كتاب " وحيداً كذئب الفرزدق " ، تأليف أمجد ناصر والذي صدر عن دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب وحيداً كذئب الفرزدق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

وحيداً كذئب الفرزدق
من ديوان "مديح لمقهى آخر"
بيروت 1979
الجبل
I
... فيا سيدّي،
يا جميلَ الَمُحيّا
لكَ الآنَّ اغماض عينيكَ
بعضٌ من الثلج
بعضُ نبيذِ القرى
يعيدُ لكَ اللونَ
والهدأة الصافيةْ.
لكَ الآنَ أن تشتهي منزلاً في جنوبِ الوطنْ
وتبدأه بالشجرْ
وأنت تحبُّ من الشّجرِ الأرزَ،
خُذْ أرزةً،
فرعها طيبٌ
وامضِ في الأرض، لا تلتفتْ للوراءِ
فما الأرزُ الاّ أراغنُ أطفالنِا الميتين.
II
لكَ الآنَ بعد أن ادركَ البحرُ،
أدركتْ سهلنا الطبقّاتُ العريضةُ
أن تهتدي للجبل.
فالقصورُ مطعمةٌ بالذهب
والقصورُ مطعمةٌ بالرصاص
والقصورُ على غرّة الثلج
عاريةٌ
كالحجارة.
III
لكَ الآنَ ان تشربَ القهوةَ الرائقةْ.
وتذكّرْ:
كنتَ تغسلُ كفّيكَ بالثلجِ
والبندقيةُ في الكتفِ مائلةٌ
والصباحُ صغيرٌ على "المتن"
حينَ استدرتَ إلى الخلفِ
عانقتها،
كالعصافيرِ زرقاءَ،
قبلّتها،
في الفم المستثير،
الفم المشتهى.
وثبَّتَّ في مَفّرقِ الشَّعر،
فجرا،
قرنفلة
من دماء الرفاق.
تلكَ كانت تناولُك الطلقات،
"البيانَ الشيوعيَّ"،
تقرأُ "ايلوارَ"،
كانت تترجمهُ لغةً من تُراث البنادقِ والشِّعر.
تُفْتَحُ نارُ المواقعِ واسعةً،
فتخبئُها بينَ صدركَ
والسّترةِ العسكرية.
كانت تطاردُ خصلتها بعد أن
يرفع القصفُ كفّيهِ
لكنها،
حين تطبقُ كلُّ الجهاتِ
شجرا ترتديهِ العساكرُ
تبصرُ رتلاً من القبعاتِ
وتبصرُ نهراً من القبعاتِ
وتبصرُ أرضاً
تحُاصرُها
القبعاتُ.
IV
فيا سيدّي،
يا جميلَ المحَّيا
لكَ الآن أن تستعيدَ السكينةَ والحلمَ:
إن البلاد التي راودتكَ فنادقها،
مرةً في المساءِ
داهمتكَ مدافعُها
فجأةً في الجبالِ
وكانت بلاداً
تراشقُ حلمَ المسافرِ
بالياسمينِ الدمشقيّ
لا تبتغي أن تسمّي الجراحَ جراحاً.
تقولُ اصنعوا لغةً وجواداً من البرتقال.
ولكنها.......
***
قلنسوةٌ فوقَ رأسِ المسافرِ
ترشحُ منها الطيورُ الذبيحة.
V
هذي البلادُ مزيجٌ من الحزنِ
والشجرِ المتسامق
والطبقاتِ الفتية.
بيروت مطلع 1978