هذا الكتاب: مثل هذه الإرهاصات وغيرها، دفعتني للغوص بعمق في التاريخ، علّي أجد لها إجابات، أو مؤشرات قد نعتبر منها.
قراءة كتاب لبنان من دويلات فينيقيا إلى فيدرالية الطوائف - الجزء الثاني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
لبنان من دويلات فينيقيا إلى فيدرالية الطوائف - الجزء الثاني
من هم الخازنيون؟
آل الخازن: ينتسبون إلى جدهم نمر الذي يعود «إلى طائفة عرب النصارى. كان في الحجاز وانتقل إلى الشام في مطلع القرن الرابع عشر وتولى الخزينة زمن حكومة بني غسان في حوران فلقب بالخازن»((71)). ومن حوران رحل الخازنيون «إلى جاج (لبنان)، ثم انتقل سركيس الخازن من هناك إلى كسروان. وبعد مقتل قرقماز 1585، اختبأ ولداه فخر الدين ويونس في بيت أبو صقر الخازن في بلونة (بانتمائه إلى القيسية) بطلب من الحاج كيوان (مدبر الأمير قرقماز) الذي يعتبره البعض مارونياً من آل نعمة من دير القمر، وآخرون كردياً من بقايا المماليك»((72))، وهو تركماني على الأغلب. وفي سنة 1600 توفي الشيخ أبو صقر عن أربعة ذكور أشهرهم أبو نادر الخازن الذي حلّ مكان أبيه إلى جانب فخر الدين الثاني، الذي أوكل أثناء منفاه الإيطالي سنة 1613 إلى أبي نادر «خدمة حريمه وتدبير أرزاقه فاستمرت هذه العادة في أيام المعنيين والشهابيين أن يولوا على ديارهم الخوازنة ويعهدوا إليهم نقل بيوتهم ونسائهم متى لزم الأمر. ومن ذلك لقب المشائخ آل الخازن بحافظي سر بيت معن. وسنة 1615 حكم أبو نادر مقاطعة كسروان وسنة 1618 ولاه الأمير فخر الدين على جبيل والبترون وغيرها... ونظراً لاتساع نفوذه ومقاطعاته، أصبح أبو نادر الخازن من كبار وجهاء الطائفة المارونية وأثريائها، فراح يشتري (هكذا!) الأملاك في حراجل وريفون وكفرذبيان من سكانها الشيعة، ويستدعي الفلاحين الموارنة من الشمال والجبل للسكن فيها وتعمير القرى التي كان قد خربها المماليك منذ قرابة ثلاثة قرون... وإلى جانب تدبيره الحكم، كان قائداً لجيش الأمير فخر الدين الثاني، مما زاده شهرة ونفوذاً...
بعد موت الأمير فخر الدين انكسرت شوكة آل خازن وجار عليهم بعض ولاة الأمور. فذهب أبو نادر وأخوه فاضل أبو خطار وابنه نادر إلى الكراندوكا فردينندو الثاني في فلورنسا وكان ذلك سنة 1635. ورجعوا بعد سنتين أي بعد ظهور الأمير ملحم المعني واستظهار القيسية على اليمنية... وفي سنة 1647 مات أبو نادر فخلفه ابنه نادر المعروف بأبي نوفل، مدبر ولدي الأمير ملحم أحمد وقرقماز، ووكل إليه الأمير جباية الأموال الأميرية من كل الجهات ومن سائر أصحاب المقاطعات التي في عهدته. ثم عين وكيلاً لقنصل فرنسا في بيروت في العام 1655، بتوصية من البطريرك الصفراوي تعزيزاً لموقع الموارنة في البلاد، وأسبغ الملك الفرنسي لويس الرابع عشر على وكيل القنصل أبي نوفل برتبة شرف، وسنة 1656 أنعم عليه البابا اسكندر السابع بالكوليرية الرومانية (لقب الفارس الروماني) وأن يتقلد سيفاً ويعمل مهاميز من ذهب، فجعله بمصاف أمراء البلاط الروماني والبابوي. وسنة 1659 أنعم عليه ملك فرنسة بقنصلية بيروت وعهدت إليه أيضًا قنصلية البندقية. وفي أول كانون الثاني سنة 1662 أصدر الملك الفرنسي إياه براءة ثانية عين بموجبها أبا نوفل المذكور قنصلاً لفرنسا في بيروت مكان القنصل بيكان، وسنة 1671 أحال السلطان محمد الرابع مقاطعة كسروان ومزارعه إلى عهدة أبي نوفل وأولاده((73)). تزوج نادر بابنة الشيخ معتوق حبيش ورزق منها ولدين نوفل وأسد. فنوفل (ويدعى الأول) مات وأمه في قلعة صمر جبيل من زلزلة حدثت وهدمت البرج الأوسط من القلعة المذكورة. وأسد توفي في صغره. ثم تزوج نادر ثانية ورزق فياض (أبا قنصوه) ونوفل (الثاني وهو أبو ناصيف) وخازن (الذي قتله فياض أخوه) وطربيه (وهو أبو ظاهر) وخاطر. وبعد موت زوجته الثانية أخذ امرأة من بيت الدهان وولد له منها علم (أبو النصر) وقيس (أبو كنعان) وسليمان الذي لقب بأبي علي»((74)).
في العودة إلى صراعات الزعماء المحليين، أراد موسى الحرفوش سنة 1586، أن يستعيد بعلبك التي كان يحكمها أنذاك ابن قنبر الملقب بالأقرع (لأنّه ليس من أولاد الأُمراء) وحكومة بعلبك موروثة لبني الحرفوش، فعرف ابن الأقرع ما دُبّر له، فجاءه ألف رجل جمعهم بنو الحرفوش مِن كسروان، والشوف، وعين دارة، وأرادوه على أن يخرج بعياله وبمَن يلوذ به حيث شاء، فأبى إلّا قتالهم، واستنجد بالأمير قرقماز بن الفريخ أمير بلاد البقاع، وبغيره مِن التُركمان والعرب، فأجابه مَن طلبه، فخرج إليهم، فلمّا التقى بهم انتصر عليهم، وولى الدروز هاربين، فتبعهم أهل بعلبك يقتلونهم، وقتلوا منهم ألفاً وثمانين قتيلاً في لحظة واحدة، ولم يُقتل مِن جماعته سوى شخص واحد(!)ويقول البوريني: وكان أصلح له ولجماعته طعاماً قبل المعركة، فقاتل أعداءه ورجع والطعام لم يبرُد، وأُرسلت الرؤوس لدمشق لتُعرض فيها!، ثم قَتل الأمير علي بن الحرفوش ابن الأقرع، وندم على قتله، وأخذت الدولة بعد ذلك عليّاً إلى دمشق بالأمان، وغدرت به وقتلته، وقتلت معه عسّافاً الكذاب الذي ادّعى أنه ابن الأمير طرباي، أمير بلاد اللجون.. وبقي الأمير موسى في إمارة بعلبك حتى دخل الأمير علي بن جانبولاد بعلبك، قاصداً دمشق، فنهض الأمير موسى إلى نواحي حمص لاستقباله، مداراة ومحاماة عن أرضه... ثم إن ابن جانبولاد جاء إلى البقاع وخيّم بها، وانحاز إليه الأمير يونس بن حسين بن الحرفوش - ابن عم الأمير موسى - ومَن معه من أولاد عمّه، وقصدوا بعلبك فنهبوها، وفرّقوا أهلها، ووقع من ابن جانبولاد بعد ذلك ما وقع من قصّته، وحوصرت الشام، وصولح ابن جانبولاد على المال، وصولح ابن معن علىأن تكون بعلبك والقاع للأمير يونس.فلمّا رجع ابن جانبولاد وعشيره، خرج الأمير موسى إلى القيروانيّة، وجمع عشيراً كبيراً لقتال ابن عمّه، وإخراجه مِن بعلبك. ثمّ صرف العشير، ورجع إلى دمشق مريضاً»((75))، حيث مات (1607م).