أنت هنا

قراءة كتاب مضاف إليه

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مضاف إليه

مضاف إليه

كتاب " مضاف إليه " ، تأليف توفيق حيدر ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

مضاف إليه

بعد قليل سأقترفُ جريمة قتل. طبعاً أنتم تريدون أن تعرفوا من ولماذا سأقتل. هذا أمر مهم جداً لكم. فليس من المعقول ألاّ أشرح هذا لكم. هذه مسألة منطقية وينبغي أن تكون طبيعية أيضاً. الكثير من الناس قتلوا ولهم أسبابهم الخاصة. وهناك دائماً أسباب خاصة. أمّا الأسباب العامة فتبدو أنها توجد في الحروب: لماذا يتجهُ الجندي المتحمّس إلى الموت غير آبه بأسباب الحياة؟ إنه نوع من قتل جماعي مغلّف بأسباب سياسية، بصرف النظر عمّن معه حق (أليس للحرب طرفان دائماً؟) على كل حال يهجم الجندي هذا على المواقع المعادية ويصطدم بالعدّو. فإذا مات كان شهيداً، وإذا لم يمت كان بطلاً! إنّه يهجم ليقتل لا ليلعب. فهل تكديس السنوات يمكن أن يؤدي إلى تغيير جذري في حياة المرء؟ هاكتفاي تحملان أربعين عاماً ووجهي طافح بزمن غير محدّد كصورةٍ واضحة؟ طبعاً سيعتبرني الكثير منكم أني مجنون وأن القتل هو ضرب من الجنون! أو كمن ينتحر. فالقاتل هو في الواقع جبان كونه لا يستطيع مجابهة الواقع بمعقولية، لا يستطيع التحدي الجدي، لا يستطيع العيش المشترك أو لا يقدر أن يتحمل. وعدم القدرة على التحمل هو ضعف وجبن بلا أدنى شك.

لقد طرحت على نفسي هذا كلّه ووجدت نفسي كأني أعيش لأقتل. فلا طريق آخر أمامي. طبعاً سَيُحيلُ البعض فلسفتي إلى فلسفة. مقيتة. أبداً. فمسألة تجميل الصورة لم تعد تنطلي علي. ما الفائدة من الذهاب كل يوم إلى الجريدة والمدرسة، والعودة إلى البيت لأرى زوجتي تحضِّر طعاماً (أريد أن أؤكد لكم بالمناسبة بأني لم أفكّر بالانجاب مطلقاً وزوجتي كان تصرّ علي محاولة تغيير رأيي) أو أنها تنتظرني بعد تحضير الطعام فنأكل معاً ونذهب أحياناً إلى السينما أو إلى المسرح أو نسهر عند الأصدقاء ونعود إلى البيت لننام واليوم التالي يتكرّر. تختلف تفاصيل معينة أحياناً. لكنه يوم شبيه بأيام كثيرة (حتى زوجتي بدأت ترى ما أراه، في وقت كانت ترى عكس ما أراه) ما الفائدة إذاً؟...

أريد أن أقول شيئاً مهماً: لم تكن حياتي الزوجية سبباً من أسباب اقتناعي بفكرة القتل، بالعكس، كنت أرى بيتي وخصوصاً زوجتي ملاذاً وملجأً حين ينتابني شعور سوداوي مفاجىء وأنا عائد من العمل بسيارتي إلى البيت وحين أقترب من البيت أرتاح. خصوصاً حين تطلّ زوجتي الباسمة ــــــ الباسمة دائماً ــــــ لاستقبالي. لا أريد أن أقول أني أعيش حياة زوجية مثالية وأننا عاشقان لا مثيل لهما في تاريخ العشق. لا ليس هذا ما أقصده أحياناً نتخاصم وهاكم مثالاً على ذلك:

الزوج:مساء الخير.

الزوجة:أهلاً. مساء الخير (تأخذ سترته وتلقيها على الكنبة الكبيرة)

الزوج:آه لو تدركين كم أنا تعب (يجلس على الكنبة).

الزوجة:(باسمة) هل تعشيت؟ لقد حضّرتُ لك طعاماً تحبُه.

الزوج:لقد أكلت سندويشات. عندما أرى السندويش ملفوفاً بالورق الأبيض يفتح قابليتي. ولكنْ عندما أشبع أقرف. لا أعرف تفسير ذلك. ولكني ضقت ذرعاً بهذه السندويشات المنحوسة.

الزوجة:(تجلس جنبه وتلف يدها حول رقبته) ألم تعدني الليلة أن تأتي باكراً أكثر؟

الزوج:بعد أن فرغت من العمل كنت متضايقاً جداً... فنزلت أتمشى في الشوارع. لا أتذكر بما كنت أفكّر.. تصوري لقد تركت سيارتي هناك وأتيت ماشياً. قرفت من السوق.

الزوجة:أعرف.. أعرف. الساعة ما زالت العاشرة والنصف. ما رأيك أن نذهب عندهم. فهم لا يزالون يسهرون وأنت تعرف أصدقاءك جيداً.

الزوج:لا جلادة لي أن أرى أحداً. أريد أن أرتاح هنا قليلاً.

الزوجة:ولكنّك تستطيع أن ترتاح طوال الليل وقسماً من النهار.

الزوج:(يلتقط يدها) لا لا أرجوك. أرجوك أنا غير قادر. ألا تصديقيني؟

الزوجة:(تعود وتجلس جنبه وتضع وجهه بين كفيها). أصدقك. أنا أسوق السيارة وهناك تشرب أنت العصير وتحدثهم بما تريد. لأني أكون سعيدة جــــــداً إذا ذهبنا سوية. أحب أن أذهب معك. وأصدقاءك ليسوا من النوع المقلق. فلو سكتّ طوال السهرة فلا أحد يقول لك لماذا تصمت؟ ولماذا لا تسايرنا؟ ولماذا أنت منعزل؟ أنهم يعرفون مزاجك ولكني أكون أنا سعيدة حقاً. ألا تريد أن أكون سعيدة؟

الصفحات