كتاب " التطوير التنظيمي " ، تأليف فادية إبراهيم شهاب ، والذي صدر عن
أنت هنا
قراءة كتاب التطوير التنظيمي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المقدمة
شهد العقد الأخير من القرن العشرين العديد من التغيرات السريعة على جميع الأصعدة الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، الثقافية، وخاصة التربوية والتي تتعلق برؤوس الأموال البشرية للمنظمه من كادر مؤهل للتربية والتعليم الى الطلبة بمختلف مواهبهم وقدراتهم الموجهه الى أعلى مستويات النجاح والتي لايستطيع احد ان يخفي دورها الرئيسي في توجيه التطوير الى أرفع مستوياته كونه يهدف الى رفع مستوى الأداء الى التقدم والنهضة ماأمكن ذلك للمؤسسة والطلبة.
فالتغيرات الجذرية في النظم الإدارية والمتمثلة في الثورة المعلوماتية والتكنولوجية والتي تتطلب استراتيجيات وتطبيقات تتميز بالحداثة والجدة والتي تهتم بإحداث تطوير وتحديث حقيقي تجاه البنية الأساسية للمنظمة والعاملين فيها، فمن أهم هذه التغييرات والتي يجب أن تتضمن جميع النظم الأدارية وخاصة الحديثة "التطوير التنظيمي" كعلم سلوكي وإبداع إنساني رائد" يستخدم لأغراض التغيير المخطط والذي يشغل حيزاً لا يستهان به بين النظريات والأساليب الإدارية الحديثة وخاصة ما استقته النظم الإدارية العربية من النظم الغربية وخاصة في الأونة الأخيرة.
يتطلب التطوير التنظيمي اهتماماً بالغاً بالبنية التنظيمية للمنظمة وخاصة النظم التربوية، وهذا الاهتمام المستمر لايستثني جميع مستويات الإدارة والعمل على تحقيق الفاعلية الأدارية للكوادر البشرية من إداريين، معلمين وعاملين في جميع مستويات الإدارة، وهذا التطوير لايقل أهمية عن النظر بالمدخلات المادية للمنظمة فمواكبة المعلوماتية والحاسوب لللحاق بسباق التقدم والريادة في العالم فهو لايقل أهمية عن العمل الجدي لتحسين مستوى مخرجات المنظمة بالتزامن مع تدريب وتاهيل العاملين لدى المنظمة بشكل دوري ومنظم.
فالأساس الجذري للتطوير التنظيمي هو فهم معمق للسلوك الفردي، والجماعي ومن ثم محاولة تعديل لهذا السلوك بما يتناسب مع تحقيق أهداف التنظيم الإداري.
هذا بالنسبة للأساس الذي تركز عليه قواعد التطوير في التنظيم، إلا أن ماهيته مفاهيميا فهو جهد التطوير في التنظيم، وهو جهد شمولي مخطط يهدف إلى تغيير وتطوير أداء العاملين ضمن مواكبة التطور التكنولوجي والمعلوماتي الهائل في المنظمات والعمل على تحسين مقدرة العاملين في التنظيم على صناعة القرار وحل المشكلات وبناء علاقات متوازنة بين التنظيم من الداخل والبيئة المحيطة به من الخارج توظيفاً مثالياُ ما أمكن ذلك لرواد التطوير بالنظر للتطوير كعلم سلوكي إنساني.
إن الانتشار الغير متوقع للتطوير التنظيمي كأداة للتغيير المخطط وما صادفه من نجاح مستدام على مدى عقود من الزمان، يتيح بلا ريب إمكانية تطبيقه وفرص نجاحه في الدول العربية قاطبة وخاصة في المملكة الأردنية الهاشمية كبلد عربي يتوسط الوطن العربي وبلد منفتح على النظم الغربية ومواكب في معظم التنظيمات للتطور التكنولوجي والمعلوماتي وبدرجة عالية نسبياً.
إلا أن تطبيقه بشكل مثالي ما أمكن ذلك لدى القائمين والخبراء للتطوير التنظيمي كتقنية استقاها النظام العربي من النظام الغربي يواجه العديد من المشكلات من داخل التنظيم ومن خارجه نظراً للاختلاف الملحوظ فيما بين الفلسفة العامة للتربية في النظم العربية وبين النظم في الدول الغربية، حيث سيتم التطرق الى أبرز المشكلات التي تواجه التطوير التنظيمي دوليا ومحليا.
لقد ظل التطوير التنظيمي موضوع يثير جدل وحوار بين القادة من العالمين العربي والصناعي ولكن لمواجهة بعض المشكلات والتحديات التي واجهت رواد التطوير التنظيمي بشكل عام تتمثل بركيزة أن المناخ الإداري الذي يطبق فيه التطوير الإداري يقوم على فرضية فلسفية "أن البعدين الموجودين داخل أي تنظيم إداري عاملان رئيسيان هما البعد الإنتاجي والبعد البشري والأصل في ذلك هو الموازنة فيما بينهما ماأمكن ذلك للقيادات والعاملين معا فالواقع في كثير من التنظيمات في الدول العربية عامة تعاني من عدة مشكلات رئيسية أهمها وجود البطالة بين صفوف الخريجين الجامعين والذي يتزامن مع هجرة العقول والخبرات لدول الخارج مقابل أموالا ورواتب أعلى مما يمكن ان يحصلوا عليه في بلادهم ونسيان القيمة الحقيقية لهذة الكفاءات ومايمكن أن تدخل به من نفع وإبداع على بلادهم.
كما أن العمالة الاجتماعية في النظم الإدارية تتمثل بتوظيف أكبر عدد من العاملين ليس من منطلق الحاجة إلى إنتاجهم بل لتفادي البطالة وهذا ما يتعارض تماماً مع نموذج بليك وموتون الإداري.
لقد طبقت المؤسسات الاجتماعية في الأردن وخاصة خلال الثلاثة عقود الأخيرة استراتيجيات وآليات جدية عملت على تقوية ودعم الأجهزة الإدارية على مستوى الأصعدة كلها وذلك بهدف معالجة الفجوة الإدارية فيما بين مختلف القدرات والإمكانات المتاحة ما لزم ذلك لتحقيق أهداف التنمية من خلال إكساب الجهاز الإداري السمات العصرية في الإدارة ويظهر ذلك من خلال إنشاء وزارات جديدة في الدولة والعمل على إعادة تنظيم بعض الوزارات والإدارات المختلفة وذلك بالتنسيق مع إنشاء مؤسسات وإدارات تابعة لوزارات قائمة أو جديدة مع تفاوت كبير في درجات الاستغلال وذلك بالإضافة إلى إنشاء مؤسسات تعليمية وشركات ومشاريع اقتصادية كبرى وحيوية أعطي لها قدر كاف من الاستقلالية وحرية التصرف.
ظهر التطوير الإداري كتقنية إدارية حديثة في الأول من كانون الأول لعام 1991 وخاصة بعد خطاب جلالة الملك الحسين بن طلال في خطاب العرش السامي حيث يتناول التطوير مجالات متنوعة منها التأكيد على وظائف المتابعة والتقييم وتقديم الحوافز، إلا أن التطوير التنظيمي واجه بعض المشكلات في التطبيق كما ورد آنفا نظراً لحداثة علمه فأبرز مشكلاته تكمن في عدم مقدرة الإدارات الحكومية على تنفيذ مشاريع خطط التطوير بالكفاءة المطلوبة كما أن المؤسسات تعجز عن إدارة وتنظيم وتنفيذ بعض مشاريع التنمية الحديثة يكمل ذلك عدم فهم بعض القادة الإداريين لتوجيهات واتجاهات التنمية بالتكيف مع المعطيات الجديدة واعقد تلك المشكلات ظهور جيل جديد تماماً من القادة الإداريين وصلوا فعلا إلى أعلى درجات الهرم الإداري لاعتبارات أخرى (اللوزي، 2001).
وبما أن المؤسسات الأكاديمية من صنع المجتمع المحيط فيه تمثل أعلى قمة في الهرم التعليمي ليس لكونها قمة مراحل النظام التعليم التربية وحسب بل لأنها تحمل على عاتقها مسؤولية كبيرو وهامة من إعداد وصياغة وتكوين المجتمع علمياً وثقافياً وفكرياً وقيمياً.
فالعالم في الوقت الحاضر يتغير ويتطور بشكل متزايدة في مجالات الحياة المختلفة، السياسية والاقتصادية والتقنية والاجتماعية "فلسفة المجتمع واتجاهاته"، ومن أبرز التطورات الثورة المعلوماتية وتطور الاتصالات وظهور الأسواق العالمية الحرة، وتشكل هذه التغيرات والتطورات وما يرافقها من زيادة رغبات الناس وطموحاتهم في الحصول على النتاجات المنوي تحقيقها والخدمات وزيادة التنافس على الموارد المتاحة، وتحديات أخرى متجددة للإدارة العامة، فهذه التحديات تتطلب إجراء عمليات تطوير جوهرية تتميز بالاستمرارية في الهياكل والمهارات والقدرات، ومستوى الأداء وجاهزية عالية للتوصل الى معايير الإنجاز، ومن هنا زاد اهتمام العديد من دول العالم بالتطوير التنظيمي لاسيما في العقود الثلاثة، وذلك من خلال إنشاء هيئات تطوير وإصلاح إداري ولجان متخصصة، وتبني استراتيجيات ومداخل مختلفة تضمن للإدارة العامة الفاعلية في تعاملها مع التغيرات السريعة في البيئة الإدارية التي أصبحت هي الدافع وراء حتمية وضرورة التطوير التنظيمي (القريوتي2000).
ويعتبر التطوير التنظيمي أحد أهم مكونات العملية الإدارية والتي تتطلب تحديث وتحسين في مستوى الأداء وعلى كافة الأصعدة، نظراً للأهمية البالغة للتطوير سواء بالنسبة للمجتمع بأسره أم بالنسبة للأجيال التي تتطلب إعداد متقن ما أمكن ذلك للمنظمات، فذلك يُكسب التطوير والتحديث الإدارة أهميه بالغة الضرورة، وخصوصاً إذا ما علمنا أن العالم بأسره يمر بثورة علمية وتكنولوجيا هائلة تتطلب اللحاق بها ومجاراتها بنظام إداري مؤسسي متميز يتمتع بكل العناصر والتي يمكن من خلالها خلق العمل الإداري الواعي والقادر على الاستفادة من هذا التقدم، بل والمساهمة فيه من خلال تطويعه لخدمة المجتمع الذي يوجد فيه أو ينتمي له، وحتى تخرج الإدارة العربية في الدول النامية من التقليدية والروتين والتي تتبع طرق وأساليب تبقيها بعيدة عن التقدم الحاصل في العملية الإدارية لا بد من تبني آليات واستراتيجيات عملية تتطلب تطوير وتحديث بحيث تتمكن الأدارات من خلال التطوير التنظيمي أن تؤسس للتطوير والتحديث والتغيير تبني ملموس لاسيما بما يتماشى مع التطور الحاصل في العالم و في كل المجالات الحيوية.