كتاب " الاستشراق ومناهجه في الدراسات الإسلامية ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب الاستشراق ومناهجه في الدراسات الإسلامية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ثانياً: المستشرقون والعقيدة الإسلامية
يحاول الكثير من المستشرقين أن يسبغ ما يراه وما يعتقده على المسلمين دون فهم للإسلام وحقيقة الإسلام. وكما سبق أن ذكرنا بأن المستشرق إما أن يكون ملحداً أو يهودياً أو نصرانياً، فهم لا يعرضون آراء القرآن الكريم أو السنة النبوية – كما هي موجودة في عقول المسلمين – وإنما يستعرضونها من خلال فهمهم هم لتلك المواضيع. فيقول أحد المستشرقين في تفسير قوله تعالى (وَإِلَى الله الْمَصِيرُ) "النور / 42 ، خاطر/ 18" (أن إله الإسلام جبار مترفع، بينما إله المسيحية عطوف متواضع ظهر في صورة إنسان هو الابن الإله، فعقيدة التثليث المسيحية قربت بالإنسان في الإله، وعقيدة التوحيد الإسلامية باعدت بينهما وجعلت الإنسان خائفاً متشائماً([20]).
يقول المستشرق اليهودي (كولدتسيهر): "من العسير أن نستخلص من القرآن نفسه في العقيدة موقفاً متجانساً خالياً من التناقضات. فالتوحيد مذهب ينطوي على النقائض العسيرة الفهم. أما التثليث فمذهب واضح في فهم الإلوهية([21]).
يتساءل الدكتور محمد الدسوقي بقوله: "أليس هذا شيئاً عجيباً، هذا اليهودي الذي يدّعي أنه مؤمن بالوحدانية وينكر عقيدة التثليث يوازن هنا بين ما يدعو إليه القرآن من الإيمان بإله واحد وبين مذهب التثليث عند النصارى، ويرى أن هذا المذهب واضح على حين أن ما قرره القرآن ينطوي على النقائض العسيرة الفهم. إن هذا الكلام الذي يلقى على عواهنه يحكم على هذا المستشرق بالتضليل والنفاق، لأنه لو كان صادقاً بينه وبين نفسه فيما يذهب إليه، فإنه يكون مؤثراً للمسيحية بعد تحريفها على اليهودية وهو ما لم يصرح به، فهو إذن يتخذ ما يقوله ذريعة لكسب ود المسيحيين وعطفهم من أجل نصرة المبادئ الصهيونية التي تعكسها بروتوكولات حكماء اليهود، فهو النفاق وليس البحث العلمي النزيه".
والقس (زويمر) يرى أن المسلمين وإن كانوا موحدين، فإن الههم ليس إله قداسة ومحبة. إن (زويمر) يعتبر من أخطر المبشرين المحدثين، وما يراه جهل واضح، لأن من يتمتع بقدر قليل من العقل إذا تلا القرآن الكريم فإنه يجزم لا محالة بأن المسلمين يؤمنون بالله الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء([22]).
أما بالنسبة للإلوهية عند المسلمين فيقول الدكتور الدسوقي فيها: إن المسلمين لا يؤمنون بإله خاص بهم، ولكنهم يؤمنون بالله الواحد الأحد، رب السموات والأرض وما فيهن، فما صدر عن هذا القسيس بهتان لا مثيل له، ومن عجب أن يرتدي إنسان ثياب العلماء ثم يردد هذا الهراء".
نرى من هذه الأمثلة أن الطريق الذي انتهجه المستشرقون في نظرتهم إلى الإلوهية في الإسلام تعتمد:
1. عدم النزاهة والعلمية.
2. هيمنة المفاهيم الكنيسة على عقول المستشرقين من النصارى.
3. روح التعصب الذي يبعد عن الموضوعية.
4. نزعة التشويه والتضليل.
5. النفاق الذي يردده بعض المستشرقين – أمثال كولدتسيهر بقصد إمرار الدعوات التي تتستر خلف هذه الدعوات.