كتاب " السلاحف " ، تأليف نادية كريت ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب السلاحف
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
السلاحف
الفصل الأول
المشهد الأول
وجود سرير على المسرح وبقربه مغسلة وحنفية ماء؛ الأضواء حمراء تملأ المكان... عليا تتقيأً تقيؤاً نفسياً وبعد القيء...
عليا: كنت عارفة إنو هالقصة رح تنتهي بالدم! رهيبة المرأة!! مشوارها مع الدم لا ينتهي! سمفونية حمراء تتصاعد بداخلها على مدار عمرها، تسمعها، تلازمها طوال سِنيّها إلى أن يموت اللحن بطيئاً بطيئاً بداخلها... كما قَتلتَ الحياة بداخلي! مزقتها تمزيق! أنا الآن أجتر الأمومة بكل نقطة دم عم شوفها، وهالاجترار رح يستمر لبضعة أيام، وبيكون انتهى كل شيء،... أو ابتدأ، ما بعرف! أول يوم إجهاض شفت بمنامي إني عم إسبح ببركة دم أنا والجنين! هلوسات حمراء خنقتني كل الليل! أنا إستمريت لأنني تكونت! هو لم يستمر سوى ثلاثة شهور. كان صبي! هي حرب أزلية دامية ينتصر فيها الجوع على كل شيء وعلى الأمومة! الطفولة حنونة، الجوع مخيف، مميت! الجوع وحش كاسر بوسع الإنسانية، ملء الكون... وسع الجورة يلي داخل البطن... جورة تتسع، تتسع، تؤلم، تذلّ وتنتصر! عندها تصبح اللقمة ضارية مرّة وأهم من الطفولة! بُقرت الطفولة التي في داخلي، أُوقفت قوانين الطبيعة في رحمي... هم تسعة أشهر! كل امرأة أو معلمة وردة جميلة تحمل براعم أجمل؛ ولكن برعمي أنا قُطف على أُمه قبل أن يتفتح... حاولت الانتفاض، حاولت الرفض!! ما قدرت! وبما أن اللقمة هي الخلاصة، أنا بحثت عن الخلاصة... ليه عملت هيك؟ قرار مجرم؟ قرار صائب؟ القرار النهائي دائماً على حق لأنه ما في غيره!! القرار الحكيم كان بالقضاء على الجنين! زوجي لوحده ما بيقدر يتحمل كل المصارفات! الغلا طحنا طحن! مدير المدرسة هدّدني بالصرف إذا حبلت، لأن الحبل له نهاية! نهايته دائماً بالولادة والتغيب عن العمل! إذا غبت شهر كأستاذة لصف شهادة البريفيه، حيث أعطي تقريباً كل المواد، الأهالي بتحتج، لأنه عم يدفعوا مصاري كتير ليعلموا أولادهم! أنا بالتعليم الخاص، بدكان من دكاكين التعليم الخاص! هيك صار معي! كانت فرصة العمل الوحيدة يلي لقيتها. الأهالي من ناحية، المدير يلي عم يربح مبالغ طائلة من ناحية ثانية، وأنا لكي لا أتعرض للصرف الكيفي بسبب الحمل من ناحية ثالثة. وهكذا تمت العملية! ذهب كل شيء ولم تبق سوى اللقمة...