أنت هنا

قراءة كتاب خريف الوطن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خريف الوطن

خريف الوطن

كتاب " خريف الوطن " ، تأليف محمد خالد النبالي ، والذي صدر عن دار العنقاء للنشر والتوزيع والدعاية والإعلان عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

نص شهوة الربيع ...

هَذا الْكَوْنُ

" جُغْرافيا " لمقابرِ الْأحْياءْ

وجَوارحي في حَدائقِ الَّليْلِ

يُحاصُرها الصَّقيعُ

وغِطائي باردٌ جِدًا

وغاباتُ الظُّلْمةِ تَكْسو مَساحاتي

وبريحِ الْخريفِ

تَقْتَلعُ مِنْ داخلي

شَهْوَةَ الرَّبيعْ

وبعد أن وصل الى حالة اليأس والقنوط من عدم وجود حل لقضيته التي ينادي بها وهي قضية وطنه فلسطين يشعر أن كل شيء تحول إلى مقابر للموت والنهاية ( هَذا الْكَوْنُ /" جُغْرافيا " لمقابرِ الْأحْياءْ/وجَوارحي في حَدائقِ الَّليْلِ /يُحاصُرها الصَّقيعُ /وغِطائي باردٌ جِدًا )الشاعر أستخدم هنا ( جوارحي في حدائق الليل) كي يوحي للدلالة الواسعة على اليأس الذي يعيشه فكل شيء تحول إلى صقيع يحاصره فلم يعد هناك أمل وحتى الغطاء الذي يحميه من هذا الصقيع أصبح باردا جدا, فهو يريد أن يعطي المساحة التأويلية في الدلالة المعنوية تجاه ما يريد أن يوصله للمتلقي فكل شيء يموت خارجه من خلال حالة الألم داخله لأنه لا يجد حلا لوطنه فجغرافية الكون كلها لا تعني له إلا مقابر للأحياء و كل شيء خارج وطنه لا يعني له شيئا إلا الموت والنهايات التي ينتهي بها الكون .

استطاع الشاعر أن يوظف اللغة في مفرداتها في تحقيق التجاور الذهني في رسم أبعاد قضيته في وطنه فلسطين فهو لا يستطيع أن يستمر بالعيش خارج هذا الوطن المسلوب ,و نجد أن الوطن هنا تحول إلى بؤرة نصية تعطي لكل نصوص المجموعة بعدا وجوديا ونفسيا من خلال الحوار الذاتي " السوسيولجي" الذي يحكم باطن النص دون إظهاره لسطح الجملة الشعرية فبقى فعل الحركة التصورية الوجودية كامنا داخل النص في لحظة تفجر الرؤيا لدية (وغاباتُ الظُّلْمةِ تَكْسو مَساحاتي /وبريحِ الْخريفِ /تَقْتَلعُ مِنْ داخلي /شَهْوَةَ الرَّبيعْ ) كل شيء تحول إلى ريح الخريف ولم تعد لديه شهوة الربيع فلم تعد لدية روح الأمل بأن التغير آت إلى وطنه , وهذه حالة اليأس الكلي في روحه حيث شكلت البؤرة للحركة الشعرية لديه و جعل رمز الوطـــن هو المحـــرك لكل حالات التصور اللساني و الذي يبني عليه نسق الجملة الشعرية دون أن يفرط في المعنى الذي يؤشرة داخل جوهرية اللغة الذاتية عنده , فاستطاع الشاعر أن يعطي للغة بعدا تكوينيا في نسق رؤيته الشعرية ضمن حدود التناسق الفهمي بين الذات وحالات الوجود حوله .

نص تحديق في فوهة القبر...

مُبتَلًى بالموتِ والحياة

سأموتُ إن لمْ أُقْتَل

أمدُّ في تَفاصيلِ الهواءِ

جَميعَ الأمْنياتْ

لتَتَـنَمَّر كجَبلٍ مُندَسٍّ

بَيْنَ الخَيالاتْ

والرُّوحُ خَرِبةٌ

كَقَبرٍ قَديمْ

عَينهُ مَفْتوحةٌ

كَحَدقةِ البحرِ الميّت

يستمر الشاعر بطرح ما بداخله من أبعاد بصرية في رؤيته المتصاعدة بشكل "مونولوج" داخلي حول قضية وطنه لكي يؤشر حجم الألم والوجع الذي يعيشه في الداخل تجاه ما يحدث لهذا الوطن من إهمال لشعبه ولقضيته التي ينتمي إليها، والشاعر في جميع نصوصه يبنى الحدث النفسي من خلال التراكم اللساني التصوري فهو يجسد مشاعرة الداخلية التي تكونت من خلال هذا التراكم الانعكاسي داخل مساحته الذهنية ما جعل الرؤيا عنده هي الحدث الانفعالي تجاه القضية والوطن (مُبتَلًى بالموتِ والحياة /سأموتُ إن لمْ أُقْتَل /أمدُّ في تَفاصيلِ الهواءِ /جَميعَ الأمْنياتْ ) لم تعد الأشياء واضحة فهو يعيش ما بين الموت والحياة مع هذا هو سيموت وحتى الأمنيات سوف يبعثرها الهواء فلم يعد له أمل يقارب ما يتمناه لوطنه و حياته الخاصة وقد تحول إلى انعكاس كلي لهموم الوطن وقد تحولت الحياة عنده إلى هموم وغربة داخليه لا يستطيع أن يجد لها حلا إلا من خلال حل قضية وطنه، وما ذاته إلا ذات الوطن (لتَتَـنَمَّر كجَبلٍ مُندَسٍّ /بَيْنَ الخَيالاتْ /والرُّوحُ خَرِبةٌ /كَقَبرٍ قَديمْ /عَينهُ مَفْتوحةٌ /كَحَدقةِ البحرِ الميّت ) فكل ما يراه يحدث في الوطن يشعر به من الداخل فكل الخيالات والروح أصبحت خربة كقبر قديم وهو لهذا يؤشر ويوحي بالتأويل الدلالي إلى أقصى حالات اليأس و الموت بكل شيء داخله .

الشاعر استطاع أن يحقق التوازن الانفعالي التصوري بين الفكرة لدية والمشهد الخارجي لأحداث وطنه من خلال الإيحاء المعنوي وفق الدلالة المركبة التي تؤشر حجم المأساة التي تحدث لوطنه فكل شيء يجري إلى الموت مثل البحر الميت ولا شيء يبشر بالحياة إلا الموت المستمر .

استطاع النبالي أن يركب جملته الشعرية وفق الحدث التأويلي لحقيقة الحدث ضمن سياق الواقعية لهذا الحدث وليس ضمن الحدس الفهمي لقضية الوطن وفي سياق إيقاعي متصاعد للصوت الداخلي لجملته الشعرية في جميع نصوصه .

استخدم الشاعر الإيحاء الاستدراكي التناظري بين أزمته الذاتية وذات الوطن دون الإشارة إلى الوطن إلا من خلال التقارب الكبير لهذه الأزمة مع ذاته الإنسانية .

الصفحات