في تاريخ الفن المعاصر وأقنعته الشكلانيـــة يتطلع الباحـث والطالب وكل متذوق للفنون للبحث عن النتاجـات الفنيـة التي تحفــزه روحياً وجماليـاً وتستوقفـه فيها طبيعة تجربتهاالمتفردة وأي قنـاع يرتسم على ملامحها .
قراءة كتاب أقنعة الحداثة - دراسة تحليلية في تاريخ الفن المعاصر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أقنعة الحداثة - دراسة تحليلية في تاريخ الفن المعاصر
تحول الأزمنة والأمكنـة
وفي (المسرح) يجتمع (المكان) و(الزمان) وهما يتحولان أمام عيون الصالة لان العرض المسرحي يقوم على تفاعل الكتل الخاصة بالمنظر والأدوات (الإكسسوارات) والممثلين، والإضاءة، وطرز الأثاث وتفصيلات الأزياء، وطبيعة معمار المسرح، وفضاء الخشبة، (إيطالية، دائرية، دوارة آلية شاقولية، مستعرضة، طائرة فوق رؤوس المتفرجين، ضوئية (ليزرية) وسوى ذلك من فضاءات مفتوحة، وكذلك تضاف (الحركة) إلى تلك الجوانب الإطارية (الزمانية، والمكانية) وللسينما مثل هذا الضم والجمع للمكان والزمان والحركة، ولكن وفق معالجات خاصة تتحكم فيها طبيعة (الفلم) ووسائطه، وحركة الكاميرا، والمونتاج، والسيناريو، ونوع الشاشة وتكويناتها التشكيلية، وأساليب الإخراج، وخامة الممثلين التكوينية والجسمانية .
وظيفة الفــن
يعكس (الفن) في الغالب الواقع الخارجي للمحيط و(البيئة) أي يعيد إنتاج الظواهر الطبيعية، والصراعات الاجتماعية والحالة الاقتصادية، والتشكيلات الثقافية، من خلال نتاجاته المتباينة المعتمدة على القوة الخيلية وهو يعبر عن دور تربوي خاص به، حين تكون مهمته توجيه رسائل تربوية، وإرشادية للمتلقي ويمتص صدمات نفوره، وتمرده، على واقعه ليتيح له مزيدا من احتمالات التكيف مع مجتمعه الخاص، في تقلباته، وتغيراته، وابتعاده عن سكونيته المتوارثة (من أنظمة اجتماعية وتاريخية سالفة، أو سياسات، وقادة متخلفين) وللفن كذلك (موقفا) خاصاً به، من هذا الواقع الموضوعي، حين يكشف عن المخفي، أو (المسكوت عنه) لهذا الواقع، بحيث يتيح إمكانية رفض هذه الظاهرة، أو تلك، أو الدفاع عنها، والعمل على ترسيخها وتثمينها بعد أن يتم إخراجها للعلن، وإشهارها أمام الجمهور بقوة الفن، ووظيفته الخلاقة.
اختراق القيـم
ومن حيث (القيم) الفاضلة، يرسخ النتاج الفني، ويقترح مثالاً حياّ عن الجمال، ويحث الناس على استلهام ما يمثله النموذج الفني، المبهر والجذاب من مآثر إنسانية يقتدى بها، مثل هذا التعزيز الايجابي، يضعف التعلق بتلك النماذج السلبية الأخرى المدانة، ويسهل حذفها ونسيانها لأنها باتت من أشباح الماضي المريض، وينبغي أن يتم اختراقها وإعادة بنائها مجدداً (ربما تتفق الفنون منذ القدم مع الفنون المعاصرة برفض الخداع، والحروب، والاستغلال، والاضطهاد واحتكار السلطات بيد فئة ظالمة، وسحق الأكثرية العامة من الناس تحت أية ذريعة كانت، تتخفى خلف أقنعة مقدسة، أو مدنسة).
فالجوانب الظلامية، والصفراء والباهتة من الحياة مرفوضة من قبل الضمائر الحية من الفنانين المبرزين، وكبار المبدعين في شتى الفنون وهم يثبتون (أقنعة متخيلة جديدة، ويذبحون ذلك الجمود و(التصلب) في سحنات قديمة بالية).