السلطة الفلسطينية نزع سلاح جميع الميليشيات المسلحة قبل أي استئناف لعملية السلام. فهل ستستمر هذه الادارة «تكيل بمكيالين» بعد الانتخابات الفلسطينية والاسرائيلية في كانون الثاني/يناير وآذار/مارس 2006؟

الصفحات