أنت هنا

قراءة كتاب فنيات و أساليب العملية الإرشادية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فنيات و أساليب العملية الإرشادية

فنيات و أساليب العملية الإرشادية

كتاب " فنيات و أساليب العملية الإرشادية " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 4

أولا:الأسس والمبادئ العامة

وهي مجموعة من الاسس التي لا بد أن يلم بها المرشد النفسي سواء أكان طالبا أو مهنيا مبتدءا أو خبيرا . وهذه الاسس تكاد تكون مشتركة مع جميع التخصصات السيكولوجية التطبيقية وهي:

1-السلوك البشري ثابت نسبيا ويمكن التنبؤ به:

والمقصود بالثبات هنا هو ثبات السلوكيات والتصرفات الظاهرة ولا يقتصر الثبات على السلوكيات الظاهرة فحسب وائما يتعدى ذلك ليشمل البناء الأساسي للشخصية مثل المعتقدات والأفكار و الاتجاهات والقيم والحاجات والميول والانفعالات مع الأخذ بعين الاعتبار نقطة مهمة وهي تساوي الظروف والعوامل المحيطة الأخرى بهذه السلوكيات أو التنظيمات الشخصية.

وخير مثال يوضح هذا المبدأ الإرشادي حالة التبول اللاإرادي عند طفل ناتجة عن الإساءة الجسدية من قبل والدية ومعلميه أو تناوله لكميات كبيرة من الماء والسوائل في فترة المساء. فان المرشد في مثل هذه الحالة يقوم ببناء تنبؤات دقيقة حول السلوك فيتوقع بان المشكلة ستستمر لديه إذا ما استمرت العوامل والأسباب المؤدية لها مثل تعرضه للإساءة الجسدية واستمرار شرب الماء في المساء, و يتنبأ باحتمالية تطور الحالة .

2-السلوك البشري مرن وقابل للتعديل

إن مبدأ الثبات النسبي للشخصية بكافة أبعادها لا يعني جمود الشخصية والسلوك وعدم قابليتها للتعديل والتغيير . فبالرغم من خاصية الثبات النسبي للسلوك فان بمقدور المرشد أو العالم النفسي تعديل السلوك الإنساني سواء أكان ظاهرا وملاحظا كتعديل الاستجابات التجنبية (الخوف الاجتماعي) أو كان سلوكا داخليا خفيا كالأفكار والانفعالات ومفهوم الذات، فمثل هذه السلوكيات الداخلية والخارجية وان كانت ثابتة نسبيا ألا أنها تتصف بخاصية المرونة والقابلية للتعديل.

والمثال الشائع في الأدب التربوي والنفسي على مرونة السلوك البشري هو حالات الأطفال الذئاب الذي عثر عليهم في غابات فرنسا والهند واللذين عاشوا منذ ولادتهم مع الذئاب لعدة سنوات وكانوا يتغذوا على أثداء إناث الذئاب، واكتسبوا السلوكيات الحيوانية مثل العواء والافتراس وحرموا من العلاقات الإنسانية. وبعد أن عثر عليهم اخذوا إلى المدينة وطبقت عليهم برامج تربوية ونفسية بهدف ترويضهم سلوكيا واجتماعيا وتنمية مهارات التواصل لديهم، وقد تم اكتسابهم المعرفة والمهارات الحياتية اللازمة مثل مهارة الكلام وضبط الحاجات الفسيولوجية وارتداء الملابس وفهم اللغة البسيطة.

3-السلوك الإنساني فردي – جماعي

إن احد أهم الأهداف الإرشادية هو تحقيق الذات وتحقيق التكيف مع الذات ومع الآخرين.إن سمات الفرد الشخصية المنفردة تميزه عن غيره من الأفراد وتجعل منه شخصا فريدا لا مثيل له بين الأفراد حتى في حالة التوأم المتطابقة، والتميز في السمات الشخصية هو الذي يجعل الفرد يتصرف ويفكر ويشعر بطريقة مختلفة ومتميز عن الآخرين .إلا أن الأفكار والمشاعر وما يترتب عليها من تصرفات يقوم بها الفرد يتم تنظيمها وتقييمها بموجب إطار اجتماعي يؤثر ويتأثر بها ومن أهم المتغيرات الاجتماعية والعناصر التي لا بد أن يأخذها المرشد في الحسبان - والتي يحدث في سياقها السلوك الفردي ما يلي:-

-المعايير الاجتماعية (Social norms)

وهي محددات تتضمن ما يقبله وما لا يقبله المجتمع من قواعد وعادات واتجاهات وقيم وغير ذلك مما تتفق عليه ثقافة معينة، وهي بمثابة اطر مرجعية تحدد الأساليب السلوكية المختلفة المقبولة بين أفراد الجماعة والتي تسهل عليهم عملية التفاعل الاجتماعي.

وتتكون المعايير الاجتماعية من خلال عملية التفاعل الاجتماعي وتحدد عن طريقها الأدوار الاجتماعية. ومن الأمثلة على المعايير الاجتماعية نذكر التعاليم الدينية والمعايير الأخلاقية والقيم الاجتماعية والأفكار القانونية واللوائح والأعراف والعادات والتقاليد وحتى ( الموضات ). وأخيرا تؤثر المعايير على سلوك الشخص وتعمل كدوافع قوية حينما يضفي عليها ألوانا عاطفية مختلفة وعندها يخضع لها خضوعا يهيمن على حياته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

–الأدوار الاجتماعية(Social Role)

نمط منظم من المعايير فيما يختص بسلوك فرد يقوم بوظيفة معينة في الجماعة، وهو يشبه السيناريو الذي يحدد السلوك أو يعبر عن الانفعال ويحدد الأقوال ومن أمثلة الأدوار الاجتماعية دور القائد ودور الأمومة ودور الطبيب ودور رجل الدين وكل دور من هذه الأدوار يشمل نمطاً منتظما من المعايير السلوكية المتوقعة من جانب كل دور .

-الاتجاهات الاجتماعية(Attitudes )

ميل عام مكتسب، نسبي في ثباته، عاطفي في أعماقه، يؤثر في الدوافع النوعية ويوجه سلوك الفرد. ويتضمن الاتجاه موقف نفسي للفرد حيال احد القيم أو المعايير أو فئات عرقية وينطوي هذا الموقف النفسي عن حالة من التهيؤ العقلي التي تنظمها الخبرة.

ويتكون الاتجاه من ثلاث مكونات أساسية هي :المكونات المعرفية والمكونات الوجدانية والمكونات السلوكية التي تعبر بدورها عن المكونات المعرفية والوجدانية. ويمكن تعديل الاتجاه تعديلا طفيفا عن طريق النقاش والتواصل الفعال المباشر ووسائل الأعلام. وقد صمم نفر من علماء النفس والاجتماع مجموعة من المقاييس التي تقيس الاتجاهات من أشهرها مقياس التباعد الاجتماعي (بوجاردس) ومقياس ثرستون ومقياس ليكرت ومقياس جتمان.

-الجماعة المرجعية (Reference Group)

وهي مجموعة من الأفراد يحيطون بالفرد ويؤثرون في سلوكه ويكسب منهم العادات والمعايير والقيم والاتجاهات ، وتتمثل عادة بالأسرة والأصدقاء والمدرسة .ويعد بعض علماء الاجتماع المجتمع بأكمله جماعة مرجعية للفرد الذي يعيش فيه. ولا شك أن جماعة الرفاق(Friends ) تقوم بدور هام في عملية التنشئة الاجتماعية والنمو الاجتماعي للفرد حيث تؤثر في معاييره الاجتماعية ويقوم معها بادوار اجتماعية متعددة. وتتعدد أنواع جماعات الرفاق فمنها جماعة اللعب وجماعة النادي وجماعة العمل وجماعة الشلة. وقد تكون جماعة الرفاق محرك ودليل خير للفرد تجلب له السعادة وتعينه على تخطي الصعاب، وقد تكون عكس ذلك تجلب له المتاعب وتجعله ينزلق في طرق الانحراف ، ويعتبر سن الطفولة المتأخرة وسن المراهقة من أكثر المراحل التي يتأثر بها الفرد في جماعة الرفاق.

–القيم(Values)

مجموعة من الأحكام المعرفية الانفعالية التي يكتسبها الفرد من الثقافة التي يعيش ضمنها ويعممها نحو الأشخاص والأشياء والمعاني وأوجه النشاطات المختلفة. وتعبر القيم عن الاهتمام والتفضيل والاختيار نحو (الأشخاص والأشياء ).

ويمكن تصنيف القيم إلى قيم عامة مثل الأيمان والعدل والعلم، وقيم خاصة مثل تلك المتعلقة بالطقوس الاجتماعية والدينية والاقتصادية والسياسية. وقد تكون القيم دائمة وقد تكون عابرة ولابد للمرشد من تفحص قيم المسترشد سواء الظاهرة أو الضمنية حتى يتم مساعدته بفاعلية.

-التفاعل الاجتماعي( Social Interaction)

عملية اجتماعية يرتبط بها أعضاء الجماعة بعضهم مع بعض عقليا ودفاعيا، وفي الحاجات والرغبات والوسائل والغايات. ويعرف التفاعل الاجتماعي إجرائيا بأنه ما يحدث عندما يتصل فردان أو أكثر( ليس بالضرورة اتصالا ماديا) ويحدث نتيجة لهذا الاتصال تعديل سلوك أحد الطرفين. ومن أهم مظاهر التفاعل الاجتماعي تقويم الذات والآخرين، وإعادة التقويم، والتقويم المستمر .

مما سبق يتضح لنا إن الفرد لا يعيش بمعزل عن البيئة الاجتماعية وإنما يعيش ويتفاعل كفرد ضمن نظام اجتماعي مترابط ومتسلسل يتكون من أنظمة فرعية مثل نظام الأسرة نظام المدرسة نظام القيم نظام المعايير الاجتماعية...الخ ويستفيد المرشد فائدة عظيمه من هذه النظم الاجتماعية لاسيما نظام الأسرة ونظام المدرسة في تقديم الخدمات الإرشادية والعلاجية كما يستفيد من مؤسسات المجتمع المختلطة مثل المراكز الثقافية والمهنية .

4-استعداد الفرد ورغبته في الإرشاد

لا بد من توفر الاستعداد والدافعية والرغبة الحقيقية لدى الفرد لتقبل الإرشاد النفسي وان يدرك أن ذلك يعتبر شرطا أساسيا لنجاح العملية الإرشادية وبالتالي حل المشكلة.فعملية إجبار المسترشد ودفعه إلى الدخول في العملية الإرشادية دون التحقق من الرغبة والاستعداد الحقيقيين للإرشاد تحول دون توثيق العلاقة الإرشادية بينه وبين المرشد. ونتيجة لذلك تظهر لديه مظاهر المقاومة وعدم التعاون .

5-الإرشاد النفسي حق للفرد في جميع مراحل نموه

إن الحاجة إلى الإرشاد النفسي حاجه نفسيه لا تقل أهميته عن الحاجات الإنسانية لذا لابد أن يتم إشباع هذه الحاجة بغية تحقيق الصحة النفسية والتكيف.

6-التقبل الايجابي غير المشروط للمسترشد .

لا بد أن يتقبل المرشد المسترشد ويثق به حتى يتسنى له بناء علاقة إرشادية فعالة ودافئة وهي خطوة ضرورية في العملية الإرشادية وبدون تحقيق هذا الشرط - عدم تقبل المسترشد بسبب لونه أو دينه أو جنسه أو مستواه الثقافي أو الاجتماعي - فان المسترشد سيشعر بعدم التقبل وعندئذ لن يثق بالمرشد ومن ثم لن يتقبل منه المساعدة والتدخل الإرشادي .

ونود أن نشير في هذا الإطار إلى أن عملية التقبل تشمل فقط تقبل السلوك السوي المرغوب والانفعالات سواء السلبية أو الايجابية والسمات الشخصية ولا تشمل عملية التقبل قبول السلوكيات الخاطئة واللاسوية الصادرة من المسترشد، فلا ينبغي للمرشد تقبلها وإنما يحاول تغييرها أو إيقافها لان تقبله لمثل هذه السلوكيات يفسر من المسترشد على أن المرشد يشجع هذه السلوكيات.

7-للمسترشد الحق في تقرير مصيره واختياراته .

فلا يجوز للمرشد أن يتخذ قرارات نيابة عن المسترشد أو يقدم له الحلول الجاهزة أو النصائح أو الأوامر - اللهم إلا في حالات صغار الأطفال والاستثنائيين وضعاف العقول - وإنما يساعده على حل مشكلاته بنفسه، لان تقديم الحلول الجاهزة التي يكون المرشد قد جربها خلال ممارسته في الإرشاد أو جربها شخصيا وحققت نجاحا أكيدا قد لا تفلح في حل مشكلة المسترشد بسبب اختلاف الظروف والفروق الفردية بين الأفراد.

الصفحات