أنت هنا

قراءة كتاب كهرمانة عصر النساء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كهرمانة عصر النساء

كهرمانة عصر النساء

كتاب " كهرمانة عصر النساء " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 7

تحدث عبد الستار قائلا: ستشهد القلعة حملة تنقيب واعمار واسعتين ستغير من معالمها.. اكمل زميله استاذ صاحب الحديث قائلا لحجي وليد البادىء بالسؤال عن القلعة: نعم سترون حجم التغيير خلال الشهر المقبل لرصد الوزارة مالية للتنقيب والادامة... فرحت فرحا كبيرا وتطايرت من وجهي شرارات من الابتسامة لهذا الخبر.. زادني الفضول شجاعة وشاركتهما الحديث بعد ان القيت عليهم السلام.. جلست لاستمع منهما الى تفاصيل العمل الذي سيجري والذي سيجعل من قلعتنا حصنا شاخصا في التاريخ الحاضر بعد ان كانت هكذا في الماضي التليد وانا مستبشر ومبتسم.. فجأة التفت أحدهم الينا كان قد جلس على الأريكة خلفنا وهو يستمع لحديث وعبد الستار وصاحب قائلا: آسف على تدخلي في الموضوع ولكن ما تقولانه ضرب من الكلام ليس إلاّ أقرأوا جميعا هذا الخبر الذي نشرته جريدة القلعة ماذا يقول: لا صحة للتخصيصات المالية للاثار وما قيل زوبعة اعلامية.

اشتدت المناقشات الكلامية بين الثلاثة وانا وحجي وليد جمهور متفرج على مسرح كلامهم أيهم سيصدق في النهاية، تصاعد غبار كلامهم أكثر وأكثر مع تصاعد غبار الجو في الخارج وضاقت عليّ انفاسي تأثرا بالجوين الطبيعي والنفسي حتى تشظت مني طيور الملل والتأفأف متجهة نحو القلعة التي اختفت عن مرأى العيون خلف العاصفة الترابية التي عصفت بالمكان.. اسدلت المناقشة ستارها ببقاء القلعة قابعة في أقبية النسيان والتيه عندما دخل أحد موظفي هيئة الآثار وسمع الحديث الدائر واعلن صراحة ان لا وجود للتعمير بل هي حملة تنظيف فقط وستغلق أبواب القلعة الأثرية أمام الناس نهائيا.

خيم الصمت على المكان.. اندثرت امارات الأمل.. تشردت آلاف الجمل والعبارات المواسية للقلعة... اعتلى الحزن مرتفعات الفرح.. آه يا الاهي لماذا كل هذا الانكسار.؟ انحن بقايا وحوش لا قيمة لها؟ لماذا تُجرّح أصولنا ويُؤكل ماضينا؟ أليست شواخص أجدادنا هي من عرّفت العالم بنا؟ آه ردهة النخبة المثقفة بدأت تزداد بمصابي مرض التنوير الثقافي.. ازداد الأمر سوءا.. تعطلت مآذن تكبير الفكر عن ايصال أصوات النخبة المثقفة وراحت تجعجع من دون رؤية طحن.. انه زمن الموت البطيء.. زمن اللاحضارة.. زمن الثقافة العرجاء التي لا تقوى على المطاولة.. أين نحن؟ الى من نلجأ لاسكات غضب عقولنا؟ هل سرقت احلامنا عنوة الى الأبد؟ نعم انها النهاية نهاية اللانهاية..

تركت المقهى قاصدا منزلي وانا حامل حقيبة اليأس في داخلي.. شققت طريقي وسط عتمة الرؤية لاشتداد الغبار في الجو، والأصوات المتعالية من حناجر الباعة ما زالت تصدح بالمكان واذا بصوت الحضارة التليد يخيم على الأصوات وهو يناديني: ياعرّابوا الثقافة الاصلاء لا تخافوا فنحن أحياء على الدوام ولا نندثر بل سيندثر حارسو اللاحضارة، حارسو الفوضى واللامرجعية..

أرجعني صوت حضارة الماضي التليد الى ساحة عنتر بن شداد مجددا وهو يقارع ببسالة اعداؤه، قامعا أصوات الزيف، ومكمما أفواه الخديعة التي تريد انتصار الهزالة على الاصالة.. نسيت غبار الجو واستمتعت بغبار معركة عنترة العبسي وزادتني النشوة مجددا بالافتخار بالقلعة وتنصيبها تمثالا أبديا في ذهني وهو يرتدي زي الشموخ والخلود... ولكنها في الحقيقة ما زالت فتاة حزينة.

الصفحات