كتاب " جدي حكى لي...حكاية النسبية " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب جدي حكى لي...حكاية النسبية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
- الجَدُّ : جسيمات وموجات... هل تتذكر تعريف الموجة يا سعد ؟
- سعد : كل ما أتذكره، أنه لو كان لدي حبل مستقيم، وهززت طرفه القريب مني نحو اليمين واليسار، أو نحو الأعلى والأسفل، فسأحصل على موجة تنتقل على طول الحبل.
- الجَدُّ : وهذه الموجات تنقل الطاقة والمعلومات.. وغيرها، وهناك أنواع منها ما هو طولي ومنها ما هو عرضي... كان اعتقاد العلماء السابقين أن هناك فرق بين الجسيمات والموجات، ولكن اعتقادهم هذا قد تغير الآن.
- سعد : إذن لم يعد هناك فرق بينهما.
- الجَدُّ : نعم... لم يعد هناك فرق بين الجسيمات والموجات.
- سعد : جدي، لقد تذكرت... طلب منا مدرس الفيزياء تحضير درس الكهرومغناطيسية، ترى ماذا نقصد بها ؟!
- الجَدُّ : نقصد بها... الكهرباء والمغناطيسية معًا، لقد كانت بينهما تشابهات مدهشة دفعت العلماء للبحث الدائم عن الصلة بينهما.
- سعد : جميل...
- الجَدُّ : لقد دفع التناظر بين الكهرباء والمغناطيسية، العالم البريطاني جيمس ماكسويل إلى استنباط أن الحقول الكهربية تولد حقول مغناطيسية، وأن الحقول المغناطيسية أيضًا تولد حقول كهربية، ولقد وجد أن هذه الاضطرابات أو الموجات الكهرومغناطيسية تنتقل بسرعة ثابتة دائمًا.
- سعد : رائع...
- الجَدُّ : لقد كشفت أعمال هذا العالم الفذ عن وجود "مجال كهرومغناطيسي" كعامل مسؤول عن نقل القوى الكهربية والمغناطيسية عبر ما كان يتصور أنه فضاء خاوي.
- سعد : هل هي نفس القوى الكهربية والمغناطيسية التي نعرفها ؟
- الجَدُّ : نعم، وقد كان الاعتقاد السابق أن هاتين القوتين لا علاقة لهما ببعضهما البتة، وأن هناك حاجز صلب بينهما، ولكن هذا الحاجز سرعان ما انهار على يد ماكسويل، الذي وحدَّهما في منتصف القرن التاسع عشر، وأثبت أن القوة المغناطيسية ممكن أن تتحول إلى قوة كهربائية، والعكس بالعكس، ولكن ضمن شروط معينة.
- سعد : إذن أصبح هناك علاقة قوية بينهما ؟
- الجَدُّ : نعم، لقد ثبت أن الكهرباء والمغنطيسية مترابطين بشدة، وقد صمم ماكسويل أربع معادلات مذهلة وضَّحت للمرة الأولى العلاقة الدقيقة بينهما.
- سعد : عظيم !
- الجَدُّ : ولكن ذلك احتوى في خفاياه على ثمة أمر آخر هو حقيقة الضوء، ولقد وصفت معادلات ماكسويل كيفية انتشار الأمواج الكهرومغناطيسية خلال الفضاء، وعند حساب سرعة هذه الأمواج، وجد أنها بالضبط تساوي سرعة الضوء، ومنها استنتج أن الضوء عبارة عن موجة مغناطيسية كهربائية.
- سعد : إذن بالصدفة حصل السيد ماكسويل على سرعة الضوء !
- الجَدُّ : وأعلن أن الضوء هو "موجة كهرومغناطيسية"... لاحظ يا بني أن الكهرومغناطيسية تدرس الظواهر المرتبطة بالأجسام المشحونة المتحركة، لأن الشحنات الكهربية المتحركة في العادة تنتج مجال كهربيًا يحيط بها، وهي تختص بالآثار الناتجة عن ذلك.
- سعد : ملاحظة مهمة... ولكن يا جدي العزيز، نحن نعلم أن جميع الظواهر الموجية التي نعرفها لا بد أن تنتقل عبر وسط ما، فالأمواج تنتشر خلال جزيئات الماء، وأمواج الصوت تنتقل خلال الهواء... ترى ما هو الوسط الذي تنتقل من خلاله هذه الأمواج الكهرومغناطيسية ؟
- الجَدُّ : سؤال جيد يا سعد، ويدل على أنك متابع رائع.. فالأمواج تحتاج في العادة إلى وسط تنتقل عبره، ولمَّا لم يكن هناك وسط معروف للضوء، ظهرت فكرة الأثير كوسط يملأ الفضاء بأكمله، ونُسبت سرعة الأمواج الكهرومغناطيسية إليه، ومتى ما كنا قادرين على رؤية جسمٍ ما، فهذا يعني أن هناك أثير نقل أمواج الضوء إلى أعيننا.
- سعد : إنقل سلامي وتحياتي عبر الأثير.. لكل أحبائي.
- الجَدُّ : إلا أن العلماء لم يعرفوا شيئًا عن طبيعة هذا الأثير، أصلبٌ هو أم مرن.. ساكنٌ أم متحرك ! وكل ما عُرف عنه أنه قابل لنقل الموجات الكهرومغناطيسية بسرعة معينة، التي اكتشف بالصدفة أنها سرعة الضوء.
- سعد : يا لهذا الأثير الغامض...
- الجَدُّ : لقد أصبح الأثير يؤدي دور الإطار المرجعي لحالة السكون المطلق، ويمكن أن تُقاس حركات جميع الأجسام بالنسبة له.
- سعد : هكذا إذن... بدون قصد اُكتشفت طبيعة الضوء.
- الجَدُّ : منذ القدم... وخواص الضوء تثير الدهشة، وطبيعته الغامضة موضوعًا لتأملات عميقة... حتى اكتشف ماكسويل أنه عبارة عن موجة كهرومغناطيسية تتولد من اهتزاز سلسلة من الحقول الكهربية والمغناطيسية والتي يتحول إحداها إلى الآخر بسرعة.