أنت هنا

قراءة كتاب عبد الله بن حمود الطريقي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عبد الله بن حمود الطريقي

عبد الله بن حمود الطريقي

كتاب " عبد الله بن حمود الطريقي " ، تأليف د. عبد العزيز محمد الدخيل ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

مقدمة

البترول في الشرق الأوسط وبالتحديد في منطقة الخليج العربي في تاريخه محطات رئيسية هامة. المحطة الأولى بدأت منذ بداية القرن العشرين حتى عام 1960م حيث ولدت "أوبك" منظمة الدول المصدّرة للبترول. ومن أهم مكونات هذه المرحلة التاريخية هو صراع الدول المالكة للنفط ومنها المملكة العربية السعودية مع الشركات المكتشفة والمستخرجة للنفط. وكان الصراع في بدايته حول اتفاقيات الامتياز والمشاركة والسيادة الوطنية على النفط وضرائبه. لعب عبدالله بن حمود الطريقي الذي عُيِّن في عام 1949م مديراً لمكتب مراقبة شؤون البترول في المنطقة الشرقية التابع لوزارة المالية، دوراً هاماً وأساسياً في الدفاع عن حقوق بلاده السيادية والبترولية، وساهم في تكوين اتحاد بين المنتجين لمواجهة اتحاد الشركات والحكومات الغربية، فتمت ولادة أوبك في العام 1960م.

المحطة الثانية في تاريخ بترول الشرق الأوسط بدأت في بداية السبعينيات من القرن العشرين، وانطلقت شرارتها الأولى في عام 1973م، عندما استطاعت دول الأوبك تصحيح سعر برميل النفط فارتفعت إيرادات دول الأوبك من صادراتها النفطية ارتفاعاً كبيراً من 35 961 مليون دولار عام 1973م إلى 115 840 مليون دولار عام 1974م أي حوالى ثلاثة أضعاف، وتلا ذلك الحظر البترولي من قبل الدول العربية المصدّرة للنفط بقيادة المملكة العربية السعودية على كل من هولندا والولايات المتحدة اللتين دعمتا إسرائيل في حربها مع مصر عام 1973م. هذه المحطة يمكن تسميتها محطة إمساك الأوبك بزمام القيادة في مجال تسعير النفط والإنتاج.

اتجه عبدالله الطريقي إلى دراسة الجيولوجيا البترولية وصناعتها كشاب حلمه وأمله أن يُقدّم شيئاً لبلده، وكان واضحاً وجلياً لكل مُطّلع على الشؤون الاقتصادية أن المملكة العربية السعودية تعتمد اعتماداً كلياً في حياتها الاقتصادية على إمكاناتها النفطية. في عام 1973م وأنا أحضّر لرسالة الدكتوراه في جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية، شعرت بما شعر به عبدالله الطريقي، عندما اتجه لدراسة الجانب الجيولوجي للصناعة البترولية، العمود الفقري لحياة بلاده الاقتصادية.

لم يكن موضوع السيادة الوطنية على موارد النفط وحماية المصلحة الوطنية في عقود الامتياز هو الشغل الشاغل في عام 1973م، فهذه إشكاليات المرحلة الأولى وقد توجت هذه المرحلة بالنجاح بجهود رجالها وعلى رأسهم عبدالله الطريقي وزير البترول السعودي آنذاك.

في العام 1973م كانت الإشكالية تتعلق في تحديد السعر الأمثل لبرميل النفط، بعد أن أصبـح في يد الحكومات، ممثلاً في مجلس وزراء النفط في أوبك. شدني هذا الأمر كثيراً لأهميته في تعزيز إيرادات الدولة من مبيعات خام النفط، على أسس اقتصادية سليمة تأخذ في الاعتبـار ظروف الأمد القصير واحتمالات الأمد الطويل. فكتبت رسالتي للدكتوراه في هذا الموضوع في عام 1974م وكان عنوانها قاعدة مثلى لتحديد السعر الأمثل لبترول الشرق الأوسط An optimum base for pricing Middle East crude oil (1) وبهذا عرفت عبدالله الطريقي نموذجاً وطنياً قبل أن ألقاه شخصياً وتقوم بيننا صداقة ومودة.

في مقابلة صحفية كانت هي الأخيرة قال عبدالله الطريقي :

"أنا من أفراد هذه الأمة العربية أو من هذا الجيل الذي عانى التخلف ورأى كيف تمر الفرص الثمينة ، لمستقبل الأمة العربية إذا ما قدر لها أن يكون لها مستقبل لا يتم إلا بتوحيد صفوفها في كيان واحد اقتصادي، سياسي، عسكري على أساس أن يكون أهل مكة أدرى بشعابها، وأن الأمر شورى بين الجميع وأن تكون الأمة العربية مكونة من اتحاد ولايات لكل ولاية الحق في إدارة شؤونها الداخلية وتسيير أمورها ولا يشترط عليها إلا الحفاظ على الكرامة والحقوق الإنسانية" (2).

عبدالله الطريقي شعلة مضيئة في تاريخ الوطن والصناعة البترولية السعودية والعالمية، أُطفئت الشعلة في أول عمرها قبل أن تضيء باقي الطريق، لكنها أوقدت شعلات في ضمير كل مواطن مخلص لوطنه ولأمته. والشعلة في الضمير الحي لا تُطفأ، سيبقى عبدالله الطريقي حياً في الضمائر، وسيأتي الزمن الذي تضاء له في تاريخ الوطن وفي ذاكرة الأجيال شموع.

توفّي عبدالله الطريقي رحمه الله في القاهرة في شهر أيلول/سبتمبر 1997م ونُقل جثمانه إلى الرياض ودُفن فيها. حزنت وحزن كل رفاقه ومحبيه على فقدانه، وكان أقل ما يمكن أن أقوم به لتخليد ذكرى هذا الراحل العظيم، وريقات تحكي جزءاً من تاريخ كفاحه من أجل مبادئ وقيم آمن بها لخدمة وطنه وأمته. خرج من الدنيا زاهداً لايملك منها حتى القليل، تاركاً لوطنه ثروة من القيم والكرامة والنزاهة هي أغلى وأثمن من كل البلايين في عرف وقاموس الشرفاء.

الرياض: د. عبد العزيز محمد الدخيل1/10/1997م

الصفحات