أنت هنا

قراءة كتاب المقام العراقي ومبدعوه في القرن العشرين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المقام العراقي ومبدعوه في القرن العشرين

المقام العراقي ومبدعوه في القرن العشرين

كتاب " المقام العراقي ومبدعوه في القرن العشرين " ، تأليف حسين إسماعيل الاعظمي ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 3

المقدمة

شهد القرن العشرون في العراق ولادة جديدة للموسيقى العراقية عموماً والمقام العراقي خصوصاً، من خلال ظهور الكثير من الإنجازات التكنولوجية وتطورها السريع([11])، التي ما انفكت تزداد تطوراً سريعاً جداً بمرور الزمن ، ولعلَّ أبرز هذه الإنجازات ظهور جهاز التسجيل الصوتي الذي أمسى الانعطافة العظيمة في مسار الحياة البشرية على مدى تأريخها .. فقد استطاع الانسان من خلاله أن يسجل صوته ثم يعيده ليسمعه ويكرر ذلك مرّات ومرّات ..!! وهكذا كان الحظ بالغ السوء لكل المغنين والموسيقيين الذين عاشوا قبل ظهور هذا الابتكار العظيم على مدى التاريخ وذهبت أصواتهم ومخلفاتهم إدراج الرياح ..!! وبالمقابل أمست الحياة بعد هذا الإنجاز الخطير أوفر حظاً بصورة كبيرة لكل الفنــــانين الذين ظهروا منذ بدايات القرن العـشرين حتى حاضرنا ومستقبلنا ..

ومن هذا التاريخ الحديث ولهذه الأسباب، بدأت مرحلة جديدة فعلاً في تاريخ تطور موسيقانا وغنائنا، بل الحياة برمَّتها، وبطبيعة الحال أمسى التفاعل بين الشعوب اكثر قوة وتأثراً وتأثيراً من خلال تطور أجهزة الإعلام في النشر والتوزيع والاتصال والحفظ .. واختزلت المسافات، واختصر الزمن، بحالة أسرع من أي وقت مضى وبصورة مستمرة متزايدة ..

وعليه فقد ظهرت التسجيلات الصوتية لمغنينا وموسيقيينا الى الوجود وأصبح بالإمكان الاستماع إليها في أي وقت نريده ..!!

بصورة موازية، كان الإبداع المقامي قبل القرن العشرين تقريباً، إبداعا يكاد أن يكون محلياً تماماً، أو هو كذلك بالفعل، حيث كان التفاعل الدرامي([12]) منصبا فيما بين المقامات وتفصيلاتها، في الحذف والإضافة والتغيير والتقديم والتأخير بديناميكية([13]) هيكلية محددة الأطر والمعالم .. !! وما أن حلَّ القرن العشرون حتى غدت هذه الديناميكية تزداد تفاعلاً درامياً متصلاً ومتواصلاً مع تطور الاتصال بالبلدان حوالينا والشعوب الاخرى، الامر الذي أدى الى استيقاظ المقام العراقي من غفوة كانت أشبه بالسبات العميق ..!! ليتفاعل هذه المرة بصورة اكثر وضوحا وتأثيرا مع شعوب المنطقة والشعوب البعيدة الأخرى .. فكان من ثمار هذه الظروف الثقافية والواقعية، ظهور اعظم مطرب في تاريخ غناء المقام العراقي على مدى عصوره هو محمد عبد الرزاق القبانجي الذي احدث انعطافة كبيرة في تاريخ هذا الغناء وأمسى رائداً للإبداعات المـــقامية الحديثة .. التي تجـــاوزت حدود المحلية لاول مرة ..!!

إن هذا النوع الفني من التراث الغناسيقي([14]) (المقام العراقي) الذي يستثيره بإلحاح الواقع المحيط وانعكاسات البيئة الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ..الخ والواقع الذي نحمله داخل أنفسنا، والذي يتنازعه خلق الخيال والتأملات والأحلام، واستقصاء الواقع، وهو لا يكف عن إنتاج أشكال غناسيقية ثابتة وابتكارات اخرى ممكنة، هذا النوع الغناسيقي التراثي – المقام العراقي – هو على صورة المسارات اللحنية التي تدل عليه، أي انه في تطور وتوسع دائمين ..

هكذا أمسى الإبداع المقامي([15]) في - حقبة التحول - وواقعها الثقافي مع ظهور محمد القبانجي، واقعاً ملموساً ومنحىً حذا حذوه الكثير من المغنين اللاحقين لأستاذهم القبانجي .. ورغم المحاولات الكثيرة من قبل مغنين مقاميين كثيرين في شأن الإبداع والتطوير خلال القرن العشرين، لكننا نستطيع ان نشخص ابرزهم في هذا الشأن، ونقصدُ بهم - الأربعة المبدعون الكبار - حسن خيوكة ويوسف عمر وناظم الغزالي وعبد الرحمن العزاوي ،الذين حذوا حذو أستاذهم الأسطورة محمد القبانجي ونحوا منحاه التجديدي الإبداعي ..

وفضلا عن ذلك فقد كان ظهور الأربعة الكبار في حقبة مناسبة كما يبدو في ظروفها الثقافية والصناعية، وقد استفادوا هم وغيرهم من بوادر هذه الثورة الفنية الإبداعية في هذه الحقبة التجريبية من منتصف القرن العشرين ، فارتقى عدد التسجيلات المقامية الى أرقام كبيرة مع تأكيد توثــيقها وارشفتها([16]) سواء من خلال شركات التسجيل الأجنبية او في دار الإذاعة العراقية ..

الصفحات