قراءة كتاب سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947

سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947

كتاب " سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947 " ، تأليف د. عبد المجيد عبد الحميد علي العاني ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

كذلك زادت التطورات التي رافقت سير العمليات العسكرية في المرحلة الأولى من الحرب من اهتمام الولايات المتحدة بإيران جزءاً من اهتمامها بمنطقة الخليج العربي كلاً . فقد تمكن الألمان خلال هذه المرحلة من مد نفوذهم إلى مناطق قريبة من الخليج العربي لوقوع سوريا ولبنان تحت سيطرة حكومة فيشي الموالية للألمان بعد اكتساح الجيوش الألمانية للأراضي الفرنسية في مارس 1940، وإجبارها على إعلان استسلامها في حزيران من العام نفسه . كما ساهم دخول ايطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا في 10 حزيران 1940 في تعريض المنشآت النفطية بمنطقة الخليج العربي إلى خطر الغارات الجوية الايطالية بسبب قرب هذه المنطقة من المستعمرات الايطالية في الحبشة وشرق إفريقيا .([66]) فكان من نتيجة ذلك كله أن شهدت العلاقات الأمريكية – الإيرانية نوعاً من التطور يمكن تلمسه من خلال وصول الولايات المتحدة إلى المرتبة الثالثة في لائحة تجارة إيران الخارجية بعد أن كانت تحتل المرتبة الخامسة .([67])

لكن ذلك لم يستمر طويلاً إذ سرعان ما شهدت العلاقات الألمانية – الإيرانية تطورات مهمة بمستويات متصاعدة خلال تلك المرحلة مما جعل إيران تزيد من ميلها إلى جانب ألمانيا أكثر من غيرها من الدول الأوروبية الأخرى، وهذا ما دفع بالحكومة الأمريكية إلى أن تطلب من المسؤولين الإيرانيين أن لا يسمحوا " لدولة ثالثة سيئة النيات " من عرقلة الجهود المبذولة آنذاك لتطبيع العلاقات الأمريكية – الإيرانية .([68]) فقد كانت للانتصارات التي حققتها القوات الألمانية المقرونة بالهزائم البريطانية على صعيد القارة الأوروبية الدور الكبير في زيادة قناعة رضا شاه ومن ورائه الإيرانيون بقوة ألمانيا وبقدرتها على تحقيق النصر النهائي في هذه الحرب ، وبضرورة ربط إيران بعجلة ألمانيا مادام المستقبل هو في صالحها . أملاً منه في أن يتمكن من استغلال الوضع الدولي الجديد في دعم نظامه على النحو الذي يستطيع من خلاله الحد من النفوذ البريطاني والسوفيتي في إيران . منطلقاً في ذلك من اعتبار ألمانيا هي العدوة الدائمة لكل من الاتحاد السوفيتي وبريطانيا .([69])

ولم يكن دور الحكومة الألمانية في زيادة توثيق علاقاتها مع إيران منحسراً إذ أنها كانت تدرك أن محاولاتها في تحقيق أهدافها التوسعية سوف تثير حفيظة الاتحاد السوفيتي وعداءه ، ومن ثم يؤدي ذلك إلى انضمامه إلى جانب الحلفاء في الحرب الدائرة فعليها إذاً أن تمد جسور صداقتها إلى إيران لتهيئتها لخدمة مجهودها الحربي ما دامت تشترك مع الاتحاد السوفيتي بحدود طويلة ، فضلاً عن الموقع الإستراتيجي لإيران الذي يمكن من خلاله الوصول إلى الخليج العربي والهند بعد الانتهاء من احتلال مناطق القفقاس وآسيا الوسطى .([70]) لذلك نراها تولي إيران اهتماماً خاصاً في مخططاتها وتقوم بتعيين أرون ايتل Ettle وزيراً مفوضاً جديداً في طهران لكونه أكثر "حنكةً ونازيةً" من سلفه ليزيد من ارتباط إيران بحكومته ، الأمر الذي انعكس انعكاساً واضحاً على علاقاتهما الاقتصادية ، وهو ما كان يهم ألمانيا بالدرجة الأولى بسبب الحصار الذي فرضه الأسطول البريطاني على تجارتها. فتم في 8 تشرين الأول 1939 التوقيع على بروتوكول تجاري سري بينهما تحولت إيران بموجب بنوده إلى الدولة الوحيدة التي تزود ألمانيا بالعديد من المنتوجات المهمة مثل القطن والصوف والقمح والشعير.. الخ ، وبعض المواد المهمة التي مكنت الألمان من تجاوز الصعوبات التي اعترضت تجارتهم بسبب الحصار.([71]) وهذا يفسر مساندة ألمانيا بقوة لسياسة الحياد التي انتهجتها الحكومة الإيرانية ([72]), وتشجيعها على استمرار الالتزام بها ، وذلك لان مثل هذه السياسة تسمح لألمانيا بمواصلة علاقتها التجارية مع إيران . إذ إن إعلان حكومة طهران انحيازها إلى ألمانيا أو التحالف معها سيخلق لكل الجانبين متاعب هما في غنى عنها ، لان ذلك من شأنه أن يكسب إيران عداء بريطانيا قد تتحول معه أراضيها إلى مسرح للعمليات العسكرية مما سيفقد ألمانيا مصدراً مهماً للاستيراد .([73])

بسبب ذلك حرصت الحكومة الألمانية على توسيع علاقاتها التجارية مع إيران فوصلت ألمانيا خلال 1940-1941 أول مرة في تاريخها إلى مكان الصدارة في لائحة تجارة إيران الخارجية ، إذ بلغت صادراتها إلى ألمانيا 42.09% .([74])

لم يقتصر تطور العلاقات الألمانية – الإيرانية على الناحية التجارية فحسب بل شمل أيضاً كثيراً من النواحي الأخرى ، الصناعية والثقافية والاقتصادية وغيرها على نحو لم تصل إليه إيران مع أية دولة أخرى .([75]) كان من نتائجه على سبيل المثال تزايد عدد الألمان الوافدين إلى إيران ، فقد بلغ عددهم أكثر من ألفي شخص ، بسبب التنمية الصناعية التي كانت تسير تحت الرعاية الألمانية .([76]) وأيضاً بسبب الأعداد المتزايدة من المدرسين الألمان الذي أصبحوا يسيطرون على اغلب مؤسسات التعليم الصناعي في إيران ، مع عدد كبير من مدارسها ومعاهدها حيث لم يؤثر القرار الذي أصدره رضا شاه في آب 1939 بصدد غلق المدارس الأجنبية في البلاد على المصالح الألمانية وأصبح هؤلاء الألمان يسيطرون في عام 1941 على مراكز قيادية في حوالي(50) مؤسسة حكومية مما جعل لهم تأثيراً واضحاً في سياستي إيران الداخلية والخارجية .([77])

كان لوصول ألمانيا النازية إلى مثل هذه المكانة المتميزة في إيران أثره في تأجيج مخاوف دول الحلفاء فضلاً عن الولايات المتحدة أيضاً ، إذ أصبحت ألمانيا من خلال هذه المكانة أكثر قدرة على تهديد مصالح الولايات المتحدة وامتيازاتها النفطية في منطقة الخليج العربي ، مما حتم على الحكومة الأمريكية أن تتحرك لاتخاذ بعض الإجراءات المناسبة لحماية هذه المصالح والعمل على جعلها في منأى عن تهديدات ألمانيا المحتملة ، فكان ذلك من الدوافع التي دفعت الرئيس الأمريكي روزفلت Franklin D. Roosvelt إلى الإعلان في عام 1941 عن " إن الدفاع عن منطقة الشرق الأوسط عامةً هو أمر ضروري للدفاع عن الولايات المتحدة "([78])، واقتراحه لقانون الإعارة للدفاع والتأجير (Lend – Lease) ، الذي كان بمثابة البداية لنهاية الحياد الأمريكي في الحرب العالمية الثانية . وبعد مناقشات طويلة وضغوط من الإدارة الأمريكية وافق (الكونغرس) الأمريكي في 11 آذار 1941 على هذا القانون .([79]) الذي يقضي بمنح الرئيس الأمريكي الحق في تقديم كل ما هو ضروري من أسلحة وتجهيزات ومواد ومعلومات دفاعية إلى أية دولة يرى أن دفاعها ضروري لدفاع الولايات المتحدة على سبيل الإعارة والتأجير .([80])

ولما كانت بريطانيا هي إحدى دول الحلفاء التي تحرض الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا النازية وحليفاتها ، وتلتقي مع الولايات المتحدة في أهدافها ، بجعل منطقة الشرق الأوسط بمأمن عن التهديدات الألمانية لأنها صاحبة المصالح الأكثر أهمية في هذه المنطقة عامةً . والقوة الكبرى في منطقة الخليج العربي ، والمسيطرة على النفط في جنوب غربي إيران ذات الأهمية الكبرى ، في الأقل لبريطانيا في هذه الحرب .([81]) عمدت الحكومة الأمريكية إلى شمول بريطانيا بقانون الإعارة والتأجير من اجل تقديم الدعم الكامل لبريطانيا ، من خلال هذا القانون في صراعها ضد دول المحور في الحرب الدائرة ، أملاً منها في تحقيق أهدافها تلك ، وعلى نحو غير مباشر دون الحاجة إلى إراقة الدم الأمريكي في حرب خارجية ، والاستمرار في تبني سياسة الحياد المعلنة ، ظاهرياً في الأقل، ([82]) فقد أعلن الرئيس الأمريكي روزفلت ، في اليوم الذي وافق فيه الكونغرس الأمريكي على قانون الإعارة والتأجير " إن دفاع بريطانيا ضروري لدفاع الولايات المتحدة الأمريكية " مما أدى إلى وصول الإمدادات الأمريكية إلى بريطانيا ومنذ ذلك الوقت .([83])

الصفحات