قراءة كتاب الإستعراب الإسباني وجاذبية الحضارة الإسلامية في الأندلس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإستعراب الإسباني وجاذبية الحضارة الإسلامية في الأندلس

الإستعراب الإسباني وجاذبية الحضارة الإسلامية في الأندلس

كتاب " الإستعراب الإسباني وجاذبية الحضارة الإسلامية في الأندلس " ، تأليف د. محمد العمارتي ، والذي صدر عن دار الجنان عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 2

إذ إنه من الناذر أن نجد باحثا مستعربا إسبانيا لم يتناول المصادر العربية الأندلسية بالدرس والتحقيق والترجمة في إطار الاستعانة بها لصياغة مشروعه العلمي حول حضارة إسبانيا الإسلامية في عصرها الوسيط، فأضحت كتاباتهم ودراساتهم من أهم المراجع التي ترصد تجليات هذا التراث بنوع من الدقة والوثوقية ، أمثال ميغيل آسين بلاثيوس وآنخل غونثالث بالنثيا وليوبولدو طوريس بالباس ، وإميليو غارثيا غوميث وغيرهم......

ووعيا منا بأهمية الموضوع وجدته قمنا بدراسة علم من أعلام الاستعراب الإسباني الحديث ألا وهو إميليو غارثيا غوميث Emilio García Gómez.لأن مشروعه العلمي يستحق الاهتمام والنقاش والمدارسة .

وتعود مسألة تناول مشروعه كأفق للبحث والتأليف في نظرنا إلى الأهمية التي يكتسيها الرجل في دراسته للتراث الأندلسي .

كما تكمن قيمة تأليف هذا الكتاب عنه في أنه أحد المختصين الكبار في دراسة تراثنا الأندلسي ، فهو يجمع بين المعرفة التاريخية واللغوية والفكرية والجمالية لهذا التراث ، فقد سعى في أعماله مجتمعة إلى دراسة وتوثيق حقبة تاريخية مهمة ألا وهي حقبة الوجود الإسلامي بالأندلس، والكشف عن حقائق ووقائع لم يتطرق إليها المؤرخون العرب المحدثون ، ولم تتناولها كتب التاريخ الإسباني بهذا الشكل من التفصيل عند تعرضها لتاريخ إسبانيا الإسلامية في العصر الوسيط .

إلا أنه للأسف لم يحظ في حدود علمي إلى الآن بدراسة منوغرافية خاصة عنه، ومنفصلة تعرف به وبمشروعه وبإنجازه العلمي الكبير في خدمة التراث الأندلسي .

فلم تنل أعماله في ثقافتنا العربية الحديثة ما تستحق من الاهتمام ، رغم كثافتها وعمقها وقيمتها التوثيقية والتاريخية والأدبية ، وإن كان غوميث حريصا على الحضور العلمي في كل تجليات هذا التراث ، وسعيه الدؤوب المستمر لبلورة تصور علمي ينصف هذا التراث عند الإسبان ، ويغير من أفق انتظارهم ورؤيتهم للوجود الإسلامي بإسبانيا العصر الوسيط ،

ولعل من يقترب من عالمه سيدرك عمق مشروعه وتعدد تجلياته ودراساته التي راكمها خلال ما يزيد عن نصف قرن من الكتابة والبحث والتأليف والترجمة والتنقيب والتحقيق لعيون تراثنا الأندلسي ونصوصه ، وتقديمها للقارئ العربي والإسباني على حد سواء على أساس أنها إرث مشترك للعربي فيه مثل ما للإسباني أيضا من حظ وانتماء وانتساب.

من هنا تنبع أهمية الكتابة والتأليف عن غوميث ، بالإضافة إلى اعتبارات أخرى لعل من أبرزها :

1- عدم وجود دراسة أو مؤلف مستقل عن غوميث باللغة العربية .

2- إبراز مكانة الرجل ودوره في خدمة تراثنا الأندلسي والتعريف به لدى الباحثين العرب .

3- محاولة كسر الإهمال الذي عرفه مشروعه العلمي، بمحاولة تناوله كأفق للبحث والدراسة قصد الخروج بصورة شاملة عنه .

ولذلك فإن أهمية هذا الكتاب لا تكمن في كونه أول بحث باللغة العربية في الموضوع ، ولكن تكمن أهميته أيضا في جدية الأهداف التي رسمها لنفسه ، وفي جهده التأسيسي لهذا اللون من المعرفة الممتعة .

والمؤكد أن مثل هذا العمل سيقتضي منا المزيد من البحث والتنقيب والكشف عن مواطن هذا الإبداع والتألق في مشروعه .

ومن أجل إنجازه اعتمدنا على خطة قسمنا خلالها الكتاب إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة .

خصصنا المقدمة لتبيان أهمية الموضوع وفرادته ، ثم عرضنا الفكرة الرئيسية للعمل .

الفصل الأول : تناولنا فيه سيرة غوميث وثقافته دراسة توثيقية ،أوضحنا فيها المحطات الأساسية من حياته ، مع ذكر أهم الأحداث التي مر بها ، وركزنا أيضاعلى النشاط الثقافي والعلمي والديبلوماسي الذي أنجزه غوميث باقتدار وبمستوى الرجل الخبير الماهر، دون إغفال لمسيرته التأليفية أيضا ، ثم عرضنا لأهم سنوات الإبداع العلمي في مسيرته الحياتية والعلمية .

الفصل الثاني :استعرضنا فيه قناعات ومواقف ورؤى غوميث من الترجمة عموما، ومن ترجمة الأعمال الأدبية خصوصا، درسنا فيه بعض آرائه وتصوراته للفعل الترجمي، وكيف ينبغي أن تكون الترجمة عليه كمفاهيم وقناعات وكشبكة من العلاقات يتفاعل فيها المترجم بالمتلقي وبالنص المترجم، وخلصنا في نهاية الفصل إلى أن غوميث كان يرى الترجمة عملا إبداعيا وليس عملا تقنيا جافا.

الفصل الثالث: خصصناه لمسألة ترجمة غوميث لفنون الشعر الأندلسي وتجلياتها، ومستوياتها، فتطرقنا فيه إلى موقفه الريادي السباق إلى ترجمة الشعر الأندلسي وإمداده للمشهد الشعري الإسباني الحديث بنماذج أندلسية رائعة وفريدة في بابها. كما رصدنا مستويات ترجمته للشعر الأندلسي في تجلياته الكلاسيكية التقليدية (القصيدة العمودية)، ثم صوره الجديدة (الموشحات والأزجال) التي نشأت بإسبانيا الإسلامية بفعل عوامل التطور والاحتكاك والتأثير والتأثر، مع دراسة منهجية مفصلة لطريقة ترجمته لكل تجل على حدة من هذه التجليات الشعرية الأندلسية.

تلك إذن أهم المباحث والقضايا التي حاولت فصول هذا الكتاب ملامستها بشأن موضوع الاستعراب الإسباني الحديث والحضارة الأندلسية، انطلاقا من تصور منهجي يرى هذا الموضوع حقل دراسة وتواصل وتفاعل بين شعبين متجاورين العربي والإسباني وليس حقل صراع وخلق جبهات ثقافية مضادة .

آمل أن نكون بتأليفنا هذا الكتاب قد أضفنا إلى المكتبة العربية عملا يسمو إلى خلق معرفة بالحضارة العربية الأندلسية من منظور الاستعراب الإسباني الحديث عامة ومن خلال منطلقات إميليو غارثيا غوميث وتصوراته خاصة .

والله ولي التوفيق

د. محمد العمارتي

تطوان في 01 فبراير2014

الصفحات