أنت هنا

قراءة كتاب جنون آخر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
جنون آخر

جنون آخر

كتاب " جنون آخر " ، تأليف ممدوح العدوان ، والذي صدر عن دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

كيف يمكن لنا نشر هذا كله ونحن لا نزال في «أنصار»؟!.. تفضلوا أنتم وانشروا ما يشبهه أو ما يحمل مضمونه طالما أنكم هناك.. خارج معتقلات «أنصار» العربية. ألم ينعِ رياض نجيب الريس غياب دور الطليعة العربية تقسيماً على نعوة بول شاؤول؟!.. ألم يستغرب أنسي الحاج، بمرارة، كيف أن مثقفاً عربياً واحداً لم يجرؤ على تسمية ديكتاتور عربي واحد؟!..

شرف يا سيدي. سمّه أنت.

نحن جبناء. ونحن سندّعي أننا لا نعرف اسم ديكتاتور واحد في التشيلي أو في جزر واق الواق. لماذا لم تسمه أنت طالما أنك ترفل بنعماء الحرية خلال عشرين عاماً تعرف أن الديكتاتوريات ازدهرت خلالها ازدهار خضراء الدمن؟!.. وإذا كنت تخاف، أنت وغيرك، أن تصل إليك الأذرع الأخطبوطية للديكتاتور العربي، وأنت في المهجر، أو تصل إلى مجلتك أو جريدتك، فكيف تطلب ذلك من المقيم في «أنصار»؟!..

هل نعيد قصة الأخوين الباحثين عن النقاء؟!.. لا بأس. واعذرونا. فنحن، الأنصار، زوادتنا قليلة، وعالمنا ضيق ومحصور ومعلوماتنا محدودة. ولذلك فنحن نكرر الحكايات دون ملل.

افترق أخوان يبحثان عن الصفاء والكمال. نزل أحدهما إلى المدينة. وصعد الثاني إلى الجبل. وفي الجبل جلس الثاني يتعبد ويتأمل حتى صفت روحه، واستطاع القيام بالمعجزات. وذات يوم قرر أن يطمئن على أخيه وعلى الدرجة التي وصل إليها من الصفاء والنقاء والسمو والكمال. فنزل من الجبل إلى المدينة. ولم ينس أن يأخذ له معه سلة من القش عبأها بالماء (معجزة)!.. ليعرضها على أخيه.

ورأى أخاه في المدينة وقد تزوج ورزق عيالاً، وهو يتعامل مع الناس: يبيع ويشتري ويجادل ويتشاجر.

رحب المقيم بأخيه الزاهد، صاحب المعجزة. وطلب إليه أن يجلس مكانه ريثما يبلغ أهل البيت بمجيئه ليهيئوا له غداء لائقاً. ولم ينس أن يعلق السلة في صدر المكان. وجلس الزاهد مكان أخيه. فجادل هذا وساوم ذاك وتشاجر مع الثالث ورأى وجه الرابعة ومست يده يد الخامسة. فامتلأ صدره بالغضب والطمع والشهوة. ولم يحس إلا والماء يتسرب من السلة على رأسه ليذكره ـ باختصار ـ أن النقاء هو ما تصل إليه هنا في المعمعة. وليس هناك في رأس الجبل.

هل من الضروري أن نهاجر جميعاً لكي ننعم بالحرية؟!.. وهل النظافة مستحيلة إلا في حمامات أوربا؟!.. وهل نحن ممثلون في «ناطورة المفاتيح»؟!..

يا سيدي لا.

وبالمقابل نعيد الكُرة: ما الذي فعلتموه لأجلنا وأنتم في نعمة حرية الهجرة؟!.. من هم الأدباء الذين دافعتم عنهم؟!.. ما هو الحكم الذي ساعدتم على فضحه؟!.. ما هي القضية التي قدمتم لها الخدمات في المهجر ابتداء بالقضية الفلسطينية، مروراً بالقضية اللبنانية، انتهاء بالجراد في السودان؟!.. أين هي المحافل التي صارعتم فيها الصهيونية أو العنصرية الغربية وأنتم هناك حيث تحسون بسطوتها على وسائل الإعلام والثقافة؟!..

سنقول إننا لم نتعود على الحرية. وبالتالي فنحن لا نعرف كيف يكتب الأديب بحرية. شرفوا علمونا. اكتبوا بحرية لكي نعرف ما ينقصنا. افضحوا الطغيان والظلم. سموا الأشياء بأسمائها.

«هل هذا الكرسي لا يُسمع يا أبانا»؟!.. أم أنك اكتفيت بالابتعاد إلى هناك لكي ترضي نفسك برؤيتنا صغاراً؟!..

تعال ادخل بين الناس وحافظ على معجزتك إن استطعت. نعال واحتمل إبراز هويتك مائة مرة كل يوم لكي تثبت أنك لست جاسوساً للماو ماو.

واحتمل إبراز دفتر العائلة لكي تثبت أن المرأة التي تمشي معك هي زوجتك، وليست امرأة سيئة السمعة، تملك الدورية العابرة حقاً فيها أكثر منك.

تعال احتمل في عام واحد ثلاث تصفيات بكرة القدم يصل فيها السوريون والعراقيون إلى المباراة النهائية فتتحول شاشات التلفزيون إلى مواقع «داحس والغبراء» ويصاب أمامها الأطفال بالجلطة لأن ضربات الجزاء لم تحتسب.

الصفحات