كتاب " زحل " ، تأليف أنس سعد ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب زحل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
زحل
مدخل
"لأننا في زمن لا يحتمل الجد.. يصبح الهزل هو اللغة المقبولة.. وتصبح الهلوسة أقرب شيء إلى الواقع!"
مُرّة بن حنظلان
البداية
كان "مرة بن حنظلان" علامة استفهام كبرى لجيلي، كان الناس حين يذكرون اسمه تنخفض أصواتهم، وكأن ذكر اسمه تهمة يخافون عقوبتها! الصدفة وحدها قادتني للقائه، والفضول دفعني للحديث معه، وعندها فقط علمت لماذا يخاف الناس ذكر اسمه ؟ لأنه مختلف.. ولأنهم يخافون التغيير..
التوقيع: هـ. ز التاريخ: زمن الإحباط
قبل البداية
كان مرة بن حنظلان، أو ابن حنظلان كما يسميه البعض، من مواليد مدينة فوضى آباد ببلاد نومستان، باحثاً في علم الجمال. كان مولعاً منذ نعومة أظفاره بالجمال، فقد وقع في الحب - وعمره لم يتجاوز السنتين - كان ذلك مع ممرضة تتولى تطعيمه، حبه للجمال دفعه للبحث عن سبب ومدى تأثيره في النفوس، بعد إجراء عدد كبير من الأبحاث، بدأ بإصدار مؤلفات كثيرة في هذا المجال، ففي كتابه " سر الفتنة في جمال النسوة " تحدث عن الجمال وبحوره، وفصلها ورتبها ومن بين ما ذكر "بحر العيون والشفاه والشعر والبياض والسمرة". كما ذكر في كتابه "النهاية في جمال الصبايا" أن البحور قد تمتزج بعضها ببعض وتكون ما أسماه المؤلف بالمحيط، واستطرد قائلاً: "شرط الجمال توافر حد أدنى من جميع البحور الرئيسة، كما أن توافر بحر من تلك البحور لدى المرأة لا يعني أنها جميلة".
وبعد نشر هذا الكتاب، ثار النقاد وانزعج الحداثيون، وعندها أصدر ابن حنظلان كتابه " من الألف إلى الياء في جمال النساء "، وقد أورد في مقدمته هذا الكلام: " ولم يخل الجمال من الفئة التي تدعو إلى الحداثة وترك الأوزان والبحور، وتلك الفئة تزعم أن كل امرأة جميلة، وهم هنا أصابوا وأخطأوا، أصابوا إن قالوا إن فيها جزءاً جميلاً ولكنها ليست جميلة، فلفظ الجمال مطلق وشامل، والشمول غير التخصيص كما أن الجزء ليس كالكل.."
وإضافة إلى تلك المؤلفات كان له اختراعات، منها اختراعه آلة تقوم باستبدال روح بروح أخرى، وقد أسماها الإحلالية نسبة إلى الإحلال، ولقد اعتقدت بعض الطوائف الدينية أن لها علاقة بالتناسخ، لكنها كانت بعيدة عن ذلك. وقد كان ابن حنظلان مقداماً وجريئاً، فقد استخدم آلته لتبديل رئيس ووزراء دولة نومستان برئيس ووزراء دولة عجمستان، وعندها فقط نجحت نومستان وتفوقت بينما تقهقرت الأوضاع في عجمستان، وبدأت في الانحطاط، والمشكلة التي كانت تواجه مرة بن حنظلان في جهازه أن فترة الإحلال لا تدوم طويلاً، فبعد مضي فترة معينة يعود كل شيء إلى سابق عهده، وبعد تجربته المثيرة علم مكتب التلصص أن ابن حنظلان يقف وراءها، فسيق إلى السجن؛ كما أن بعض الوزراء اتهموه بالتحرش الجنسي!
في السجن تعرف ابن حنظلان على العلامة عارف، كانت الفترة طويلة وكفيلة ببناء علاقة قوية ومتميزة بينهما، كما أن كلا منهما سمع عن الآخر قبل دخوله السجن.
كان منهج العلامة عارف الوسطية، فهو يؤمن بأن خير الأمور أوسطها، كما كان خطيباً مؤثراً وقائداً ملهماً. كل هذا كون له شعبية كبيرة مما سبب قلقاً لدى السلطات في نومستان. فاعتقل أكثر من مرة بتهم مختلفة وأسباب ظاهرة متنوعة لكن السبب الحقيقي واحد، وهو أنه العلامة عارف! الخطيب المفوه! صاحب القول المؤثر الصادق، فهو بالنسبة إلى السلطة أخطر من الأسلحة الجرثومية. كان دخوله للسجن من دون محاكمة أو قضاء، كما كانت ملابسات خروجه من السجن أيضاً غير واضحة. على عكس منه كان ابن حنظلان، الذي كان دخوله السجن بتهمة واضحة هي تهمة التحرش الجنسي ببعض الوزراء.
على الصعيد العاطفي، كانت عارضة الأزياء "مايا زغتوري" هي حب ابن حنظلان الأخير والكبير، كتب عنها يوماً فقال: "تلك المرأة تجعلك تعيش في حيرة، فلا تدري ما الأجمل.. أهي الابتسامة أم القوام أم العينان أم الثغر أم الأنف... أم... أم...، سؤال لا جواب قاطعاً له، فعلاً لا تدري ما هو الأجمل فيها، ولسان حالك يقول في كل مرة تنظر إليها: ألا يكفي ما رأيت؟! ألا يكفي؟! ومن المسلم به أن الفتنة أشد من القتل، وأعتقد أن فتنة تلك المرأة على الوزن نفسه أو أكثر، أفلا تستحق العقوبة على ذلك؟!".
هذا بعض من سيرة الرجل التي يتناقلها الناس، الصدفة جمعتني به، الفضول وحب المعرفة دفعاني إلى الحديث معه و محاورته، بقدر اختلاف المواقف والآراء حوله، كان هناك اتفاق على اختلافه وتميزه عن غيره.
وبعد وقوفي على قصة ابن حنظلان علمت أن حياتنا هي مجرد نسخ مكررة، نسخ مكررة مملة من قصة المجتمع!
دفعتني قصة هذا الرجل..إلى النظر في حالي ورفض النمطية، وعندها قررت التغيير.. والخروج على النص!