أنت هنا

قراءة كتاب القضاء العشائري في جنوب فلسطين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القضاء العشائري في جنوب فلسطين

القضاء العشائري في جنوب فلسطين

كتاب " القضاء العشائري في جنوب فلسطين " ، تأليف د. محمد سليمان شعث ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 5

وإذا نظرنا إلى الجماعات الفطرية من الوجه القانونية نجدها كانت تستخدم أساليب متنوعة من خلالها تحدد الصلات والعلاقات بين أفراد من جهة وفيما بينها وبين الجماعات الأخرى من جهة أخرى، ووجدنا هذه الأساليب قائمة على فكرتين:-

الأولى : كلمة رب الأسرة أو العشيرة، ومجرد القوة في صلاتها الخارجية فكان الحكم للقوة في علاقات الأسرة والعشائر المختلفة، كالقوة التي تقرر كل نزاع مهما كان نوعه، ولم يكن للعدالة في العصور الأولى من أساس خلقي، وكانت غائبة وقائمة على أساس المصلحة المادية المعززة بالقوة يقتص بها الخصم من خصمه وينال بها من عدوه ما يراه عوضاً عما أصابه.

والثانية: الطبيعة البشرية في التحكيم في فض النزاع بين العشائر، وقد يكون التصالح بين الخصمين دون واسطة، وقد يكون التصالح بناء على تدخل وسيط ونصحه بالتزام السلم وانتهى التدرج إلى فكرة الاحتكام إلى طرف الثالث يرجع إليه الخصمان للفصل بينهما في الأمر و هذا هو صلب بحثنا.

ورأيت ذات مرة في نهاية القرن العشرين الذي وصلت فيه بعض الأمم إلى أرقى مستويات التفكير و التطور الحضاري و العلمي، بإحدى المدن الفلسطينية شيئاً يجسد الجاهلية الأولى بعينها، عائلتان اقتتلتا في تلك المدينة (خانيونس) ، حيث جمعوا شباب القبيلة الذين ينجرفون وراء بعض كبار قومهم دون تفكير، منهم من يحمل العصا و الآخر يحمل سكيناً و الآخر بلطة ( شرخ ) و الآخر سلاح....الخ، وقد أتت إحدى العائلتان من مكان ليس بالقريب يحتاج لوصول إلى الطرف الآخر ليس أقل من (15 دقيقة ) مشياً على الأقدام كان هذا الوقت كافي جداً لرجال الأمن والشرطة أن يتدخلوا ويمنعوا وقوع الكارثة ولكن للأسف الشديد لم يحدث ذلك إلا بعد التعدي ووقوع ما هو محذور وما لم يحمد عقباه، و كان التدخل الجاد من رجال القضاء الأكثر نشاطاً وفاعلية وقبولاً بين أوساط المجتمع الفلسطيني، و طالما الأمر كذلك إذن لا بد من الاهتمام بهؤلاء الرجال قضاة الشعب والغيورين على حفظ الأمن في بلادهم، و العمل على حمايتهم و توفير كفايتهم ،أنهم قلة في العدد كثر في الفعل لا يكلفون الدولة الكثير يبذلون كل جهد لكي يمنعوا الجاهلية التي نجح الاستعمار في زرعها في نفوس حفنة من الضعفاء بسبب بعدهم عن العقيدة الإسلامية.

وعلى المرء أن يتساءل قبل التمسك بالجاهلية أهي خيراً لنا أم شر؟ أينتج عنها فائدة أم خسارة ؟ أينتج عنها صلات و تراحم أم قطيعة للأرحام ؟ أتجعل الإنسان يحافظ على جيرانه أم تنشر الفساد والكراهية والحقد بينهم؟ أتجعل الصغير يحترم الكبير ؟ أتجعل الكبير يعطف على الصغير أم عكس ذلك ؟ الإجابات بالطبع ستكون جميعها سلبية.

• أهمية القضاء العشائري:

تكمن أهمية موضوع دراستنا فيما يلي:

• لأنه يجمع بين عدة علوم كالجغرافيا وعلم الاجتماع وعلم الأنثربولوجيا .

• قلة ما هو مكتوب عن القضاء العشائري في فلسطين من ناحية أخرى لأنه من العلوم المتوارثة عن الآباء غير المكتوبة ، وتعلمها يكون بالاستماع من خلال مجالسة ومخالطة قضاة العشائر ومجالس القضاء العشائري ، وصعوبة تعلمها بالقراءة والقيام بها كوظيفة مثل مواد القانون التي تدرس في الجامعات العالمية.

• الخوف من ضياع هذا التراث العريق لما فيه من تعدد لمهارات الذكاء اللغوي ، والذكاء الاجتماعي التي كنت أسمعها إثناء حضوري بعض مجالس القضاء العشائري التي كانت تعقد في بيت عائلة الحاج رشيد شعث وأولاده ،والتي هي من بيوت القضاء العشائري المشهود لها بذلك في الأوساط الفلسطينية.

• المغالطات والمفارقات التي نتج وينتج عنها كل ما هو سيء في حق الإنسان من فوضى و حقد و كراهية و تربص وقبلية شديدة حتى تأصلت في نفوس الناس و وصلت عند البعض حتى النخاع ،وهذا في حد ذاته خطورة مفرطة وانحلال اجتماعي.

• دعوة الإسلام إلى التطور إلى ما هو أفضل والشيء الذي يؤدي إلى إسعاد البشرية و حقن الدماء و الحفاظ على النفس و ترك الجاهلية لأنها ضيقة تؤدي إلى طريق مسدود، وإلى كل أنواع التخلف والجاهلية.

الصفحات